حكم لبس المرأة الفاخر من الثياب والمشجر والملون
فليس لباس المرأة المسلمة مجرد ما تختاره النساء وتشتهيه وتعتاده حتى تنضبط بضوابط اللِّباس الشَّرعي، فالمشجر والمزكرش لا يجوز للمرأة الخروج به أمام الرجال الأجانب وإن كان ثفيقًا فضفاضًا؛ لأنه زينة في نفسه، وكذلك الملون بألوان تحرك الرجال للنساء.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. لو سمحت يا شيخ ممكن توضحلنا اللبس الشرعي للمرأة وهل يجوز لبس الملابس الألوان أو المشجرة والمرسوم عليها ولا لا وهي فضفاض، وكذالك الحجاب. وشكراً لحضرتك .
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن من سعة رحمة رب العالمين وكمال حكمته أنه لم يفرض لحجاب المرأة المسلمة هيئة خاصة، ولا ألوان محددة، وإنما وضع شروطًا وضوابط ومواصفات للباس المرأة، فإن تحققت في أي لباس فثمّ الحجاب الشرعي، وإن تخلفت أو تخلّف بعضها فليس بشرعي، فمثلاً إن كان فضفاضًا سابغًا غير أنه زينةً في نفسه فليس بحجاب.
هذا؛ وسأذكر تلك الضوابط والشروط في نقاط ليسهل العمل بها:
1- أن يستر جميع البدن؛ قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 59] والجلباب ما يوضع فوق الثياب وتغطي به المرأة البدن كله من ملحفة وخمار وعباءة ونحو ذلك.
وقال تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31]، والزينة التي يحرم إبداؤها، جميع البدن، ولكن لما كانت الثياب الظاهرة لا بد لها نهيت المرأة عن الثياب الجميلة التي هي زينة في نفسه، والحلي، ولكن قوله تهالى {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} يستثني ظهور الثياب التي جرت العادة بلبسها بشرط ألا تدعو إلى الفتنة.
ومن أجمع الأحاديث الدالة على تحفظ المرأة من ظهور حجم جسمها في الحجاب ما رواه أحمد عن أسامة بن زيد قال: كساني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبطية كثيفة، كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي؛ فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم – "ما لك لم تلبس القبطية؟"، قلت: يا رسول الله، كسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مرها فلتجعل تحتها غِلالة؛ إني أخاف أن تصف حجم عظامها"؛ رواه أحمد.
2- أن لا يكون زينة في ذاته؛ بمعنى أن يخلو من الألوان والأشكال والزخارف؛ لقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}، وروى أحمد وأبو داود عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات»، أي غير متطيبات، يقال: امرأة تفلة إذا كانت متغيرة الريح، وإنما أمرن بذلك ونهين عن التطيب كما في رواية مسلم المتقدمة عن زينب امرأة ابن مسعود؛ لئلا يحركن الرجال بطيبهن، ويلحق بالطيب ما في معناه من المحركات لداعي الشهوة كحسن الملبس والتحلي الذي يظهر أثره والزينة الفاخرة، قاله الشوكاني في نيل الأوطار (3/ 157).
3- أن يكون صفيقًا لا يشف، وفضفاضًا لا يصف؛ ففي الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما؛ قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا".
قوله: "كاسيات عاريات"، أي تلبس ما لا يسترها، فهي كاسية وفي الحقيقة عارية، مثل من تكتسي الثوب الرقيق الذي يصف بشرتها؛ أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها مثل عجيزتها وساعدها ونحو ذلك، وإنما لباس المرأة ما يسترها فلا يبدي جسمها، ولا حجم أعضائها لكونه كثيفًا واسعًا.
4- أن لا يكون مبخرًا أو معطرًا.
5- أن لا يشبه لباس الرجال، أو لباس الكافرات أو الفاسقات.وقد استفاضت السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح وغيرها بلعن المتشبهات من النساء بالرجال، فليس المقصود مجرد حجب النساء وسترهن دون الفرق بينهن وبين الرجال والكافرات؛ الفارق أمر مقصود؛ ومن تأمل آية الحجاب علم ذلك؛ {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ}، وقوله تعالى:{وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33].
6- أن لا يكون لباس شهرة.
إذا تقرر هذا؛ فليس لباس المرأة المسلمة مجرد ما تختاره النساء وتشتهيه وتعتاده حتى تنضبط بضوابط اللِّباس الشَّرعي، فالمشجر والمزكرش لا يجوز للمرأة الخروج به أمام الرجال الأجانب وإن كان ثفيقًا فضفاضًا؛ لأنه زينة في نفسه، وكذلك الملون بألوان تحرك الرجال للنساء،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: