أعاني من الكآبة والأرق فهل هو عقاب على السرقة؟
فالإيمان بقضاء الله وقدره هو ما ينجيك من تلك الهواجس، واليقين بأن الله تعالى لكمال علمه وحكمته ووضعه الأشياءَ مواضعها، {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]، فليس فى أفعاله خلل ولا عبث ولا فساد يسأل عنه كما يسأل المخلوق ..
في الحقيقة أنا في العمر 15 سنة سرقت من دار صديقتي بعض النقود في الحقيقة هي دائما كانت تصرر على التباهي أمامي بما تملك تشعرني انها هي الافضل ولم اعرف كيف تجرأت وسرقت والله ندمت ليلتها شر الندم ولم انم طوال الليل شعور بالندم والخوف رهيب المشكلة ان صديقتي تفطنت بنقص في نقودها فأخبرتني بذلك انكرت ولكن أصرت ان أحلف على القرآن حفلت بالكذب ولكن فيما بعد اعترفت وحلفت اني اخذت النقود في نفس اللحظة من ثم ارجعت نقودها والله من ذلك الوقت وأنا ندمت على فعلتي صديقتي أخبرت الجميع وفضحتني ولم تسترني و عنيت من ذلك كثيرا كل يوم ادعوا عليها لأنها فضحتني ارجعت لها نقودها ولكن فضحتني مر الوقت اليوم هي متزوجة ومستقرة وعندها ابناء ومرتاحة وانا لم يبقى لي الا الدعاء عليها لما لحقت بي ضرر مادي ومعنوي نعم انا أخطأ كنت بحاجة النقود وسرقت والله من ذلك اليوم لا اسرق ابدا ووعدت الله بذلك كنت انتظر ان الله سوف يعاقبها لما فعلت بي ولكن وجدتها سعيدة في حياتها متزوجة وانا مازلت هل الله يعاقبني انا ؟هل أبقى ادعي عليها !!!؟؟ بالله ماذا افعل !؟؟؟ هذا الموضوع سبب لي الكآبة والأرق والله تعبت والله لا استطيع ان استمر في حياتي بصفة عادية فارجوك ماذا افعل وشكرا على الاجابة
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فالإيمان بقضاء الله وقدره هو ما ينجيك من تلك الهواجس، واليقين بأن الله تعالى لكمال علمه وحكمته ووضعه الأشياءَ مواضعها، {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23]، فليس فى أفعاله خلل ولا عبث ولا فساد يسأل عنه كما يسأل المخلوق، وهو الفعال لما يريد، ولا يفعل إلا ما هو خير ومصلحة ورحمة وحكمة، فلا يفعل الشر ولا الفساد ولا الجور ولا خلاف مقتضى حكمته، لكمال أسمائه وصفاته، وهو الغنى الحميد العليم الحكيم.
وما يتوجب عليك هو الصبر على أقدار الله المؤلمة، وفي ذلك من الثواب وعلو الدرجات، وتوفية الأجر بغير حساب، فعقل الإنسان الصغير يجعله يقتحم المقام الضنك، وينسى أن أحكام الرب تعالى نافذة في عبده، ماضية فيه، لا انفكاك له عنها، ولا حيلة له في دفعها، كما في الحديث الصحيح: "ماض في حكمك، عدل في قضاؤك"، فقضاؤه هو أمره الكوني، وهو عدل كله، غير ظالم لعبده، بل لا يخرج فيها عن موجب العدل والإحسان، كما قال تعالى: {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود: 56]، فإن الظلم سببه حاجة الظالم، أو جهله أو سفهه، ويستحيل أن يصدر ممن هو بكل شيء عليم، ومن هو غني عن كل شيء، وكل شيء فقير إليه، ومن هو أحكم الحاكمين، فلا تخرج ذرة من مقدوراته عن حكمته وحمده، كما لم تخرج عن قدرته ومشيئته، فحكمته نافذة حيث نفذت مشيئته وقدرته.
ولتحذري من التفكير في أفعال الله، فهو أصل الضلال؛ كما قال قال شيخ الإسلام في تائيته:
وأصل ضلال الخلق من كل فرقة ... هو الخوض في فعل الإله بعلة
فإنهم لما طلبوا علة أفعاله فأعجزهم العلم بها.
إذا تقرر هذا، فاستبدلي دعاءك على تلك الفتاة بالدعاء لنفسك بما تحبي من الخير، وأكثري من فعل الخيرات، ولا تتبعي أخبارها، وخذي العبرة مما سبق،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام