تصرُّف الشريك دون الرُّجوع للآخر
هل يجوز للشُّركاء أن يتصرَّف طرفٌ دون الرُّجوع للآخر؟
مع العلم أنَّ الطَّرف الآخَر غير راض وغير موافق.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالشَّرِكة جائزةٌ بالكِتاب والسنَّة والإجْماع؛ قال الله - تعالى -: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12]، وقال الله تعالى: {وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ} [ص: 24]، والخُلطاء: الشُّركاء.
وروى أحمد وأبو داود وابن ماجه عن السائب قال أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعلوا يثنون عليَّ ويذكروني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « » ، قلتُ: "صدقتَ بأبي أنت وأمي، كنتَ شَرِيكِى فنِعم الشَّرِيكُ كُنْتَ لاَ تُدَارِى وَلاَ تُمَارِى"، وقد حكى الإجْماعَ على جوازِ الشَّركة في الجُملة غيرُ واحدٍ من أهل العلم.
أمَّا تصرُّف أحد الشُّركاء دون الرُّجوع للآخَر، ومع غير رضاه، فلا يجوز؛ بل لا بدَّ من رضا الشَّريك.
قال ابن قدامة في "المغني": "ومن شرْطِ صحَّتها: أن يأْذَن كلُّ واحدٍ منْهُما لصاحبه في التصرُّف، فإن أذِن له مطلقًا في جَميع التِّجارات، تصرَّف فيها، وإن عيَّن له جنسًا أو نوعًا أو بلدًا، تصرَّف فيه دون غيرِه؛ لأنَّه متصرِّف بالإذن، فوقف عليه؛ كالوكيل، ويَجوز لكلِّ واحدٍ منْهُما أن يَبيع ويشتري مُساومةً ومُرابحةً، وتولية ومواضعة، وكيْف رأى المصلحة؛ لأنَّ هذا عادة التجَّار، وله أن يقبض المبيع والثَّمن، ويقبضهما، ويُخاصِم في الدَّين، ويُطالب به، ويُحيل، ويَحتال، ويردُّ بالعيب فيما ولِيَه هو، وفيما ولي صاحبه.
وقال: إن قال له الشَّريك: اعمل برأْيِك، جاز له أن يعمل كلَّ ما يقع في التِّجارة من الإبضاع والمضاربة بالمال والمشاركة به، وخلطه بماله والسَّفر به، والإيداع والرَّهن، والارتِهان والإقالة، ونحو ذلك؛ لأنَّه فوَّض إليه الرأْي في التصرُّف، الَّذي تقتضيه الشَّرِكة، فجاز له كلُّ ما هو من التِّجارة"،،
والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: