توزيع لحم الخنزير
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب مسلم، أعمل في بلد غربي، في مخزن لتوزيع المواد الغذائية على الأسواق والمحلات التجارية؛ حيث نقوم بجمع هذه المواد وتعبئتها في الشاحنات؛ لتحمل إلى الأسواق، ومن بين المواد التي نجمعها: الخضراوات، والفواكه، والألبان، واللحوم... وأحياناً نتصادف مع زبون يطلب لحم الخنزير، أو مشتقاته؛ فنكون مضطرين إلى جمعها، وحملها على الشاحنات.
سؤالي هو: ما حكم الشرع في عملي هذا؟ مع العلم أن فرص العمل المتوفرة في المطاعم والمقاهي وغيرها تقدم أطباقاً تحتوي علي لحم خنزير.
فما حكم الإسلام في عملي هذا؟
جزاكم الله خيراً.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتحريم أكل لحم الخنزير معلوم من دين الإسلام بالضرورة؛ فقد دل عليه الكتاب، والسنة، والإجماع، ومن القواعد الشرعية المقررة عند أهل العلم أنه لا يجوز التعاون على فعل المحرم بأي وجه من الوجوه؛ فالتعاون على الحرام حرام؛ لقول الله تعالى:{وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2]، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الخمر: « »؛ رواه أبو داود، فلعن الله عز وجل كل هؤلاء؛ بسبب تعاونهم على هذا المنكر.
وفي معنى هذا كل من أعان على معصية؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: "وفي معنى هؤلاء كل بيع، أو إجارة، أو هبة، أو إعارة تعين على معصية إذا ظهر القصد، وإن جاز أن يزول قصد المعصية، مثل بيع السلاح للكفار، أو للبغاة، أو لقطاع الطريق، أو لأهل الفتنة.... إلى غير ذلك من المواضع؛ فإن ذلك قياس بطريق الأولى على عاصر الخمر، ومعلوم أن هذا إنما استحق اللعنة، وصارت إجارته وبيعه باطلاً إذا ظهر له أن المشتري أو المستأجر يريد التوصل بماله ونفعه إلى الحرام؛ فيدخل في قوله سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]".
وقال ابن قدامة في "المغني" - في فصل ما لا تجوز إجارته ، القسم الثاني ، ما منفعته محرمة -: "ولا يجوز الاستئجار على حمل الخمر لمن يشربها، ولا على حمل خنزير ولا ميتة لذلك".
وإذا تقرر هذا؛ فلا يجوز لك المشاركة في جمع أو حمل لحم الخنزير - أو مشتقاته - على تلك الشاحنات، كما يجب عليك الاقتصار على حمل وجمع وتعبئة الخضراوات والفواكه والألبان، وما شابه من المباحات، فإن تعذر عليك ذلك؛ وجب عليك ترك العمل.
واعلم حفظك الله: أنك لن تدع شيئا اتقاءً لله عز وجل؛ إلا أعطاك الله خيراً منه؛ كما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسند أحمد، وقال الله عز وجل:{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:2-3]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « »؛ رواه عبد الرزاق في "مصنفه"، والبزار في "مسنده".
والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: