عندمـا ينبطح الطغــاة !
لا أدري.. غيـر أنيّ تذكـرتُ قولَهُ تعالى عن فرعون: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} [يونس: 92]، وأنـا أرى فرعون مصر يُؤتـي ( ببدنـه)! على نقّالـه، ويوضع فـي قفـص، كأنـَّه موميـاء، تعلوه الذلـَّة، وعلى وجهه قتـرة، لايحـرّك إلاّ شفتيـه : ( حاضر أفنـدم!)..
لا أدري.. غيـر أنيّ تذكـرتُ قولَهُ تعالى عن فرعون: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} [يونس: 92]، وأنـا أرى فرعون مصر يُؤتـي ( ببدنـه)! على نقّالـه، ويوضع فـي قفـص، كأنـَّه موميـاء، تعلوه الذلـَّة، وعلى وجهه قتـرة، لايحـرّك إلاّ شفتيـه : ( حاضر أفنـدم!).
وكذلك أراد الله أن تكون آخـر صورة له ( منبطحا ) أمام شعبه، وأمام أمته، وأمام العالم، لأنه طيلة سنوات عمره، كان يعمل على هدف واحد فحسب، هو أن يجعل هذه الأمـَّة منبطحـة لأعدائها، بل لأشدّ الناس عداوة لها، اليهود، ثـمّ الجزاء من جنس العمل، حتى إنه لم يأسف عليه إلاّ الصهاينة!
فسبحانك اللهمّ، مصرِّف الآيات، {وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ} [غافر: 81].
نعـم.. أراد الله أن يجعل انبطاحـه آية لمن خلفه من الطغاة الذين سيتكبكبون في مهاوي الخزي بإذن الله قريبـا، كلّهم سواء، لا يُستثنى منهم أحـد، إذ هـم جميعا لم يصنعوا إلاّ إذلال أمـتنا، وتمريـغ أنفها في الرغـام.
أراد الله أن يكـون انبطاحـُهُ عبـرةً لهـم، أنَّ انبطاحهم لأمريكا - الآخـذة بالانهيـار السريع، وترك حلفائها يلقون مصيرهم أمام شعوبهـم الغاضبـة - لن ينفعهـم، يوم يحـرّك الله شعوبهم، فينزع من قلوبها الخـوف من سياط زعمائهـم وزبانيتهـم، ويلقـي الرعب في صدور الطغـاة!
غير أنَّهم عن آيات ربهـِّم لغافلـون، تصديقا لقول الحق سبحانه: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لاَ يُؤْمِنُوا بِهَا، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 146].
وعلى رأس هؤلاء الذين عن آيات الله غافلون، طاغيـة الشام، المستكبر على الله، الذي {اسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَـقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ} [القصص: 39].
لقد أسرف في سفك الدماء، وأطلق العنان لآلة القتل الوحشية التي ما أعدها والله إلاّ لذبح المسلمين، لتدمـِّر المدن السورية، وتهشم عظام الشعب، وتزهـق الأرواح، وتسحـق كلَّ ما أمامـها، لاترقب في الشعب الأعـزل إلاَّ ولا ذمـّة!
حتى أخـذ هـو وجنوده يعتدون على بيوت الله، ويمنعون مساجد الله أن يُذكـر فيها اسمـُه، ويسعون في خرابها، ويسفكون الدم الحرام فيها، معلنين كفرهم، مجاهريـن بتمرّدهم على خالق السموات والأرض.
وقد قال الحق سبحانه : {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ، وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 114].
ولقـد توعـَّد الله تعالى أن يكونَ لهم في الدنيا قبل الآخـرة عذاب، وهو الخزي، وذلك ما سيحيق ببشارَ وحزبه، فسيحلّ عليهم الخزي العظيم، ويحيط بهم العـار، وسيجعلهم الله تعالى عبـرةً للعالميـن بإذن الله تعالى.
وسيكون شركاؤُه في هذا الخزي، المتحالفين معه على إجرامهـم الذي تقشعـرُّ منه الأبدان، وتشيب له الولدان، أعني مجرمـي نظام طهـران، جنود إبليس الأكبـر الخامنئي الذي يسمـّى نفسه (إمام المسلمين)! وهو لـم يزل يمكـر بالإسلام والمسلمين، ويشـرب دماءَهم صبوحـه، وغبوقـه!
ثـمّ إبليس الأوسـط المالكي! وأمّا الأصغـر فهو (أرقوزهـم) حسن نصـر، هذه الجمرات الثلاث التي ستُرمى وشيكا بإذن الله.
وهم يمدُّون طاغيـة الشـام في إجرامه، ثم لايقصّـرون، ذلك أنهم يعلمون أنَّ انتفاضة الشعب السوري ستطيح بأحلامهم التي ملأ بها الشيطان رؤوسَهم السقيمة، أن يهيمنوا على العالم الإسلامي، ليحوِّلوه إلى (ولاية فقيههم) ناهـب أموال الخمس، المتمتع بالعذارى، الحاقد على النبيَّ العربيّ، والقرآن العربيّ، والصحابة العـرب، وتاريخ الإسلام الأوَّل الذي صنعه العـرب.
يسـتر هذا الحـقد الشعوبي المريض، باسم أهل البيت، وأهلُ بيت النبوّة الأطهـار بـراءٌ من هؤلاء المجرميـن الأفّاكين السفلـة.
نعـم.. سينبطح بشار أمام شعبه، بهذه الثورة الشامية المباركة، مثلمـا انبطح فرعون مصر، كمـا أرادوا أن يبطحوا شعوبهـم، وسينبطح مع بشّار زبانيته مع بوطيـّه - بطّ الله رأسه - ثـمّ ستجري بإذن الله عملية (تحوُّل إنبطاح) كبيـرة بإذن الله من الشعوب إلى الطغـاة، ومع الطغـاة سينبطح الفكر الانبطاحـي، ملحق الطغـاة الديني الذي هو شريك لهم كامل الشراكـة في كلّ ما اقترفـوه في حـقّ الأمـّة.
وذلك أنَّ الأسباب الموضوعية التي أدت إلى زوال من مضى من الطغاة، هي بعينها فيمن بقـي، وكذلك الأسباب التي أدت إلى الثورات السالفة، هي نفسها متوفـّرة في بقية الشعـوب التي تنتظـر دورها.
ولا ريبَ أنَّ كـلَّ ما ستحمله الأيام للأمـّة في مستقبلها بشارات الخير، وإرهاصات النهضة، ومقدمـات التحوُّل الأكبـر.
وما هذه الدماء الزكيـّة التي تهراق إلاّ الغيـث الذي سينـبت هذه الأمـّة من جديد، ويعـيد إليها مجـدها التليد، بنهـجها الرشيد السديد.
وإليكم صورة المستقبل - والله أعلم - طـال أم قصُـر الزمـن، ستسقط هذه الأنظمـة كلُّها، وستتغيـَّر، وسترقـى شعوبُنا بزوالهـا، وستعـود نهضتها، وسيكون لتركيـا دورٌ رئيس ومشـرِّف، وستتبوّأ مبادىء الإسلام محلاّ عظيما في هذه المرحـلة الثوريـّة، ثم سيعظـم هذا المحـلّ المبارك شيئا فشيئا، حتى يستوي على عرشه فيهيمن، ويسيـّر الأمـّة، ثـم يلتئم لهذه الأمـّة شـأنٌ عظيـم، وقوةٌ لا يستهان بها.
وستسقط أمريكا، وسيولـِّي محـور النفاق الصفوي بمكـره، سيولـّي الأدبـار، إلى غيـر رجعـة، وسيرتـدُّ مركز الصليبية إلى أوربـا، وسيزداد تعصُّـبا، وستتغيـَّر خارطة قوى العالـم بحيث يكون الإسلام في مركـزه، في صراعات دولية جديـدة على هذا الأساس، ثـمّ يديل الله ما شاء من الأيـّام بين الناس.
هذا ونسأل الله أن يكتـب لنا أجـر جهاد إرجاع الإسلام إلى عـزِّه، ويخـتم لنا بالشهادة في سبيله.
والله سبحانه هو مولانا، وهو حسبنا، عليـه توكّلـنا، وعليه فليتوكّـل المتوكّـلون.
08/08/2011 م
حامد بن عبد الله العلي
أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية
- التصنيف:
- المصدر: