الحوار مع الرئيس محمد مرسي

منذ 2012-10-28

عندما تجلس مع الرئيس محمد مرسي وهو يفتح قلبه ويحدثك بشفافية تشعر على الفور بالتعاطف السياسي معه، تشعر بالثقة أنك أمام شخصية محبة لهذا الوطن وحريصة على إنقاذه ومصرة على ذلك أيضًا، كما تمتلئ يقينًا بأنك أمام شخصية وطنية نظيفة ومثقلة بهم الإصلاح ونهضة الوطن.


مساء الأحد كنت أتلقى اتصالاً من مكتب وزير الإعلام مفاده أن السيد الرئيس يرغب في مقابلتك غدًا الأثنين بقصر الاتحادية، مع تحديد الوقت بدقة، وفي الموعد كنت هناك لأجد سبعة من الإعلاميين المصريين اجتمعنا مع الرئيس محمد مرسي في قاعة صغيرة لأن العدد كان صغيرًا، وقد أتاح اللقاء المصغر الفرصة للاستماع جيدًا لما يطرحه الرئيس، وأيضا وهو الأهم، الفرصة الجيدة للحديث إليه ونقل وجهات النظر، كنا قريبًا من صلاة العصر، ولم أجد صعوبة في إدراك أن الرئيس "صائم" هذا اليوم، من ملامح الصائمين التي تدركها بالخبرة، وعندما أتت الضيافة لم يكن أمامه شيء ولا كوب ماء، وقدمت المشروبات للجميع إلا هو، لم يتناول أي شيء طوال اللقاء.

بدا الرئيس في قمة بساطته وتواضعه، ولكن أيضًا كان في حال من الثقة والاطمئنان شديد الوضوح، كان الهدف من اللقاء أساسًا أن يضع الإعلاميين أمام مسؤولياتهم، وأن يبلغهم بأنهم شركاء في المسؤولية وفي بناء الوطن الجديد وفي صناعة النهضة، كان في كلامه إشارات لحجم المعاناة التي يعانيها وخاصة في مجال الاقتصاد، وأشار إلى أن المرحلة السابقة كانت فيها البلد وشركاته ومصانعه وأراضيه تباع سرًا وبأبخس الأثمان وأسوأ العقود بتواطؤ السلطة السياسية، وأن هناك تراثًا كئيبًا وثقيلاً وعميقًا وواسع النطاق لهذا "الفساد"، وأنه -كرئيس للجمهوريةـ معني بحفظ حقوق الدولة والوطن في كل جنيه، وبلا استثناء، ولكنه سيظل محترمًا للقانون وللعقود ولن يلجأ لأي إجراءات استثنائية، لأنه يريد أن يرسل رسالة إلى الداخل والخارج بأن مصر دولة مؤسسات ودولة قانون، وأن دولة الرجل الواحد والقرار الواحد قد انتهت، وأكد أن الأدوات القانونية ناجزة لحفظ حقوق الوطن واسترداد ما خالف العقود والقوانين منها ولكنها تحتاج إلى وقت، سنصبر معها فيه، أشار أيضًا إلى الاحتجاجات الفئوية مؤكدًا أنها تثقل كاهل الدولة وقدراتها ولكنه رغم ذلك يستجيب لبعض الحالات التي لا يمكن تأجيلها.

تحدث أيضًا عن حساسيات عالية جدًا لما يتعلق بالعلاقات الدولية، وخاصة ما يتعلق بالعلاقات مع "إسرائيل"، وقال إنه لم يلتق مسؤولاً رفيعًا في شرق العالم أو غربه أو هاتفه إلا وحدثه عن هذا الموضوع تحديدًا، كان يقول ذلك في معرض رده على الجدل الذي انتشر بخصوص الرسالة التي أرسلت إلى الرئيس "الإسرائيلي"، مؤكدًا أن هذه الرسالة بروتوكولية، ومنذ عشرين عامًا لا يتغير فيها أي حرف أو حتى فاصلة، فقط يتغير اسم الرئيس الموضوع أعلاها، ولم يحدث أن نشرت هذه الرسالة على الإعلام من قبل فلماذا اهتمّوا بنشرها اليوم؟! كانت الرسالة التي يريد أن يوصلها مفهومة ولا تحتاج لشرح.

تحدث جميع الحاضرين واستمع الرئيس باهتمام وإنصات بالغين، وعندما جاء دوري في الكلام قلت له ثلاث نقاط باختصار شديد، الأولى أن معركته الأساسية هي مع الفساد الذي تحول لمؤسسة لها أذرع مالية وسياسية وإعلامية هائلة، وأنه لن ينتصر أو يحقق شيئًا ما لم يحقق النصر في هذه المعركة تحديدًا، والثانية أن مسألة اللجوء إلى قوانين استثنائية أو إجراءات استثنائية تحت أي ظرف هو خط أحمر، لأنها إن حلت مشكلة حالية فإنها مدمرة على المستوى الاستراتيجي وعلى فكرة الدولة وثبات القانون والاطمئنان له، والثالثة أن هناك فجوة حقيقية بين مؤسسة الرئاسة وبين الإعلام الوطني، رغم وجود عدد من الإعلاميين كمستشارين، إلا أننا في كثير من المواقف لا نجد من يعطي المعلومة الصحيحة أو يشرح أو يوضح، باستثناء بيانات موجزة وشكلية إلى حد كبير لا تصلح لمساعدة الإعلام الوطني في تجلية صورة ما حدث.

عندما تجلس مع الرئيس محمد مرسي وهو يفتح قلبه ويحدثك بشفافية تشعر على الفور بالتعاطف السياسي معه، تشعر بالثقة أنك أمام شخصية محبة لهذا الوطن وحريصة على إنقاذه ومصرة على ذلك أيضًا، كما تمتلئ يقينًا بأنك أمام شخصية وطنية نظيفة ومثقلة بهم الإصلاح ونهضة الوطن.


جمال سلطان

[email protected]

23 أكتوبر 2012 م
 

المصدر: موقع جريدة المصريون
  • 30
  • 0
  • 1,080

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً