المسلمون المنسيون والدور الغائب
فتحت قضية اضطهاد المسلمين في بورما ملفا كلما خرج إلى العلن وتجدد الحديث عنه دخل إلى غياهب النسيان مرة أخرى، ألا وهو ملف المسلمين المنسيين الذين يعيشون في بلاد بعيدة ولا يعرف بقية إخوانهم عن حياتهم شيئا إلا إذا حدثت لهم فاجعة كبيرة فيتم الاهتمام بهم لفترة وجيزة ثم يختفون من الذاكرة مرة أخرى..
فتحت قضية اضطهاد المسلمين في بورما ملفا كلما خرج إلى العلن وتجدد الحديث عنه دخل إلى غياهب النسيان مرة أخرى، ألا وهو ملف المسلمين المنسيين الذين يعيشون في بلاد بعيدة ولا يعرف بقية إخوانهم عن حياتهم شيئا إلا إذا حدثت لهم فاجعة كبيرة فيتم الاهتمام بهم لفترة وجيزة ثم يختفون من الذاكرة مرة أخرى..
فمنذ سنوات طويلة لم نعلم شيئا عن المسلمين في بورما ولم يتحدث أحد عن أوجاعهم إلا بعد أن اندلعت أحداث العنف هناك، ووقعت المذابح المروعة ضدهم وتم تهجير الآلاف منهم إلى الخارج فبدأنا نعلم أن القضية ليست وليدة اليوم، وأنهم معرضون للطرد من بلادهم بأوامر الحكومة منذ عشرات السنين وأن الحكومات العربية والإسلامية لا تلقي لهم بالا، وقبل ذلك بسنوات كنا نسمع عن أحوال المسلمين في تايلاند والذي يعيش معظمهم في "سلطنة فطاني" على الحدود مع ماليزيا، وعلمنا أنهم يتعرضون للاضطهاد ونهب ثروات بلادهم من قبل الحكومة البوذية ثم اختفى الحديث الإعلامي عنهم رغم استمرار معاناتهم والتي تتجدد كل فترة مع تصاعد موجة الاستيطان على أراضيهم وشن جماعات المقاومة هجمات ضد الحكومة البوذية المحتلة..
وقريب من هؤلاء أحوال المسلمين في كمبوديا وفيتنام والذين يعانون من التهميش الشديد، وقلة المساعدات التي تصل إليهم من العالم الإسلامي وعدم منحهم فرصة في التعبير عن مطالبهم بسبب سياسات الحكومات المتعاقبة والتي كرست عزلتهم الداخلية والخارجية، ووضعت رقابة شديدة عليهم من قِبَل أشخاص يدينون لها بالولاء، كذلك أحوال المسلمين في كشمير والهند وما يتعرضون له من مجازر على أيدي الهندوس تتصاعد حينا وتقل حينا ولكن دون حل جذري للمشكلة، والمسلمون في الفلبين ومأساتهم مع الحكومة النصرانية والاتفاقات التي يتم عقدها معهم ثم تنقض، والمليشيات المسلحة التي تعتدي على النساء والأطفال في مناطق المسلمين منذ متى لم نسمع عنهم؟!..
وإذا خرجنا من آسيا إلى أوروبا لوجدنا أن العالم الإسلامي انتفض بشدة عندما وقعت كارثة البوسنة ثم بعد ذلك كوسوفا وبعد ذلك خفت الاهتمام بهما حتى أننا لانعلم ماذا يجري للمسلمين فيهما بعد أن انفرد الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي بترتيب الأوضاع هناك وعمل على تهميش الهوية الإسلامية، وإبعاد المؤسسات الإسلامية الخيرية والدعوية بذريعة "الإرهاب" بينما فتح الطرق للكنائس لممارسة أكبر حملة تنصيرية ضد المسلمين هناك مستغلا فقرهم وجهلهم بأمور دينهم، ولك أن تعلم أن عددًا محدودًا من الدول الإسلامية من اعترف باستقلال كوسوفا بينما اعترفت بها معظمم الدول الأوروبية...وقريب من هذه الأوضاع ما يعيشه المسلمون في عدد من دول أفريقيا لا يعرف إخوانهم عنهم شيئا بل لايعرف الكثيرون عن وجود مسلمين أصلا في بعض هذه البلدان فضلا عن أن يعرف أحوالهم..
لقد استغلت الحكومات البوذية والهندوسية والنصرانية الهجمة على ما يسمى "الإرهاب" لكي توقف نشاط العديد من المؤسسات الخيرية والدعاة المسلمين ولم تجد من يدافع عنهم من بين الحكومات العربية والإسلامية، والآن وبعد أن خفت حدة هذه الهجمة من المفترض أن يقوم المسلمون شعوبا وحكومات بدورهم تجاه إخوانهم المنسيين والذين يعانون من أوضاع شديدة الصعوبة وتجاهل على جميع المستويات...
إننا نستمع ليل نهار لتصريحات مسؤولين غربيين يدافعون عن أقليات "مسيحية" في بعض البلدان تعيش أوضاعا أفضل بكثير من المسلمين المنسيين، كما نسمع عن مؤسسات عديدة تقدم لهم الرعاية والدعم، وعن بلدان كبرى تفتح لهم أبوابها للجوء والمعيشة والعمل دون أن تأبه لاعتراض أحد أو التحفظ على دعاوى الاضطهاد..
إن الرابطة العقدية بين المسلمين وإخوانهم تفرض عليهم القيام بدعم وإغاثة المحتاجين والسؤال عن أحوالهم وتقديم يد العون لهم بشتى الطرق الممكنة، وعلى العلماء والدعاة أن يجددوا مطالبهم بفتح الطرق أمام المؤسسات الإسلامية للقيام بدورها من جديد وعلى نحو أوسع تجاه هؤلاء المسلمين المنسيين بشكل دائم وعدم الانتظار حتى تقع مجازر جديدة أو مصائب كبرى.
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى
- التصنيف:
- المصدر: