أرباح غير معلومة المصدر

منذ 2018-07-17

أعطيت أموالى لتاجر لاستثمارها مقابل نسبة ربح و اكتشفت بعد استرداد أموالى و الأرباح أن هذا التاجر كان له أنشطة تجارية متعددة وكلها حلال ما عدا نشاط تجارى واحد حرام و أنا لا أعرف إن كانت أموالى دخلت فى الأنشطة الحلال أم فى ذلك النشاط الحرام لأن ذلك التاجر قد مات.

السؤال:

أعطيت أموالى لتاجر لاستثمارها مقابل نسبة ربح و اكتشفت بعد استرداد أموالى و الأرباح أن هذا التاجر كان له أنشطة تجارية متعددة وكلها حلال ما عدا نشاط تجارى واحد حرام و أنا لا أعرف إن كانت أموالى دخلت فى الأنشطة الحلال أم فى ذلك النشاط الحرام لأن ذلك التاجر قد مات.

فهل الأرباح التى أخذتها حلال أم حرام؟

أرجو أن تكون الإجابة محددة لأنى لا أستطيع الأخذ بالأحوط و شكرا لسعة صدر فضيلتكم.

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فإن كان الحال كما ذكرت أنك لم تكن تعلم أن التاجر الذي يضارب في مالك له نشاط محرم، فيجزو لك الانتفاع بالمال؛ لأن الأصل أن من يجهل تحريم شيء ليس عليه إثم في الاستفادة؛ فالله تعالى من رحمته أنه لا يؤاخذ أحدًا إلا بعد البلاغ، ما لم يكن مفرطًا في التعلم والسؤال، لقوله تعالى:  {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16].

فالله تعالى أباح الانتفاع بالمال المكتسب من الربا لمن كان جاهلاً بتحريمه، ولم يوجب عليه إخراج هذه الأموال قال الله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 275]؛ قال الإمام ابن كثير في تفسيره (1/ 547):

"أي من بلغه نهي الله عن الربا فانتهى حال وصول الشرع إليه، فله ما سلف من المعاملة، لقوله: {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} [المائدة: 95]، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: «وكل ربا في الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين، وأول ربا أضع ربا العباس»، ولم يأمرهم برد الزيادات المأخوذة في حال الجاهلية، بل عفا عما سلف، كما قال تعالى: {فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 275]، قال سعيد بن جبير والسدي: فله ما سلف ما كان أكل من الربا قبل التحريم". اهـ.

وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية فقال في المستدرك على مجموع الفتاوى (4/ 77):

"ومن كسب مالاً حرامًا برضاء الدافع ثم تاب: كثمن خمر ومهر البغي وحلوان الكاهن فالذي يتلخص من كلام أبي العباس أن القابض إذا لم يعلم التحريم ثم علم جاز له أكله. وإن علم التحريم أولاً ثم تاب فإنه يتصدق به. كما نص عليه أحمد في حامل الخمر. وللفقير أكله، ولولي الأمر أن يعطيه أعوانه. وإن كان فقيرًا أخذ هو كفايته له".. اهـ.

وعليه، فيجوز لك الانتفاع بجميع المال المقبوض،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام