مصر.. التي لا يعرف أهلها قدرها

منذ 2013-01-20

أن الهدف الاستراتيجي الأكبر والأبعد في احتلال فرنسا مصر جاء فى كلمات نابليون بونابرت قائد تلك الحملة وأحد القادة التاريخيين لفرنسا، حيث قال: "إن من يستطيع حكم مصر يستطيع حكم العالم، وكما أن الهند درة للإمبراطورية الإنجليزية يجب أن تكون مصر درة للإمبراطورية الفرنسية".

 

ما زلت أحفظ من كتاب التاريخ حينما كنت في الصف السادس الابتدائي أسباب الحملة الفرنسية على مصر، وكان نص السبب الأول هو: "أرادت فرنسا إنشاء إمبراطورية فرنسية في الشرق تكون قاعدتها مصر، لكي تعوض فرنسا ما فقدته من مستعمرات في أمريكا الشمالية والهند"، لكني حينما كبرت عرفت أن الهدف الاستراتيجي الأكبر والأبعد جاء فى كلمات نابليون بونابرت قائد تلك الحملة وأحد القادة التاريخيين لفرنسا، حيث قال: "إن من يستطيع حكم مصر يستطيع حكم العالم، وكما أن الهند درة للإمبراطورية الإنجليزية يجب أن تكون مصر درة للإمبراطورية الفرنسية".

ما كان يفكر فيه نابليون فكر فيه عشرات أو مئات من القادة التاريخيين الذين كانت مصر هدفاً استراتيجياً لهم، يحكمون من خلالها العالم، والسلسلة طويلة من الإسكندر المقدوني وقادة الرومان مروراً بالفتح الإسلامي وحتى الاحتلال الفرنسي ثم البريطاني ثم المطامع الأمريكية والإسرائيلية الحالية في مصر التي يحشدون لها كل عقولهم وقوتهم، ولعل وجود أكبر بعثة دبلوماسية أمريكية في العالم في مصر يبين حجم وأهمية مصر وتغلغل الأمريكان في كل شبر فيها وإدراكهم أن إحكام السيطرة على مصر هو إحكام السيطرة على العالم العربي والمنطقة، ولهذا حرصوا على أن يكون الحكام موالين لهم يعملون من أجل مصالحهم وليس مصالح المصريين، وعلى رأسهم المخلوع مبارك.

وعلى مدار التاريخ ما جاء إلى مصر أحد فتنسم من هوائها أو شرب من ماء نيلها إلا وأحب وعشق الحياة فيها، لي صديق خليجي قال لي ذات مرة: "لقد سافرت إلى الدنيا كلها، لكني لا أحب شيئاً ولا مكاناً ولا زماناً قدر كوب من الشاي مع نسمات العصاري على شاطئ النيل في مصر".

وبقيت مصر على مدار التاريخ بها جاليات من كل العالم وما زالت. لكن ما حدث في مصر خلال الستين عاماً الماضية بعد أن تسلط العسكر على حكم مصر ودمروا الحياة والإنسان فيها وأفقروا الشعب في بلد غني ومملوء بالخيرات وجعلوا شعبها يشعر بالإهانة فيها، فبدأ المصريون بالهجرة خارج مصر منذ خمسينات القرن الماضي، يبحثون عن الرزق وعن الكرامة الإنسانية التي افتقدوها فى بلادهم أو هروباً من الاستبداد والطغيان الذي جاء به عبدالناصر لشعب مصر، وزادت الهجرة في السبعينات والثمانينات وأصبحت أمل كل مصري في عهد مبارك، حتى أصبح المصريون المهاجرون خارج بلادهم يقتربون من عشرة ملايين بينهم ما يقرب من مليون عالم ومتخصص في المجالات الدقيقة، حيث تؤدي هجرة العقول من مصر إلى خسائر بالمليارات لبلادهم رغماً عنهم، حيث يقدمون للغرب وللدنيا خلاصة علمهم بعد أن ضنت عليهم بلادهم ولم تستفد من علمهم وخبراتهم.

هاجر المصريون من بلادهم وهي أعز بقاع الدنيا عليهم، بينما رسخت الأنظمة المستبدة المتلاحقة طوال العقود الماضية صناعة الكراهية في نفوس المصريين لبلادهم، بعدما نهبوا خيراتها وجعلوها لفئة قليلة منهم، بينما حرموا عموم الشعب منها، لم يعد كثير من المصريين يجدون هواءً نظيفاً يتنفسونه، ولا ماءً نظيفاً يشربونه وهي بلد النيل، ولا رزقاً طيباً يغطي حاجاتهم وحاجات أبنائهم، ولا مسكناً نظيفاً يسعهم ويسترهم!

مصر جُرّفت ونهبت من قبل فئة فاسدة أظلم الله قلوبها وختم على عقولها، ففسدت وأفسدت وخربت أم الدنيا، لكن شاء الله أن تقوم ثورة الشعب المصري في الخامس والعشرين من يناير ليزيل الله ملك مبارك ويذله، لأنه حاول أن يذل شعب مصر وأن يقلل من قيمتها وقدرها الذي وضعها الله فيه حيث ذكرها في كتابه وقال: {ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ}[يوسف: من الآية 99].
 

 

أحمد منصور
 

المصدر: المرصد الإسلامي لمقاومة التنصير
  • 0
  • 0
  • 2,789

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً