وفد رابطة علماء المسلمين لغزة يسعى لتقريب وجهات نظر الاتجاهات الفلسطينية..مسؤوليتنا كبيرة ونسعى لبذل طاقتنا

منذ 2013-01-05

فور عودة وفد رابطة علماء المسلمين، وعلى رأسهم أمينها فضيلة الأستاذ الدُّكتور الشَّيخ: ناصر العمر من زيارتهم لغزَّة، والتي استمرت أربعة أيام، كان لموقع "المسلم" لقاء مع الشَّيخ الدُّكتور: عبد الله بن راشد التميمي مستشار الأمين العام للرَّابطة، والذي حدَّثنا عن زيارة الوفد لغزَّة، وما حقَّقه الوفد من أهداف، والدُّروس المستفادة من زيارتهم لغزَّة بعد صمود أبنائها، وانتصارهم على عدوِّهم.


فور عودة وفد رابطة علماء المسلمين، وعلى رأسهم أمينها فضيلة الأستاذ الدُّكتور الشَّيخ: ناصر العمر من زيارتهم لغزَّة، والتي استمرت أربعة أيام، كان لموقع "المسلم" لقاء مع الشَّيخ الدُّكتور: عبد الله بن راشد التميمي مستشار الأمين العام للرَّابطة، والذي حدَّثنا عن زيارة الوفد لغزَّة، وما حقَّقه الوفد من أهداف، والدُّروس المستفادة من زيارتهم لغزَّة بعد صمود أبنائها، وانتصارهم على عدوِّهم.

- بداية، لو تحدِّثنا عن زيارتكم لغزَّة ونتائجها ؟. وكيف كان أثر هذه الزِّيارة على المسؤولين؟

- أحمد الله عزَّ وجلَّ، أن يسَّر لنا ولإخواننا في رابطة علماء المسلمين تلك الزِّيارة، والتي كنا نتوق لها منذ فترة ليست بالقصيرة، لكن! حال بيننا وبين تحقيق ذلك الكثير من المعوِّقات، ولكن! فور زوال تلك المعوِّقات، وأصبحت الفرصة سانحة، سارعنا نحن في الرَّابطة إلى استغلال هذه الفرصة، لزيارة إخواننا في غزَّة، لنهنئهم بالانتصار الذي حقَّقوه على أعدائهم، ولنقف بجانبهم، ونشدَّ من أزرهم، ونقول لهم: إنَّنا معكم، ونعتذر عن تقصيرنا تجاهكم، وننظر ماذا نستطيع أن نقومَ به ونقدِّمَه لهم في حدود قدراتنا وإمكاناتنا، من خلال التَّباحُث والتَّشاوُر مع المسؤولين والعلماء هناك.

وقد سعينا من خلال وفد الرَّابطة، والتي تمثِّل40 دولة، وقد حضر منها 15 شخصاً، وفي مقدِّمتهم رئيس الرَّابطة، وأمينها العام، ومساعدوهم، وأعضاء من الرَّابطة، سعينا إلى تحقيق نوع من كسر الحصار المفررض على غزَّة، وأن يقوم العلماء بالدَّور المناط بهم تجاه قضيَّة فلسطين، وعلى رأسها قضيَّة القدس الشَّريف الذي يرزح تحت الاحتلال الصُّهيوني، والذي هو مسؤوليَّة الأمَّة الإسلاميَّة بكاملها، وخاصَّة العلماء، ولقد قابَلنا الإخوة في غزَّة هناك بكلِّ حفاوة وترحاب، وكانت السَّعادة تغمر قلب كلِّ من قابلناهم في هذه الزِّيارة، بل إنَّني أتذكر كلمة قيلت لنا فور وصولنا إلى غزَّة، ولن أنساها أبداً، قالوها لوفد الرَّابطةجميعًا: كنَّا ننتظر مجيئكم منذ زمن، وهذا يدلُّ على المكانة التي يكنُّها أبناء هذه الأرض المباركة لعلماء الأمَّة، وما يحملونه لهم من التَّقدير والاحترام.

- ما المعاني التي جسَّدتها الأسرة الفلسطينيَّة في تلك الظُّروف القاسية في القطاع ؟

- لقد أتاحت لنا هذه الزِّيارة الوقوف عن قرب على أحوال الأسرة الفلسطينيَّة، والتي صار يضرب بها المثل في صمودها وصبرها، وتعايشها مع أقسى الظُّروف، والحقيقة بقدر ما شاهدنا من دمار للبيوت، والمساجد، والمدارس والمباني الحكوميَّة، والخراب الذي أحدثه المحتلُّ الصُّهيوني من خلال اعتدائين متواليين على غزَّة، وبقدر ما أحزننا هذا الدَّمار والعدوان، إلا أنَّنا سعدنا ممَّا أظهره إخواننا في غزَّة من صبر، وتفاؤل، وتعايش مع الواقع أيًّا كانت قسوته، فتجدهم يعيشون بأبسط الإمكانات، فالكهرباء لا تصلهم إلا لساعات معدودة كلَّ يوم، وقد تقسم ساعات الإمداد بالكهرباء بين الجيران، فيحصل كلُّ بيت على الكهرباء لعدد من السَّاعات، ومع ذلك تجدهم يسيِّرون حياتهم بالقدر المتيسِّر لهم، تجد المنزل قد تهدَّم، فتعيش الأسرة في الجزء المتبقي من إحدى الغرف، أو في خيمة بالقرب من أنقاض المنزل، ومع ذلك لا تجد على وجوههم البؤس أو اليأس، الحقيقة إنَّ أهل غزَّة مدرسة في الغزيمة والصَّبر والتَّفاؤل.

- كان برنامج فضيلة الشَّيخ العمر، والذي رتَّبتم له في غزَّة، حافلاً بالاجتماعات والزِّيارات واللِّقاءات، كيف تصفون تجربتكم في التَّرتيب لهذا القدر الكبير من البرامج في فترة وجيزة؟

- نعم، حقيقة كان برنامج الزِّيارة حافلاً جدّاً، وهذا ما وضعنا في تحدٍّ مع الوقت، فمدَّة الزِّيارة كما تعلم كانت أربعة أيام فقط، وقد حرصنا أن يتمَّ استغلال هذه الأيام قدر الإمكان، خاصَّة وأنَّنا لا نعلم هل تُتاح لنا الفرصة لتكرار هذه الزِّيارة مرة أخرى أم لا، فالمسؤوليَّة كبيرة، والأعمال التي كنَّا نتطلَّع إلى تحقيقها كثيرة، ولا أخفيك أنَّنا لم ننم إلا فترات بسيطة، فكان الجدول مليئاً بالزيارات واللقاءات والاجتماعات والمقابلات، حتَّى في أحد الأيام تمَّ التَّرتيب إلى أربعة لقاءات تلفزيونيَّة متتالية، في قناة الجزيرة، والجزيرة مباشر، وقناة الأقصى، وقناة المجد، لكن! بحمد الله وفضله استطعنا خلال تلك الفترة زيارة العديد من الجهات، واللِّقاء بكافَّة شرائح المجتمع الغزَّاوي، بداية من الرَّئيس، وحتَّى عامَّة الشَّعب.

- ما الذي يمكن لرابطة علماء المسلمين أن تقدِّمه لغزَّة في ضوء زيارتكم لها؟

- علماء الأمَّة الإسلاميَّة والتي تمثِّل الرَّابطة جزءًا منهم، بمقدورهم أن يقدِّموا الكثير لقطاع غزَّة، ولقضيَّة فلسطين وغيرها من قضايا الأمَّة الرَّاهنة، وسواء تحقَّقت هذه الأهداف المرجوَّة من أولى الزِّيارات مباشرة، أم من خلال المزيد من جهود العلماء وزياراتهم لغزَّة، وتحركهم لنصرة هذه القضيَّة بشتَّى الوسائل، لذلك سعت الرَّابطة من خلال تلك الزِّيارة إلى اللِّقاء بكافَّة المعنيين في غزَّة، بداية من رئيس الوزراء، وكذلك المسؤولين والعلماء، حتَّى مع طلبة العلم، وعامَّة أبناء غزَّة، وذلك لتقف الرَّابطة على الوضع الحقيقي في غزَّة بكامل تفاصيله، ومعرفة احتياجاتهم بدقَّة، وما يكن عمله لهم، ثمَّ يأتي دورهم بعد ذلك في التَّحرُّك في المساحة التي يمكنهم التَّحرُّك فيها، من دعم مادي ومعنوي وإعلامي، وإصدار الفتاوى، وحشد الرَّأي العام، وتوجيه الأمَّة نحو قضيَّتهم الأولى قضيَّة فلسطين، وهذا ما تسعى الرَّابطة إلى تحقيقه بإذن الله.

- أبدى فضيلة الأمين العام لرابطة علماء المسلمين استعداد الرَّابطة لأن تقوم بجهودٍ لتقريب وجهات النَّظر بين الفصائل الفلسطينيَّة في جهود المصالحة المبذولة، إذا ما طلب منها ذلك، فهلا ذكرتم لنا ما يمكن أن تقدِّمه الرَّابطة لتقريب وجهات النَّظر بين الفصائل في غزَّة ؟

- التَّقريب بين وجهات النَّظر، كان جزءًا من مهمَّة الرَّابطة في زيارتها لغزَّة، ولقد استطعنا بفضل الله عزَّ وجلَّ الاجتماع بعدد من الجهات في غزَّة، والتَّباحُث معهم، وكنَّا نؤكِّد دومًا على أهميَّة أن يتكاتف أبناء غزَّة وفلسطين عموماً، وأن يوحِّدوا صفَّهم في مواجهة عدوِّهم وعدوِّ الأمَّة الأوَّل، وهو المحتلُّ الصُّهيوني، حتَّى يكتب الله عزَّ وجلَّ النَّصر لهم، وتحرَّر فلسطين والمسجد الأقصى من دنسهم.كما أنَّ الرَّابطة لن تألو جهدًا في القيام بواجبها، والمشاركة في أيِّ مساعٍ للمصالحة الفلسطينيَّة، عندما تتهيَّأ لها الفرصة لذلك.

- على الصَّعيد الاجتماعي، ما الذي لمستموه من احتياجات للقطاع يمكن أن توجِّهوا بشأنها الهيئات الإغاثيَّة أو الاستثماريَّة؟

- حقيقة إنَّ الحاجة في قطاع غزَّة لا تزال ماسَّة لكثير من أوجه المساعدة، فهم بحاجة ماسَّة إلى المساعدات العينيَّة، والمساعدات الطِّبيَّة والتَّعليميَّة والتَّدريبيَّة، بحاجة إلى إعادة بناء ما تهدَّم، بحاجة إلى محطات مياه وكهرباء، بحاجة إلى البنية التَّحتيَّة بشكل عام، هم بحاجة حقيقة إلى تقديم كلّ ما يمكن تقديمه، بحاجة إلى إقامة مشروعات هناك لإيجاد فرص عمل للشَّباب، فليس شرطاً أن تكون تلك المساعدات على شكل معونات مقطوعة، بل بالإمكان عمل مشاريع تقوم بتشغيل نفسها بنفسها، وتحقِّق نوعاً من الكفاية، ومن من فرص العمل والرَّخاء لأهل القطاع، فمثلاً يمكن بناء مستشفى هناك، يكون تشغيله ذاتياً، ليستفيد أبناء القطاع من الخدمات التي يقدِّمها، كما تحقِّق فرص عمل لأبناء القطاع.

كما أن هناك أمراً آخر، لا بدَّ أن أشير إليه، وهو الدَّعم المعنوي، فشعور أبناء غزَّة بأنَّ إخوانهم من أبناء الأمَّة الإسلاميَّة يقفون إلى جانبهم، ويعيشون معهم واقعهم، ويؤازرونهم بالمال والدُّعاء، له كبير الأثر عليهم في دعم صمودهم.

- ما أبرز الدُّروس التي استخلصتموها من هذه الزِّيارة، لاسيَّما داخل المجتمع الفلسطيني الغزَّاوي؟

- لقد لمسنا في إخواننا من أبناء غزَّة الكثير من المعاني التي لم نكن نعرفها إلا في الواقع النَّظري، لكنَّ الحقيقة أنَّ أبناء غزَّة جسَّدوا تلك المعاني، لقد رأينا هناك العزَّة. العزةُ بهذا الدِّين، والإصرار على نصرته، وتحكيم شرع الله عزَّ وجلَّ، والجهاد في سبيله حتَّى يُكتب لهم النَّصر أو الشَّهادة، وهذه العزَّةُ تلمسها في كافَّة أبناء غزَّة، الصَّغير والكبير الرَّجل والمرأة. ومن ذلك أيضاً التَّفاؤل والتَّضحية والتَّعاون، فعلى الرَّغم ممَّا أصابهم ويصيبهم من بطش العدوِّ الصُّهيوني من قتل وتدمير وحصار، إلا أنَّك تلمس فيهم الرِّضا والتَّفاؤل والعزيمة على مواصلة مسيرتهم في مواجهة عدوهم، وتحقيق الكفاية لأنفسهم. وهذا شاهدناه فعلاً، وخاصَّة عندما زرنا بيت عائلة الدَّلو الذي دمَّره اليهود، وقتل من العائلة ثلاثة عشر شخصاً، فمثْلُ هذه الابتلاءات التي أصابت الكثير منهم، لم تهزمهم نفسياً، ولم تؤثِّر في عزائمهم، المباني التي لم يمض على هدمها سوى أسابيع قليلة، ومع ذلك فإنَّ النَّاس يعيشون، وكأنَّهم لم تمر عليهم حرب، وكأنَّهم لا يعانون الحصار.

ومن تلك الدُّروس التي تعلمناها، كيف تكون الأخوَّة الحقَّة والتَّرابط والتَّعاون، التَّكافل الاجتماعي هناك، لا يمكن وصفه، فتجد الأهالي في غزَّة، فور تعرُّض منزل من المنازل إلى اعتداء، يهرع الأهالي لتقديم ما يمكن تقديمه من إسعاف الجرحى، والمساعدة بالمال والجهد، وبتقديم المؤن والاحتياجات الضَّروريَّة، والإسراع في توفير المأوى بدل ذلك الذي تهدَّم، على الرّغم من إمكاناتهم المحدودة، حقيقة كلُّ ما تسمعه عن غزَّة من معاني عظيمة، تراها هناك رأي العين.

- ما النَّصيحة التي توجِّهونها لشباب الوطن والأمَّة ألإسلاميَّة، بعدما شاهدتم صمود أبناء غزَّة وعزتهم بدينهم، وصبرهم على ما أصابهم؟

- أقول لأبنائي وإخواني من الشَّباب من أبناء الأمَّة الإسلاميَّة، وأبناء المملكة العربيَّة السُّعوديَّة خاصَّة: اتركوا حياة التَّرف، واعملوا بجدٍّ لخدمة دينكم وأمَّتكم وأوطانكم، ولنحتذي بإخواننا في غزَّة الذين ضربوا أروع الأمثلة، في العزيمة والصَّبر والتَّفاؤل والتَّضحية، وعدم الاستسلام، وتحمُّل شظف العيش، والرِّضا بالقليل، فهم لم ينتصروا على عدوهم إلا بعد صبر طويل امتدَّ لعقود، حتَّى مكنهم الله عزَّ وجلَّ من عدوِّهم، وكتب لهم النَّصر، وها هم الآن يواصلون مسيرة التَّربية والجهاد، وإعمار وطنهم، وتأهيل الكفاءات، وتقوية أنفسهم، ونحن كذلك بالمقابل، إن تركنا التَّعلُّق بالدُّنيا، والسَّعي وراء زخرفها، فإنَّنا بإذن الله سوف نحقِّق الكثير لديننا وأمَّتنا وأوطاننا.

وإنِّي أدعو بهذه المناسبة كلّ مَنْ باستطاعته زيارة غزَّة سواء من الدُّعاة أو التُّجار أو ممثلي الهيئات الخيريَّة إلى زيارتها، وتقديم ما يمكن تقديمه، والاستفادة ممَّا لدى أبناء غزَّة من دروس، لن تجدوها إلا عندهم.

أسال الله عزَّ وجلَّ أن يكتب لهم الصَّبر والنَّصر، وأن يحرِّر أرض فلسطين على أيديهم، وأن يجعل لنا من جهودهم نصيب، وأن يرزقنا صلاة في المسجد الأقصى، بعد أن يخلِّصه الله من قبضة اليهود ودنسهم.


محمد لافي - 10/2/1434 هـ
 

  • 0
  • 0
  • 1,791

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً