القيادة الهادئة سرّ الأداء المتميز

منذ 2013-04-10

إن قصص الخيال التي تنسج حول هذه الشخصيات الإدارية، وما حققته من نجاح؛ هي حقاً قصص ممتعة تستحق القراءة، كما أن قصص فشل هذه القيادات هي أيضاً تستحق القراءة.


الصورة السائدة للقيادة التي نعايشها ونراها من حولنا؛ هي تلك القيادة الفذة التي تتمتع بإصدار الأوامر، ذات الشخصية التي تمتلك الرؤيا، وتتحمل المسؤولية لقيادة المنشأة إلى بر الأمان في وقت الأزمات.

إن قصص الخيال التي تنسج حول هذه الشخصيات الإدارية، وما حققته من نجاح؛ هي حقاً قصص ممتعة تستحق القراءة، كما أن قصص فشل هذه القيادات هي أيضاً تستحق القراءة.

ولكن في السنوات الأخيرة بدأ يلوح في الأفق شكل جديد من إشكال القيادة الأكثر فاعلية ذات القدرة على تحقيق أداء عالٍ في القطاعات بجميع أنواعها ألا وهي القيادة الهادئة.

ومع أن هذا الخبر يسر الكثير منا ممن ليس لديهم البريق والوهج الإعلامي؛ إلا أنه يجب أن لا يساء الفهم حول مفهوم القيادة الهادئة، إذ أنها وبدون شك تعتبر تحدياً إدارياً يتطلب قدراً كبيراً من الفهم والمعرفة بعمل المنشأة وموظفيها ليتم لها تحقيق واعديتها.

القيادة الهادئة تتمتع بصفات مثل: صفة القيادة بالقدوة الحسنة، وتتلخص في ممارسة الموظفين للسلوك الذي يريده القائد وذلك بممارسة السلوك بنفسه ليتم الإقتداء به؛ وهذا من أبلغ أنواع توصيل المعرفة، وتحفيز الهمة، حيث أنه يشتمل على تطبيق فعلي للسلوك، وبعيداً عن المثاليات والتنظير، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة في كثير من المواقف، ولعل أبلغها ما حدث في صلح الحديبية، فقد روى البخاري في صحيحه: "فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «قوموا فانحروا ثم احلقوا»، قال فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: "يا نبي الله أتحب ذلك، أخرج لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك". فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك: نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضًا حتى كاد بعضهم يقتل غماً".

إنّ المتخصصين في علم الإدارة يتطلعون إلى التعرف على مفهوم القيادة الهادئة بشكل أكثر وضوحاً وموضوعية، والغور في أسبار معرفة لماذا أن نوعاً معيناً من القيادات تستطيع تحقيق إنجازات أفضل في كثير من الظروف المختلفة وعلى مدى طويل.

ذكر الكاتب جيم كولنز (Jim Collins) في كتابه من الحسن إلى الأحسن (Good to Great): "أن تحويل شركة عادية إلى شركة رائعة في أدائها يتطلب وجود قائد ذو طابع مختلف، وعلى نقيض رئيس الشركة المشهور الذي يشار إليه بالبنان، هذا القائد ذو الطابع المختلف تجتمع فيه صفات الإصرار الشخصي القوي لعمل كل ما يتطلبه الأمر لتحقيق النجاح للشركة مع استعداده لتحمل مسؤولية الفشل بنفسه، وبالمقابل فإنه لا ينسب النجاح لنفسه بل يجره لفريق العمل بمنشأته".

وفي كتاب القيادة بهدوء (Leading Quietly) للكاتب البروفيسور بجامعة هارفارد جوزيف بدراكو جونير(Joseph L.Badaracco Jr)  حدد الكاتب عدداً من التصرفات التي يتبعها القادة الهادئون للحصول على نتائج إيجابية، وقد لخص هذه التصرفات في سبع توصيات منها:

- لا يخدع نفسه: القائد الهادئ يحاول جهده أن يرى العالم على حقيقته، ويدرك أنه قد تحدث أمور ليست في الحسبان ولا تخطر ببال، وهذه الأمور تحدث لأن الناس يتصرفون بطرق مختلفة ليس فيها تناغم، وذلك بما تمليه عليهم ثقافاتهم وتجاربهم، وفهمهم وظروفهم، لذلك فإن القائد الهادئ يتعامل مع الأمور بحذر، ويهيئ البدائل لمواجهة الظروف التي قد تتغير في أي لحظة، وبدون سابق إنذار.

- يقبل الدوافع المختلفة: القائد الهادئ يدرك بأن الناس وبمن فيهم هو يتمتعون بمزيج من الدوافع تجاه عملهم، وما تحتويه هذه الدوافع من اهتمامات عامة، واهتمامات شخصية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتجرد الإنسان العادي عن اهتماماته الشخصية، ويجنح للمثالية، ويجعل كل همه العمل ومشاكله، لذا وطن نفسك على قبول هذا المزيج من الدوافع، واعمل معه وليس ضده.

- يكسب المزيد من الوقت: عندما يواجه القائد الهادئ تحدياً جديداً لا يكون مندفعاً، ويكسب المزيد من الوقت قبل اتخاذ القرار، وكسب المزيد من الوقت يتيح له الفرصة لمداولة ملابسات الموضوع، وتجلي الحقائق، وكذلك يتيح له الفرصة للبحث عن أنماط مشابهة تمكنه من مواجهة التحدي الجديد، والاستفادة من رصيد الحلول التي تم استخدامها من قبل.

وقد تطرق الكاتب دانيل قولمان (Daniel Goleman) في كتابه القيادة الأصيلة (Primal Leadership): "أن القيادة بالتدريب (coaching style leadership) تعتبر من أندر وأفضل أنواع القيادة التي يتمتع بها القائد الهادئ، والقيادة بالتدريب هي أقل الأدوات القيادية استخداماً، ولعل السبب يعود إلى أنها لا تتمتع بسمات القيادة المتعارف عليها".

إن مَثل القائد الهادئ كمَثل المدرب الذي يستطيع أن يحقق إنجازات رائعة باستعمال أسلوب التوجيه بدلاً من أسلوب الأوامر، بالإضافة إلى أن أسلوب التوجيه يتيح الفرصة للتقرب أكثر من فريق العمل، واختيار العمل لكل عضو بما يتناسب مع مؤهلاته وإمكانياته.

وأخيراً:

لا بدّ أن نعلم أن القيادة الهادئة هي عبارة عن مبادئ وملامح يتمتع بها القائد الهادئ تجاه العمل والناس والحياة بصفة عامة.


 

المصدر: موقع رقف العالمية لإدارة المشاريع
  • 7
  • 0
  • 6,963

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً