حكم تزويج الولي الأبعد مع وجود الولي الأقرب
أرملة أرادت الزواج ، فأخبرت والدها ، لم يمانع من حيث المبدأ ، وطلب أن يلتقي المتقدم ويعرف عنه ويسأل عنه...الخ ، أي حسب الأصول عندنا. لكنها بينت لوالدها أن من سيخطبها عراقي ، يصغرها بسنوات ، وحاليا موجود في مصر ولا يستطيع القدوم الا بعد الزواج وإخراج تصريح إقامة له... هنا رفض الوالد مبررا أنه لن يرميها لمن لا يعرف ..
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من خير . أتمنى افتائي حول : أرملة أرادت الزواج ، فأخبرت والدها ، لم يمانع من حيث المبدأ ، وطلب أن يلتقي المتقدم ويعرف عنه ويسأل عنه...الخ ، أي حسب الأصول عندنا. لكنها بينت لوالدها أن من سيخطبها عراقي ، يصغرها بسنوات ، وحاليا موجود في مصر ولا يستطيع القدوم الا بعد الزواج وإخراج تصريح إقامة له... هنا رفض الوالد مبررا أنه لن يرميها لمن لا يعرف ، فغضبت ابنته . ابنته الأرملة تقيم في بيت مستقل مع أبنائها. وعلم الوالد بعد فترة بأنها سافرت مع ابنها الكبير (مضى من عمره قرابة ال 35 عاما ) ، سافرت إلى مصر ، وتزوجت هناك . يسأل والدها : هي من بلد شافعي المذهب ، و في مصر تزوجت على المذهب الحنفي ، وخاطبها لسنا متأكدين من مذهبه أو حتى إن كان من السنة اساسا. هل زواجها حلال ؟ من الولي لها ، ولدها ام أبيها؟ ما تبعات ما قامت به؟ جزاكم الله خيرا.
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن أحقُّ النَّاس بِولايةِ المرْأَةِ هو أبوها، ثُمَّ أبوهُ وإنْ علا، ثم ابنُها، ثُمَّ ابنُه وإنْ سفل، ثُمَّ أخوها الشَّقيق، ثُمَّ الأخُ لأبٍ، ثم أولادُهم وإن سفلوا، ثُمَّ العمُّ، فالأقْرَبُ فالأقْرَبُ في الميراث من العصبة.
وللولِيِّ شروطٌ من أهَمِّها: البلوغ والعقل والعدالة - ولو ظاهرًا - والرُّشد مع كونه عالمًا بِمصالح مُوَلِّيتِه، وإذا كان الأقْرَب ليس أهلًا للولاية انتقلتْ إلى مَنْ بعده، وإن سقطتْ ولايتهم جميعًا لكُفْرٍ أو إعْضالٍ، فإنَّ السلطان هو الذي يزوِّجها، ويقومُ مقامه القاضي.
فإذا زوج الولي الأبعد مع وجود الأقرب وصلاحيته للولاية بتحقق الشروط السابق ذكرها فالنكاح باطل في قول جمهور الفقهاء، وقد حكى مذاهب الأئمة المنهاجي الشافعي في كتابه "جواهر العقود" (2/ 77) فقال:
"زوّج الولي الأبعد مع وجود الأقرب وقدرته على أن يعقد وهو من غير تشاح ولا عضل، فإن هذا العقد باطل عند الشافعي وأحمد، ويكون موقوفًا عند أبي حنيفة على الإجازة من الولي الأقرب، أو إن كانت الزوجة صغيرة فإلى أن تبلغ وتجيز. وعند مالك إذا زوج الأبعد من غير تشاح حصل من الولي الأقرب صح العقد"
وفي "الإرشاد إلى سبيل الرشاد" (ص: 269) - شافعي -
"ومتى زوج الولي الأبعد مع القدرة على الولي الأدنى، كان النكاح باطلًا.".
وقال في البيان والتحصيل (4/ 348) - مالك -:
"... ويأتي على مذهب من حمل حديث عمر على الترتيب في الوجوب ورأى للولي الأقرب إذا زوج الولي الأبعد الخيار في رد النكاح أو إمضائه، على ما حكى سحنون في المدونة عن جماعة من الرواة".
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (7/ 28):
"إذا زوجها الولي الأبعد، مع حضور الولي الأقرب، فأجابته إلى تزويجها من غير إذنه، لم يصح، وبهذا قال الشافعي. وقال مالك: يصح؛ لأن هذا ولي، فصح له أن يزوجها بإذنها كالأقرب. ولنا، أن هذا مستحق بالتعصيب، فلم يثبت للأبعد مع وجود الأقرب، كالميراث، وبهذا فارق القريب البعيد". اهـ.
إذا تقرر هذا فإن كان الحال كما ذكر السائل فالزواج باطل ويجب إعادة العقد بموافقة الأب ومباشرته للعقد، وما تم بينها هو نكاح شبهة يدرأ به الحد ويثبت به النسب،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: