انتفاضة سنة العراق

منذ 2012-12-31

لقد خرج الآلاف من السنة في مدينتي (الرمادي، وسامراء) احتجاجًا على حكومة (المالكي) وطالبوا بوقف استهداف السنة في البلاد، ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها: "ثورة ضد الظلم والاستبداد"، و "جماهير الأنبار تستنكر استهداف الرموز السياسية والدينية السنية"..


تحمل أهل السنة في العراق الكثير منذ غزو البلاد على أيدي القوات الأمريكية وحلفائها من الغرب، الذين جاءوا لحماية مصادر طاقتهم ومصدر قوتهم، وليضعوا أقدامهم في رمال الذهب الأسود لإحكام السيطرة على المنطقة التي تموج بالتقلبات والصراعات..

كان أول ضحايا الاحتلال هم أهل السنة الذين تم حسابهم زورًا وبهتانًا على صدام حسين وحكمه، في افتراء واضح وكذب متعمد، رغم أن حكم البعث كان لا يفرق بين سني وشيعي في التعذيب والاضطهاد وكتم الأنفاس.

وكان الهدف من وراء ذلك إبعادهم والتنكيل بهم وتسليم البلاد للشيعة وأوليائهم في إيران، الذين ساعدوا الاحتلال للتخلص من عدوهم اللدود في العراق، ولإتاحة الفرصة لها للتمدد والتوسع وتنفيذ مخططات إعادة (الإمبراطورية الفارسية) والسيطرة على دول المنطقة بالترهيب وزرع الفتن؛ حتى لا تجد دول الخليج سوى الغرب للجوء إليه ويظل متواجدًا طول الوقت في المنطقة.

قاوم أهل السنة الاحتلال بشدة وكبدوه خسائر ضخمة، واستعان الاحتلال بالشيعة وبعض القبائل لمواجهة المقاومة وتشويه صورتها، وعندما فقد الأمل في القضاء عليها زعم أنه سينسحب ويترك البلاد لأهلها لكي يحكموها، وعمل على تنظيم انتخابات سيطر من خلالها الشيعة على أغلب المناصب الهامة، بعد أن كانوا استغلوا الفرصة لتقوية صفوفهم وتهجير السنة وتخويفهم عن طريق مليشياتهم المسلحة التي عاثت فسادًا تحت سمع وبصر الاحتلال، ومهدت الأرض أمام الشيعة للاستيلاء على الحكم..

وتحولت العراق إلى لبنان أخرى يتم تشكيل حكومتها في الخارج وبموافقة إيران التي أصرت على (نوري المالكي) لإكمال تصفية أهل السنة وتقليم أظافرهم عن طريق القضاء على جميع قياداتهم السياسية، حتى التي وافقت على الانخراط في الحكومة المشبوهة..!

بدأ المالكي بنائبه (طارق الهاشمي) حيث وجه له اتهامات بالإرهاب وحكم عليه بالإعدام، ثم استدار على وزير المالية السني فألقى القبض على مجموعة من حراسة بنفس التهم تمهيدًا لاتهامه فيما بعد والتخلص منه، كما تخلص من الهاشمي الذي فر هاربا إلى تركيا.

إلا أن أهل السنة هذه المرة فاض بهم الكيل وقرروا الوقوف أمام هذا المخطط المحكم للقضاء عليهم، وتحويلهم إلى أقلية منبوذة مثل أهل السنة في إيران والمسلمين في بورما، وقد يأتي الوقت لتسحب منهم الجنسية ويطلب منهم البحث عن دولة أخرى ليستقروا فيها كلاجئين.

لقد خرج الآلاف من السنة في مدينتي (الرمادي، وسامراء) احتجاجًا على حكومة (المالكي) وطالبوا بوقف استهداف السنة في البلاد، وقطعوا الطريق الدولي السريع شمالي (الرمادي) ودعوا لإسقاط نظام المالكي، وأكدوا أن احتجاجاتهم ستستمر حتى يزول نظام المالكي الخائن والمجرم عميل دولة المجوس، وأعلنت مدينة سامراء العصيان المدني تضامنًا مع أهالي الأنبار ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها: "ثورة ضد الظلم والاستبداد"، و "جماهير الأنبار تستنكر استهداف الرموز السياسية والدينية السنية"..

وشاركت وفود أتت من إقليم كردستان ورفعت لافتات مناهضة للحكومة كتب على إحداها: "أهالي كردستان يتضامنون مع أهالي الأنبار"، كما دعوا لتنظيم مظاهرات حاشدة اليوم الجمعة ضد الحكومة الطائفية، وحذروا من اللجوء للمقاومة المسلحة ضدها، وطالبوا بإلغاء قوانين: (مكافحة الإرهاب) التي تستهدف السنة بشكل خاص.

وكانت حكومة المالكي قد نفذت الإعدام في مئات العراقيين والعرب السنة خلال الفترة الماضية بدعوى المشاركة في أعمال إرهابية، حكومة المالكي تصر على العناد مراهنة على انشغال المجتمع الدولي بقضية سوريا، ولكنها تتجاهل أن أهل السنة في العراق يستلهمون من أحداث سوريا وما صنعه بشار الأسد في إخوانهم هناك للانتفاض مبكرًا على ظلم المالكي قبل أن يزداد تمكنه ويصعب التخلص منه.

إن الحكم الطائفي البغيض يلفظ أنفاسه الأخيرة في سوريا، وهي رسالة لإيران ولتابعها المخلص (نوري المالكي) قبل أن تتحول العراق إلى سوريا جديدة، وتفقد طهران دولتين مواليتين في ضربة واحدة تقصم ظهرها.


خالد مصطفى
 

  • 1
  • 1
  • 2,040

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً