حكم الضحك على الغيبة

منذ 2019-03-06

فمن كره المنكر فقد برئ عن إثمه وعقوبته، وهذا في حق من لا يستطيع إنكاره بيده ولا لسانه، فليكرهه بقلبه ويبرأ، وقوله: "ولكن من رضى وتابع"، معناه ولكن الإثم والعقوبة على من رضى وتابع، فمن عجز عن إزالة المنكر لا يأثم بمجرد السكوت، وإنما يأثم بالرضا به، أو بأن لا يكرهه بقلبه أو بالمتابعة عليه.

السؤال:

ما هو حكم من ضحك بدون قصد على كلام فيه غيبة لشخص وثم نصحته بعدم العودة لتلك الغيبة

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فلا يحل للمسلم أن يتواجد في مكان الغيبة إلا أن ينكر على المغتاب، ويذكره بالله وبما ورد في الشريعة في شأن تلك الكبيرة، فإن لم يستجب له لزمه مغادرة المكان الذي هو فيه؛ لأن إنكار المنكر واجب ولا يجوز الجلوس مع من يتجرأ عليه؛ قال تعالى:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140].
وأما التبسم والضحك عند سماع هذا الكلام ، فإن كان عن رضا وقبول للمنكر فصاحبه شريك في الإثم؛ للآية السابقة: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}.

وفي الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري: أما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».

وفيه عبد الله بن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون، وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل»

وفيه عن أم سلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع» قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: «لا، ما صلوا»

فمن كره المنكر فقد برئ عن إثمه وعقوبته، وهذا في حق من لا يستطيع إنكاره بيده ولا لسانه، فليكرهه بقلبه ويبرأ،  وقوله: "ولكن من رضى وتابع"، معناه ولكن الإثم والعقوبة على من رضى وتابع، فمن عجز عن إزالة المنكر لا يأثم بمجرد السكوت، وإنما يأثم بالرضا به، أو بأن لا يكرهه بقلبه أو بالمتابعة عليه.

شرح النووي على مسلم (2/ 25)
وأما صفة النهي ومراتبه فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه فقوله صلى الله عليه وسلم فبقلبه معناه فليكرهه بقلبه وليس ذلك بإزالة وتغيير منه للمنكر ولكنه هو الذي في وسعه وقوله صلى الله عليه وسلم (وذلك أضعف الإيمان) معناه والله أعلم أقله ثمرة". 

وأما إن كان الضحك غلب على النفس بغير اختيار، أو هجم عليها رغمًا عنها، أو ضحك لشكل المستهزئ وطريقته، مع كراهة الغيبة، ولم يكن عن رضا لما يقول، فلا يعتبر شريكًا في المعصية، وإن كان يتعين مغادرة المكان إن استطاع، حتى لا يؤثر سلبًا على إنكار قلبك الذي لا إيمان بعده،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام