كيف كنا في رمضان؟ وكيف أصبحنا؟

منذ 2012-09-06

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ» (متفق عليه).


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد انتهى رمضان وفاز فيه من فاز وخسر فيه من خسر، ندعو الله أن نكون من الفائزين المقبولين الذين غفر الله ذنبهم، وتقبل أعمالهم، وأعتق من النار رقابهم. اللهم آمين.

شهر رمضان كان ميدانًا لتنافس الصالحين بأعمالهم، ومجالاً لتسابق المحسنين بإحسانهم، وعاملُ تهذيبٍ للنفوس المؤمنة؛ روَّضها على الفضيلة، وارتفع بها عن الرذيلة.

وبعد انتهاء رمضان ربما يعود البعضُ إلى التكاسلِ عن بعضِ الطاعاتِ أو الرجوعِ إلى بعضِ الذنوبِ والعياذ بالله، بل هناك من أنكرَ قلبه بالفعل، وتغيرت أحوالُه وضعُفَ إيمانه، وفترت همته وأغلق مصحفه، وترك صلاة القيام، بل وضيَّع صلاة الجماعة؛ لا سيما صلاة الفجر، وغير ذلك من أنواع الضعف والفتور السريع، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فكان لا بد من وقفةٍ معَ النفسِ... كان لا بد من تذكرةٍ لعمومِ المسلمين بصفةٍ عامةٍ، والإخوة الملتزمين بصفةٍ خاصةٍ.

أولاً: الدعاء بالثبات:
لا بد من الدعاء بالثبات، فقد كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستعاذة من «الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ» (رواه مسلم)، يَعْنِي: مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى النُّقْصَانِ بَعْدَ الزيادة. وقيل: من فساد أمورنا بعد صلاحها، وأعوذ بك من المعصية بعد الإيمان.

وكان من دعائه أيضًا: «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ» (رواه أحمد والنسائي وابن حبان، وقال الألباني في الصحيحة: إسناده جيد)، والثبات في الأمر أي: على الطاعة والتمسك بدين الله عز وجل. فينبغي على العبد أن يسأل الله عز وجل الثبات على الأمر، والأمر هو طاعة الله عز وجل والتمسك بدينه.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني). وكان يقول: «اللهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ» (رواه مسلم).

وقال تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99]، فمن سار في طريق العبادة إلى الله عز وجل لا يقف، ولا يلتفت؛ لأنه لو فعل ذلك انقطع عنه الخير، فينبغي عليه أن يداوم على طاعة الله عز وجل، وكان أحب العمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أدومه وإن قل، وكان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديمة، أي: إذا عمل شيئًا من الخير يداوم عليه، فالله عز وجل يحب أن يديم فضله، وأن يوالي إحسانه؛ فيحب من العبد أن يداوم على طاعته حتى يدوم عليه الفضل من الله، وحتى لا ينقطع عنه الخير منه عز وجل.

فيحتاج العبد إلى الثبات على الأمر وهو في الدنيا، قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت: 30]، قال بعض السلف: "الذين قالوا: رَبُّنَا اللَّهُ كثير، والذين استقاموا قليل".

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يخطب النّاس على المنبر: "{الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا} فقال: استقاموا على طريقة الله بطاعته، ثمّ لم يروغوا روّغان الثعالب".

وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: "يعني أخلصوا العمل لله". وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "أدوا الفرائض". وقال ابن عباس: "استقاموا على أداء فرائضه".

وكان الحسن إذا قرأ هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} يقول: "اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة".

فينبغي على العبد أن يداوم على طاعة الله، فهذا هو الثبات في الأمر، قال الله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا. وَإِذًا لآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا . وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا . وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا . ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} [النساء: 66- 70].

فالعبد إذا فعل ما أمر الله عز وجل به وما أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم فهو على خير، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء: 66]، فالعبد إذا أطاع الله عز وجل ثبته الله على طاعته، فمن تهاون في تنفيذ أوامر الله ومن عصى الله عز وجل فقد أسباب الثبات.

قال عز وجل: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} أي: في الدنيا والآخرة. {وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} على طاعة الله عز وجل وعلى طريق الله عز وجل.

ثانيًا: الدعاء بالقبول:
لا بد أن نهتم بمسالة القبول، عن علي رضي الله عنه قال: "كُونُوا لقبول العمل أشدَّ اهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعُوا الله عز وجل يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27]". وكان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: "يا ليت شعري من هذا المقبول منَّا فنهنيه، ومن هذا المحروم فنعزيه، أيها المقبول هنيئًا لك، أيها المردود جبر الله مصيبتك".

وعن فضالةَ قال: "لأن أعلم أن الله تقبل مني مثقال حبةِ خردلٍ، أحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها، لأن الله تعالى يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} المائدة: 27".

وقال مالك بنُ دينار: "الخوفُ على العمل أن لا يُقبل أشدُّ من العمل". وتدبر قول الله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127]، أي: واذكر إبراهيم وإسماعيل، في حالة رفعهما القواعد من البيت الأساس، واستمرارهما على هذا العمل العظيم، وكيف كانت حالهما من الخوف والرجاء، حتى إنهما مع هذا العمل دعوا الله أن يتقبل منهما عملهما، حتى يجعل فيه النفع العميم.

ثالثًا: الثبات على الثوابت الإيمانية التي حافظنا عليها في رمضان:
الثبات على صلاة الجماعة في المسجد: فصلاة الجماعة واجبة، قال تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43]، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص لابن أم مكتوم وهو أعمى وكان رجلاً ضعيفًا شاسع الدار، وذلك لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً» (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).

والدليل على أن التخلف عن الجماعة من صفات المنافقين أيضا أو من النفاق العملي ما ثبت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث يُنادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، وإنكم لو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق". والأدلة على ذلك كثيرة.

ومن الثوابت أيضًا: قراءة القرآن: فكثير من المسلمين ختم القرآن في شهر رمضان مرات عديدة، وللأسف منهم من أغلق المصحف بعد رمضان! عَنِ ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحِبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلْيَقْرَأْ فِي الْمُصْحَفِ» (رواه البيهقي وأبو نعيم في الحلية، وحسنه الألباني).

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: «قلت يا رسول الله أوصني. فقال: أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّهُ رَأْسُ الأَمْرِ كُلِّهِ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي، قَالَ: عَلَيْكَ بِتِلاوَةِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ نُورٌ لَكَ فِي الأَرْضِ، وَذُخْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ» (روه ابن حبان، وقال الألباني: حسن لغيره).

ويروى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال: "لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله عز وجل". ويروى عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله: "لا يسأل أحدكم عن نفسه إلا القرآن، فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله، وإن كان يبغض القرآن فهو يبغض الله ورسوله". فالقرآن نور لنا في الدنيا، ونور لنا في القلب، ونور لنا في القبر، ونور لنا في الآخرة.

وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تحاجان عَن صَاحبهمَا» (رواه مسلم).

وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ: الْبَقَرَةَ، وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ» (رواه مسلم). (الْبَطَلَةَ): أي السحرة.

ومن الثوابت التي حافظنا عليها في شهر رمضان المبارك: الصيام: فلماذا نترك الصوم في غير رمضان، والصوم من الأعمال التي تضاعف أضعافاً لا تدخل تحت حصر، ولا يحصيها إلا الذي يجزي بها، ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي» (رواه مسلم).

والسر في كون الصائم يُعطى من غير تقدير أن الصوم من الصبر، والصابرون يوفون أجورهم بغير حساب، قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].

قال القرطبي رحمه الله: "وقال أهل العلم: كل أجر يكال كيلاً، ويوزن وزنًا إلا الصوم، فإنه يحثى ويغرف غرفًا". وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلا بَاعَدَ اللهُ، بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» (متفق عليه). وفي الحديث: «من صَامَ رَمَضَان ثمَّ أتبعه سِتا من شَوَّال كَانَ كصيام الدَّهْر» (رواه مسلم).

ومن الثوابت أيضًا: قيام الليل: فيا ليتنا نحافظ على قيام الليل؛ حتى ولو بقصار السور، ثم نرتقي تدريجيًّا، قال الله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا . وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 63، 64]. وقال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزمر: 9].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتانِي جِبْرِيلُ فقالَ: يَا مُحَمَّدُ عِشْ مَا شِئْتَ فإنَّكَ مَيِّتٌ وأحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فإنَّكَ مُفارِقُهُ، واعْمَلْ مَا شِئْتَ فإنَّكَ مَجزِيٌّ بِهِ، واعْلَمْ أنَّ شَرَفَ المُؤمِنِ قِيامُهُ باللَّيْلِ، وعِزُّهُ اسْتَغناؤهُ عنِ النَّاسِ» (رواه الطبراني والحاكم، وحسنه الألباني).

وكان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في القادسية يمر على خيام الأبطال والمجاهدين، فإذا رأى خيمة قام أهلها للصلاة، يقول سعد: "من هنا يأتي النصر إن شاء الله".

وكان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله يمر على جنوده فينظر، إن رآهم في قيام الليل وقراءة القرآن وذكر الله، قال: من هنا يأتي النصر، وإن مر عليهم فوجدهم يمرحون ويلعبون قال: من هنا تأتي الهزيمة.

ومن العتاب على ترك قيام الليل: قوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: «يَا عَبْدَ اللَّهِ، لا تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ» (متفق عليه).

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ» (متفق عليه). قَالَ سَالِمٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللهِ، بَعْدَ ذَلِكَ، لا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلا قَلِيلاً. والأحاديث والآثار في ذلك كثيرة.

ومن الثوابت أيضًا: إخراج الصدقات والزكوات وإطعام الفقراء من المسلمين: فيا ليتنا نستمر على ذلك، قال الله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]، وقال تعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: 177]، وقال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ» (متفق عليه).

فماذا لو تعاملنا مع العام كله كأنه رمضان؟ كيف كنا في رمضان؟! وكيف أصبحنا الآن؟!

ماذا لو حافظنا على ثوابت الإيمان؟!

ماذا لو كان شعارنا ربانيون لا رمضانيون؟!

عباد الله... من كان يعبد رمضان فإن رمضان انتهى وفات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


زين العابدين كامل

9 شوال 1433هـ - 26 أغسطس 2012 م
 

  • 6
  • 0
  • 11,614

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً