الحِكمة من مشروعيَّة الضَّمان

منذ 2015-12-13
السؤال:

ما الحكمة من مشروعيَّة الضمان؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

إنَّ الله - تعالى - قد شرع لعِبادِه ضمان المتلفات؛ حفظًا للحقوق، ورعايةً للعهود، وجبرًا للأضْرار، وزجرًا للجناة، وحدًّا للاعتداء، وقد وردتْ نصوص كثيرة تدلُّ على ضمان المتلفات الماليَّة ونحوها؛ قال تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [النحل: 126]، وعن أنس - رضِي الله تَعالى عنْه - قال: أهدَتْ بعضُ أزْواج النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - إلى النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - طعامًا في قصْعة، فضربتْ عائشةُ القصْعة بيدِها فألقت ما فيها، فقال النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «طعامٌ بطعام، وإناءٌ بإناء»؛ رواه البخاري والترمذي.

 أخرج أبو داود والترمذي من حديث سمرة بن جندب - رضِي الله تعالى عنْه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «على اليد ما أخذَتْ حتَّى تؤدي»؛ أي: ضمانَه.

 قال ابن القيم في "إعلام الموقعين": "ردَّ النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - عوضَ القصْعة الَّتي كسرتْها بعض أزواجِه قصعتَها نظيرها، وقال: «إناء بإناء وطعامٌ بطعام»، فسوَّى بينهما في الضمان، وهذا عين العدْل، ومحْض القياس، وتأويل القرآن، وقد نصَّ الإمام أحمد على هذا في مسائل إسحاق بن منصور، قال إسحاق: قلتُ لأحمد: قال سفيان: "مَن كسر شيئًا صحيحًا فقيمته صحيحًا"، فقال أحمد: "إن كان يوجد مثله فمثله، وإن كان لا يوجد مثله، فعليْه قيمته". اهـ.

 قال ابن القيم في "إعلام الموقعين عن رب العالمين" - (2 / 263):

"وربط الضمان بالإتلاف من باب ربط الأحكام بأسبابها ، وهو مقتضى العدل الذي لا تتم المصلحة إلا به ، كما أوجب على القاتل خطأ دية القتيل ؛ ولذلك لا يعتمد التكليف فيضمن الصبي والمجنون والنائم ما أتلفوه من الأموال ، وهذا من الشرائع العامة التي لا تتم مصالح الأمة إلا بها ؛ فلو لم يضمنوا جنايات أيديهم لأتلف بعضهم أموال بعض ، وادعى الخطأ وعدم القصد".

 وقد نقل غير واحد من أهل العلم إجماع الفقهاء على أنَّ الدِّماء والأموال مصونة في الشَّرع، وأنَّ الأصْل فيها الحظر، وأنَّه لا يحلُّ دم المسلم ولا يحل مالُه إلاَّ بحقّ، وأن من أتلف شيئًا، عليه ضمانه،،

والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام