جدتي تطلب من أبنائها التنازل عن ميراثهم لها

منذ 2019-10-30

لا يجب عليه أن يتنازل عن ميراثه من أبيه لها، وليس هذا من العقوق.

السؤال:

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته بعد موت جدي عاشت جدتي في بيته باسمه سنين مرتاحة جدا و احيانا ياخدونها ابناءها الى بيوتهم للاعتناء بها و هي في سن يقارب 90 سنة و عنها 7ذكور و 5 بنات كلهم متزوجين اربعة منهم في فرنسا ولما راح ابي لزيارتها اليوم قال لها تعالي معي لبيتي قالت انا اريد ان توقع لي ليكون بيت ابوك باسمي و ساطلب من كل اخوتك ان يتنازلو ايضا و يوقعو ليصبح البيت ملكي فرفض ابي الفكرة نهائيا ويريد ان يبقى البيت على اسم ابوه كما مات وتركه لانها و الله اعلم بعد ان يوقعوا لها البيت ستكتبه لابنتها اي عمتي لانها قالت هذا مرة و اليوم قالت فقط لانها تريد اعادة ترميمه ويكون ملكها . هل لها الحق شرعا في طلبها ؟ وهل رفض ابي لطلبها من العقوق؟ وماذا نجيبها ان كان ليس لها الحق في هذا الطلب؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإنفاقُ الابن على الأُمِّ واجبٌ بالإجماع إذا لم يكن عندها ما يكفيها وكان الابن مستطيعًا؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ابدَأْ بنَفْسِكَ فتَصَدَّقْ عليهَا، فإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فلأَهلِكَ، فإِنْ فَضَلَ عن أَهْلِكَ شَيْءٌ فلِذي قرابَتِكَ"؛ رواهُ مسلم.

وقد نقل الإجماعَ ابْنُ المُنْذِر فقال: "أَجْمَع أهْلُ العلم على أنَّ نفقةَ الوالدَيْنِ الفقيريْنِ اللذَيْنِ لا كسبَ لهُما ولا مال واجبةٌ في مال الولد" انتهى.

واشتَرَطَ العُلماءُ لِوجوبِ الإنفاق على الأبوَيْنِ:

1- أن يَكونا فقيرَيْنِ لا مالَ لَهما ولا كسْب.

2- أن يكون الابْنُ قادرًا على الإنْفاق على والِديْهِ.

ولكن لا يعني هذا أن يتنازل الابن عن نصيبه في ميراثه من أبيه لأمه؛ لأن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، كما لا يجوز للأم أن تأخذ من ابنها لتعطي أخاه، وقد نصّ أهل العلم على هذا.

قال ابن قدامة - رحمه الله - في كتابه "المغني" شارحًا هذه المسألة: "وَلأَبٍ أَن يَأخُذَ مِن مَالِ وَلَدِه مَا شَاء، ويتَمَلَّكَهُ، مَعَ حَاجَةِ الأَبِ إلى مَا يَأخُذُه، وَمَعَ عَدمها، صَغِيرًا كانَ الوَلَدُ أَو كبيرًا، بِشَرطيْنِ؛ أَحَدُهُما: أَنْ لا يُجْحِفَ بِالابْنِ، وَلا يَضُرَّ بِهِ، ولا يَأخُذَ شَيئًا تَعَلَّقتْ بِهِ حَاجَتُهُ.

الثَّانِي: أَن لا يَأْخُذَ مِن مَالِ وَلَدِهِ فَيُعْطِيَهُ الآخَرَ؛ نَصَّ عَلَيْه أَحْمَدُ.. وَذَلِكَ لأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِن تَخْصِيصِ بَعْضِ وَلَدِهِ بِالعَطِيَّةِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فلأَنْ يُمْنَعَ مِن تَخْصِيصِهِ بِمَا أَخَذَ مِن مَالِ وَلَدِه الآخَرِ أَوْلَى". اهـ.

إذا تقرر هذا؛ فيجب على الابن النفقة على أمه إنْ كان قادرًا على إعانة أُمِّه، وكانتِ الأمُّ في حاجة إلى النفقة أوْ نَحوِها من الأمور الضروريَّة.

وأمَّا إذا كانت الأمُّ غنيَّة، أو عندها ما يَكفيها فلا يجب عليْهِ أن يُنفقَ عليها، وإن كان ذلك مندوبًا؛ قيامًا بِحَقِّ البِرِّ والصلة، وطمعًا في الثواب والأجر، وجلبًا لمحبة الأم ورِضاها، كما لا يجب عليه أن يتنازل عن ميراثه من أبيه لها، وليس هذا من العقوق،، والله أعلم

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام