اليهود في القرآن
منذ 2005-04-28
{ <span style="color: maroon">وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ</span> }
الحمد لله العليم الخبير، فصَّل لنا سبحانه في الكتاب كل كبير وصغير،
أحمده سبحانه وأشكره على عطائه الوفير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له يعلم النقير والقطمير، وأشهد أن نبينا وسيدنا وحبيبنا
محمداً عبد الله ورسوله المصطفى الأمين صلى الله وعلى آله وصحبه ومن
سار على النهج إلى يوم الدين. أمابعد:
فاتقوا الله عباد الله فهي أساس البصيرة في الدنيا والدين يقول ربكم جل وعلا: { يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [الأنفال:29].
معاشر من آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً إن من فضل الله علينا وعليكم وعلى أمة الإسلام أجمعين أن أنزل لنا هذا الكتاب المبارك -القرآن- فيه حل لكل مشكلاتنا وفيه إخبار لنا بكل ما يسعدنا ويشقينا كتاب كامل عجيب، كيف لا وهو كلام الرب الصانع لهذا الكون العليم بكل خفاياه ودقائقه والذي يقول فيه سبحانه واصفاً له: { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } [الأنعام:38].
وما ذلت أمة الإسلام وما تخبطت هذا التخبط وما ضاعت في صحراء هذا التيه إلا يوم أن وضعت كتاب ربها وراء ظهرها وأخذت تبحث لها عن منهج ودستور عند الآخرين فصدق عليها قول رب العالمين:{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } [طه:124].
أمة القرآن، ومن القضايا التي فصل لنا فيها تفصيلاً كثيراً ووضحها لنا بجلاء لعظم خطرها، قضية هذه الطائفة النجسة المجرمة، طائفة اليهود ثم إخوانهم من النصارى، و شرع لنا من حكمته جل شأنه أن نتعوذ في كل ركعة من صلاتنا من طريق اليهود والنصارى: { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ الضَّآلِّينَ }.
وذلك حتى تظل قضية تميز العبد المسلم عن هاتين الطائفتين المنحرفتين حاضرة في ذهنه، فيظل متيقظ الحس لمكرهما، حذراً من كيدهما. ومن عرف اليهود على حقيقتهم التي جاء بها الكتاب وجاءت بها السنة، لم يفاجأ بما حدث ويحدث منهم خلال الأيام الماضية مع إخواننا في فلسطين، اليهود قوم أهل كذب وافتراء يجري الكذب في دمائهم ويتردد مع أنفاسهم ومن خستهم وحقارتهم أنهم كذبوا على خالقهم كذبوا على رب العالمين جل جلاله نسبوا للواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد الولد أخبرنا الله عن ذلك بقوله: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } [التوبة:30] ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، فكيف تثق أمة القرآن في وعودهم أو في كلامهم؟ اليهود وصفوا ربهم بأوصاف قبيحة قذرة، يتعفف العبد أن يصف بها عبد مثله!
واستمعوا لذلك يخبركم به رب العالمين: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ } [المائدة:64].
وصفوا الله الذي بيده خزائن السموات والأرض سبحانه بالفقر، ونسبوا الغنى لأنفسهم، فردّ الله عليهم قولهم في الكتاب بقوله: { لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ } [آل عمران:181].
فأمة تطاولت على رب العالمين بهذه الفرية القبيحة، أنتعجّب من تطاولها على بشر من البشر؟ اليهود كذبوا كذبة وافتروا فرية وصدّقوها وروجوا لها في العالم، فرد الله عليهم فريتهم ودحضها في كتابه يوم أن قال: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَللَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } [المائدة:18].
اليهود قتلة، سفّاكون للدماء، فما يتعجب المرء مما يعملوه في إخواننا اليوم، فهم قد تجرؤا وسفكوا دماء أنبيائهم، فهل يتورّعون عن قتل المسلمين؟ فقد قتلوا عدداً من الأنبياء وحاولوا قتل عيسى بن مريم فنجاه الله من كيدهم: { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } [النساء:157].
أرأيتم يا أمة الإسلام، لم يكتفوا بمحاولة القتل بل أخذوا يتفاخرون بعملهم الإجرامي وهم قد قتلوا شبيهاً له، وقد حاولوا نفس المحاولة مع نبينا صلى الله عليه وسلم، يوم أن جاءته اليهودية بكتف الشاة المسمومة، فحفظه الله من مكرهم وكيدهم، وهاهم اليوم يقتلون إخواننا في فلسطين.
ووالله الذي لا إله إلا هو لو قدروا على أن يقتلوا أمة الإسلام بأكملها لفعلوا وما توانوا في ذلك !
اليهود قوم خونة لا يوفون بعهد ولا ميثاق فهم لم يوفوا بعهودهم مع ربهم، وقد بيّن الله لنا ذلك في أكثر من موضع من كتابه، وأن ما نزل بهم من عقوبات كان بسبب نقضهم للعهود { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مَّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } [النساء:155].
اليهود تجرءوا على كتاب ربهم فحرّفوه وبدلوه عن علم { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظَّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ } [المائدة:13].
{ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } [النساء:46].
فقوم هذه حالهم حرفوا كتاب ربهم ألا يحرفون عهودهم ومواثيقهم مع عباده؟ اليهود قوم أهل إفساد في الأرض، يشعلون الحروب ليشغلوا البشرية بها عن كشف حقيقتهم.
وصفهم الله بذلك بقوله : { كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ } [المائدة:64].
اليهود قوم جبناء لا يستطيعون المواجهة المباشرة، وإنما يتترسون خلف حصونهم وأسلحتهم ولا يستطيعون المواجهة طويلة الأمد.
وصفهم لنا ربنا في كتابه بقوله: { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ .. } [البقرة:96].
وبقوله جل شأنه: { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } [الحشر:14].
اليهود قوم متفرّقون مهما بدا للبادي أنهم صف واحد؛ أخبرنا بذلك العليم الخبير بقوله: { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ }.
وبقوله:{ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } [المائدة:64].
اليهود صدوا عن سبيل الله وأكلوا الربا الذي حرمه الله فاستحقوا العقوبة.
يقول الله تعالى: { فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً. وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [النساء:160-161].
يهود تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلعنهم الله في كتابه على لسان أنبيائه فقال: { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ.كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ .تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ } [ المائدة:78-80].
{ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ } [المائدة:82].
الخطبة الثانية
الحمد لله ولي المتقين وناصر المظلومين ومجيب دعوة المضطرين، أحمده سبحانه وأشكره وعد بنصر عباده المؤمنين ولو بعد حين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله، النبي المصطفى الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على النهج إلى يوم الدين. أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله وثقوا بنصر ربكم لأمة الإسلام، وأنه قريب متى ما عادت هذه الأمة إلى ربها تلكم سنة ربانية قررها الله في كتابه يوم أن قال: { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } [البقرة:214].
وبقوله: { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَآءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ } [يوسف:110].
وبقوله: { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا } [الشرح:5-6].
ولكن لا بد من أن يكون لنا دور عملي في القضية؛ لا بد أن نشرح لأبنائنا ونعلمهم من هم اليهود من خلال الكتاب والسنة حتى لا تميل أنفسهم إليهم في يوم من الأيام، وينبغي أن نعلمهم أنهم لا يمكن أن يتغيروا مهما تغير الزمان والظروف؛ فيهود اليوم هم نسخة من يهود الأمس، ولذلك فصل الله لنا أمرهم في الكتاب الخالد، ثم نبعد أبناءنا عن نقط التناقض بين ما يعتقدونه وما يقرؤونه في كتاب ربهم وبين واقعهم العملي، فنقول لهم كيف تقولون في كل ركعة { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم.صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ الضَّآلِّينَ } ، وأنتم تحملون في رؤوسكم بعض الأفكار التي يروّجون لها، وعلى رؤوسكم قصات شعر تتشبهون بهم، وعلى أجسادكم ملابس تحاكي ملابسهم، وفي بطونكم من إنتاجهم، وهكذا..، أليس هذا من التناقض العجيب..؟
فاتقوا الله عباد الله فهي أساس البصيرة في الدنيا والدين يقول ربكم جل وعلا: { يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [الأنفال:29].
معاشر من آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً إن من فضل الله علينا وعليكم وعلى أمة الإسلام أجمعين أن أنزل لنا هذا الكتاب المبارك -القرآن- فيه حل لكل مشكلاتنا وفيه إخبار لنا بكل ما يسعدنا ويشقينا كتاب كامل عجيب، كيف لا وهو كلام الرب الصانع لهذا الكون العليم بكل خفاياه ودقائقه والذي يقول فيه سبحانه واصفاً له: { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } [الأنعام:38].
وما ذلت أمة الإسلام وما تخبطت هذا التخبط وما ضاعت في صحراء هذا التيه إلا يوم أن وضعت كتاب ربها وراء ظهرها وأخذت تبحث لها عن منهج ودستور عند الآخرين فصدق عليها قول رب العالمين:{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً } [طه:124].
أمة القرآن، ومن القضايا التي فصل لنا فيها تفصيلاً كثيراً ووضحها لنا بجلاء لعظم خطرها، قضية هذه الطائفة النجسة المجرمة، طائفة اليهود ثم إخوانهم من النصارى، و شرع لنا من حكمته جل شأنه أن نتعوذ في كل ركعة من صلاتنا من طريق اليهود والنصارى: { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ الضَّآلِّينَ }.
وذلك حتى تظل قضية تميز العبد المسلم عن هاتين الطائفتين المنحرفتين حاضرة في ذهنه، فيظل متيقظ الحس لمكرهما، حذراً من كيدهما. ومن عرف اليهود على حقيقتهم التي جاء بها الكتاب وجاءت بها السنة، لم يفاجأ بما حدث ويحدث منهم خلال الأيام الماضية مع إخواننا في فلسطين، اليهود قوم أهل كذب وافتراء يجري الكذب في دمائهم ويتردد مع أنفاسهم ومن خستهم وحقارتهم أنهم كذبوا على خالقهم كذبوا على رب العالمين جل جلاله نسبوا للواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد الولد أخبرنا الله عن ذلك بقوله: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } [التوبة:30] ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، فكيف تثق أمة القرآن في وعودهم أو في كلامهم؟ اليهود وصفوا ربهم بأوصاف قبيحة قذرة، يتعفف العبد أن يصف بها عبد مثله!
واستمعوا لذلك يخبركم به رب العالمين: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ } [المائدة:64].
وصفوا الله الذي بيده خزائن السموات والأرض سبحانه بالفقر، ونسبوا الغنى لأنفسهم، فردّ الله عليهم قولهم في الكتاب بقوله: { لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ } [آل عمران:181].
فأمة تطاولت على رب العالمين بهذه الفرية القبيحة، أنتعجّب من تطاولها على بشر من البشر؟ اليهود كذبوا كذبة وافتروا فرية وصدّقوها وروجوا لها في العالم، فرد الله عليهم فريتهم ودحضها في كتابه يوم أن قال: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَللَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } [المائدة:18].
اليهود قتلة، سفّاكون للدماء، فما يتعجب المرء مما يعملوه في إخواننا اليوم، فهم قد تجرؤا وسفكوا دماء أنبيائهم، فهل يتورّعون عن قتل المسلمين؟ فقد قتلوا عدداً من الأنبياء وحاولوا قتل عيسى بن مريم فنجاه الله من كيدهم: { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } [النساء:157].
أرأيتم يا أمة الإسلام، لم يكتفوا بمحاولة القتل بل أخذوا يتفاخرون بعملهم الإجرامي وهم قد قتلوا شبيهاً له، وقد حاولوا نفس المحاولة مع نبينا صلى الله عليه وسلم، يوم أن جاءته اليهودية بكتف الشاة المسمومة، فحفظه الله من مكرهم وكيدهم، وهاهم اليوم يقتلون إخواننا في فلسطين.
ووالله الذي لا إله إلا هو لو قدروا على أن يقتلوا أمة الإسلام بأكملها لفعلوا وما توانوا في ذلك !
اليهود قوم خونة لا يوفون بعهد ولا ميثاق فهم لم يوفوا بعهودهم مع ربهم، وقد بيّن الله لنا ذلك في أكثر من موضع من كتابه، وأن ما نزل بهم من عقوبات كان بسبب نقضهم للعهود { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مَّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } [النساء:155].
اليهود تجرءوا على كتاب ربهم فحرّفوه وبدلوه عن علم { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظَّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ } [المائدة:13].
{ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } [النساء:46].
فقوم هذه حالهم حرفوا كتاب ربهم ألا يحرفون عهودهم ومواثيقهم مع عباده؟ اليهود قوم أهل إفساد في الأرض، يشعلون الحروب ليشغلوا البشرية بها عن كشف حقيقتهم.
وصفهم الله بذلك بقوله : { كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ } [المائدة:64].
اليهود قوم جبناء لا يستطيعون المواجهة المباشرة، وإنما يتترسون خلف حصونهم وأسلحتهم ولا يستطيعون المواجهة طويلة الأمد.
وصفهم لنا ربنا في كتابه بقوله: { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ .. } [البقرة:96].
وبقوله جل شأنه: { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ } [الحشر:14].
اليهود قوم متفرّقون مهما بدا للبادي أنهم صف واحد؛ أخبرنا بذلك العليم الخبير بقوله: { بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ }.
وبقوله:{ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } [المائدة:64].
اليهود صدوا عن سبيل الله وأكلوا الربا الذي حرمه الله فاستحقوا العقوبة.
يقول الله تعالى: { فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً. وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [النساء:160-161].
يهود تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلعنهم الله في كتابه على لسان أنبيائه فقال: { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ.كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ .تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ } [ المائدة:78-80].
{ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ } [المائدة:82].
الخطبة الثانية
الحمد لله ولي المتقين وناصر المظلومين ومجيب دعوة المضطرين، أحمده سبحانه وأشكره وعد بنصر عباده المؤمنين ولو بعد حين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله، النبي المصطفى الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على النهج إلى يوم الدين. أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله وثقوا بنصر ربكم لأمة الإسلام، وأنه قريب متى ما عادت هذه الأمة إلى ربها تلكم سنة ربانية قررها الله في كتابه يوم أن قال: { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } [البقرة:214].
وبقوله: { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَآءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ } [يوسف:110].
وبقوله: { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرا } [الشرح:5-6].
ولكن لا بد من أن يكون لنا دور عملي في القضية؛ لا بد أن نشرح لأبنائنا ونعلمهم من هم اليهود من خلال الكتاب والسنة حتى لا تميل أنفسهم إليهم في يوم من الأيام، وينبغي أن نعلمهم أنهم لا يمكن أن يتغيروا مهما تغير الزمان والظروف؛ فيهود اليوم هم نسخة من يهود الأمس، ولذلك فصل الله لنا أمرهم في الكتاب الخالد، ثم نبعد أبناءنا عن نقط التناقض بين ما يعتقدونه وما يقرؤونه في كتاب ربهم وبين واقعهم العملي، فنقول لهم كيف تقولون في كل ركعة { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم.صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ الضَّآلِّينَ } ، وأنتم تحملون في رؤوسكم بعض الأفكار التي يروّجون لها، وعلى رؤوسكم قصات شعر تتشبهون بهم، وعلى أجسادكم ملابس تحاكي ملابسهم، وفي بطونكم من إنتاجهم، وهكذا..، أليس هذا من التناقض العجيب..؟
المصدر: موقع صيد الفوائد
- التصنيف:
آيه محمد يوسف
منذ