عشر فوائد في صيام الست من شوال

منذ 2012-08-28

عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها». [رواه ابن ماجه (1715)].


الكـاتب: إحسان بن محمد العتيبي

قال البخاري (1849): حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا يحيى عن أبي سلمة قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: "كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان".

قال يحيى: الشغل من النبي أو بالنبي صلى الله عليه وسلم. وقال مسلم (1146): حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا زهير حدثنا يحيى بن سعيد عن أبي سلمة قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: "كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان، الشغل من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو برسول الله صلى الله عليه وسلم".

وحدثنا إسحق بن إبراهيم أخبرنا بشر بن عمر الزهراني حدثني سليمان بن بلال حدثنا يحيى بن سعيد بهذا الإسناد غير أنه قال: "وذلك لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم". وحدثنيه محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج حدثني يحيى بن سعيد بهذا الإسناد وقال: "فظننت أن ذلك لمكانها من النبي صلى الله عليه وسلم" يحيى يقوله. وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب ح وحدثنا عمرو الناقد حدثنا سفيان كلاهما عن يحيى بهذا الإسناد ولم يذكرا في الحديث: "الشغل برسول الله صلى الله عليه وسلم".


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

1- ثبت بما لا مزيد عليه من كلام الحافظ ابن حجر، وأيده جمع من العلماء مثل ابن القيم والألباني أن زيادة " لمكان أو للشغل من رسول الله صلى الله عليه وسلم" مُدرجة من قول يحيى بن سعيد الأنصاري، وهو الذي ذكره البخاري ومسلم في روايتهما للحديث.


2- وعليه: فالتعليل بها لبيان تأخير القضاء إنما هو من اجتهاده لا من قولها.


3- وتعليله غير صحيح، فأمنا عائشة رضي الله عنها ليس لها إلا ليلتين في أواخر أيامه صلى الله عليه وسلم وسبعة أيام لباقي نسائه، فهو ليس لها وحدها. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من الصوم في يوم عائشة وفي يوم غيرها، فلم يكن ذلك ليمنعها من الصوم.


4- أما أنها كانت تصوم الست من شوال فمما لا دليل عليه، وليس لإحسان الظن بها ها هنا مجال! بل إن من إحسان الظن بها أنها لم تكن لتؤخر فرضها وتقدم عليه النافلة.


5- وقد ثبت عن بعض السلف أنه لم يكن يصوم الست من شوال لعدم علمه بالحديث، وبعضهم كان يمنع منه خشية اعتقاد الناس أنه من الواجبات، ولا مانع أنه لم تكن أمنا عائشة على علم بهذا الحديث. قال الإمام مالك: "ما رأيتُ أحداً من أهل العلم يصومها!!". ومن أحسن الظن بها هنا واستبعد عدم علمها بذلك فليقل ذلك في كل حديث فيه فضيلة أنه لم يكن ليخفى عليها!


6- وأما معنى قولها: "فلم أكن أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان": فهو أنها لا تستطيع شرعاً! قضاؤه إلا في ذلك الوقت لا لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من صوم ذلك الشهر! بل لأن وقت القضاء ينتهي في ذلك الشهر! وهو الذي رجحه الحبر البحر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.


7- وصيام الست من شوال قبل القضاء لا يحصِّل فيه العبد أجر صيام الدهر أي: السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر» [متفق عليه].


8- وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى، وأن المقصود بالحديث هو مضاعفة الحسنات إلى عشر أمثالها. عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها». [رواه ابن ماجه (1715)].

وعليه: فكيف سيكون حساب من صام من رمضان (25) يوماً -مثلاً- ثم أتبعه ستاً من شوال قبل القضاء؟! ومعلوم أنه من لم يتم صوم الشهر ثم صام الست قبل القضاء؛ فلا يصدق عليه الحديث لأنه لم يصم رمضان!!


9- وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "لا يقبل الله نافلة حتى تؤدى فريضة"، فننزه أمنا عائشة أن تتقرب إلى الله بنافلة قبل فريضة من الجنس نفسه!


10- ونطمئن من أحب الخير وحرص عليه أنه يمكنه تحصيل الأجر نفسه، وهو صيام الدهر، بعمل غيره ولعله أيسر منه! وهو صيام ثلاثة أيام من كل شهر.

وفي مسند أحمد (15157) عن معاوية بن أبي قرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر وإفطاره». والحديث: صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (2806).

ثم من فضل الله وجدت ما قلته هنا عن الإمام عبد الله بن المبارك حيث قال: هو حسن -أي: صيام الست من شوال- هو مثل صيام ثلاثة أيام من كل شهر (سنن الترمذي (759)).


ملاحظة على الفائدة العاشرة:

هنالك فرق بين أجر صيام الدهر الوارد في حديث الست من شوال، وحديث «من صام ثلاثة أيام من كل شهر كان كصيام الدهر» وهو:

أن أجر الأول: هو أجر الفرض المضاعف، بمعنى أن له أجر صيام رمضان في العام كله.

وأجر الثاني: هو أجر النافلة المضاعف، بمعنى أن له أجر صيام نافلة في العام كله.


هذه النقول فيها ما ذكرته في مسألة ثواب الست من شوال والفرق بينه وبين صيام ثلاثة أيام من كل شهر، والحمد لله على توفيقه:

1- في (تحفة المحتاج) (3 / 457، 458).

و(ستة) في نسخة (ست) بلا تاء كما في الحديث وعليها فسوغ حذفها حذف المعدود (من شوال)؛ لأنها مع صيام رمضان أي: جميعه وإلا لم يحصل الفضل الآتي وإن أفطر لعذر كصيام الدهر رواه مسلم أي: لأن الحسنة بعشر أمثالها كما جاء مفسرًا في رواية سندها حسن ولفظها "صيام رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام أي: من شوال بشهرين فذلك صيام السنة" أي: مثل صيامها بلا مضاعفة نظير ما قالوه في خبر "{قُلْ هُوَ الله أَحْد} [الإخلاص:1] تعدل ثلث القرآن" وأشباهه، والمراد ثواب الفرض وإلا لم يكن لخصوصية ستة شوال معنى؛ إذ من صام مع رمضان ستة غيرها يحصل له ثواب الدهر لما تقرر فلا تتميز تلك إلا بذلك، وحاصله أن من صامها مع رمضان كل سنة تكون كصيام الدهر فرضاً بلا مضاعفة ومن صام ستة غيرها كذلك تكون كصيامه نفلًا بلا مضاعفة كما أن يصوم ثلاثة من كل شهر تحصله أيضاً.


2- وفي (حاشية الجمل) (2 / 351، 352).

(وستة من شوال) لخبر مسلم: «من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر»، وخبر النسائي: «صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام أي من شوال بشهرين فذلك صيام السنة» أي: كصيامها فرضاً وإلا فلا يختص ذلك بما ذكر لأن الحسنة بعشر أمثالها (واتصالها) بيوم العيد (أفضل) مبادرة للعبادة وتعبيري باتصالها أولى من تعبيره بتتابعها لشموله الإتيان بها متتابعة وعقب العيد.


3- وفي (مطالب أولي النهي) (2 / 215).

و سن صوم ستة أيام (من شوال)، ولو متفرقة، (والأولى تتابعها)، وكونها (عقب العيد، إلا لمانع، كقضاء) ونذر، (وصائمها)، أي: الستة من شوال (مع رمضان)، أي: بعده، (كأنما صام الدهر) فرضاً، كما في (اللطائف) وذلك لما رَوى أبو أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان، وأتبعه ستا من شوال، فكأنما صام الدهر» [رواه أبو داود والترمذي، وحسنه].


4- وفي (الموسوعة الفقهية) (28 / 93).

وصرح الشافعية، والحنابلة: بأن صوم ستة أيام من شوال -بعد رمضان- يعدل صيام سنة فرضاً، وإلا فلا يختص ذلك برمضان وستة من شوال، لأن الحسنة بعشرة أمثالها.

[مع التنبيه على تخريج الحديث في كتاب (مطالب أولي النهي) فهو في (مسلم) من حديث أبي أيوب رضي الله عنه].

فالحمد لله.
 

  • 9
  • 1
  • 15,872

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً