تقبّل شريك حياتك

منذ 2013-06-10

من المبادئ الأساسية في العلاج النفسي أن نتقبل المريض كما هو، وقد تأملت قليلاً هذا المبدأ فتوصلت إلى أن هناك من العلاقات في حياتنا علينا أن نتقبلها كما هيا، ثم نفكر بعد ذلك كيف سنتعامل معها، من هذه العلاقات الأبناء والأزواج والآباء والأمهات...


من المبادئ الأساسية في العلاج النفسي أن نتقبل المريض كما هو، وقد تأملت قليلاً هذا المبدأ فتوصلت إلى أن هناك من العلاقات في حياتنا علينا أن نتقبلها كما هيا، ثم نفكر بعد ذلك كيف سنتعامل معها، من هذه العلاقات الأبناء والأزواج والآباء والأمهات.

فأنا مثلًا كأم لابد أن أتقبل ابني كما هو ثم أتعامل بعد ذلك مع الأخطاء والتصرفات التي تزعجني منه.

وأنا كزوجة عليّ أن أتقبل زوجي كما هو ما دمت قد وافقت على الزواج منه وقررت الاستمرار في هذا الزواج، ثم بعد ذلك أفكر كيف أتعامل معه، ومع التصرفات التي تزعجني منه ثم نلتقي على أرضية مشتركة ونتفق على مجموعة من الاتفاقات التي نتوصل إليها سويًا لتستمر الحياة في استقرار.

الفرق بين القبول والموافقة:
القبول يعني التعامل مع الشخص كما هو عليه دون المعاقبة أو الموافقة على سلوكه، أي احترام إنسانية وكرامة الإنسان الذي أتعامل معه وهذا جزء من القبول، فقبول الإنسان في حد ذاته يعكس الشعور بالحب والرعاية، ولكن القبول لا يعني الموافقة فالقبول يحمل معنى تقبل الآخر وليس شرطًا أن أكون موافقة على سلوكه وتصرفاته.

التقبل من الحاجات العاطفية للرجل:
أن تقبل المرأة الرجل يعني أنها تقبله وترضاه دون محاولة تغييره، فهي عندما تفعل ذلك فإنه يشعر بأنه مقبول، وهي عندما تحاول تغييره فإنه يشعر أنه غير مقبول عندها، إن هذا القبول للزوج لا يعني أن تعتقد الزوجة أن زوجها كامل وخال من النقص، ولكنه يعني أن ليس من اختصاصها تطويره بل هذا التطوير والتغيير مهمته هو، وأن يتفهم الرجل المرأة يعني أن يستمع إليها دون حكم بل يستمع بتعاطف ويربط بين كلماتها ومشاعرها، والتفهم لا يعني ألا يعرف الرجل ما يدور في عقل المرأة وإنما يعني أنه يسمع ويجمع المعاني ليحسن الاتصال، وهكذا يتفهم الزوج زوجته دون أحكام فتتقبله هي دون شروط، وحين تتقبل الزوجة زوجها دون شروط فإنه يستمع إليها ويتفهمها دون أحكام. (حتى يبقى الحب، د/محمد محمد بدري، ص [104 – 105]).

التقبل علامة حب:
إن الزوجة حين تتقبل زوجها بـحب دون محاولة تغييره يشعر هو بالتقبل، ولا يعني أنها لا تحاول تغييره أنها لا تحاول تحسينه وإنما يعني أنها تثق أنه يقوم بالتحسينات المتعلقة به، وحين يشعر الرجل أنه متقبل، فإنه من السهل عليه جدًا أن ينصت للمرأة وأن يمنحها التفهم الذي تحتاج إليه وتستحقه. (الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، د/ جون جراي، ص[192]).

التقبل رسالة ثقة:
عندما يكون شعور الزوجة ناحية الزوج تقبليًا يشعر هو أنه موثوق به، والـثقة بالرجل تعني: الاعتقاد أنه يبذل أقصى الجهد وأنه يريد الخير لشريكته، وعندما يكتشف الزوج هذه الثقة من زوجته في قدراته، تكون أولى حاجات الحب الأولية قد اشبعت، وبالتالي فإنه وبصورة آلية يكون أكثر رعاية لمشاعرها وحاجاتها. (الرجال من المريخ والنساء من الزهرة ، د/ جون جراي، ص[191]).

عبارات لتوصيل فكرة التقبل:
من العبارات التي يمكن أن تستعملها الزوجة لتوصيل فكرة التقبل للزوج:
- نعم أنت محق.
- فعلك هذا جيد جدًا.
- أنا احب أن أسير معك في كل طريق تسلكه.

وهذا يستلزم:
- عدم انتقاده باستمرار.
- عدم التجسس عليه.
- عدم إرهاقه بتعليمات وإرشادات مستمرة.
- عدم الادعاء بأنك أكثر خبرة منه في أمر ما.
- عدم البحث الدائم عن نقاط ضعفه.
- عدم السعي لتغييره باستمرار.
- عدم مقارنته بالآخرين.
- عدم إحراجه بالأسئلة المستمرة.
- عدم تعييره بأخطائه وزلاته والتغاضي عن الأخطاء الصغيرة.
- إبداء المرونة ومحاولة عدم الوصول إلى حد التأزم بكل أمر.

لا تفتحي له مدرسة:
ليس معنى التقبل أن تقبلي الصفات السيئة لزوجك وإنما عليك أن تشجعيه لتغيير ما يستحق التغيير، مع التأكيد على أنه من الخطأ أن تدفعي زوجك قسريًا لأمر ما، كما أنه من الخطأ الفادح أن تطيلي المناقشات معه حول أمور صغيرة، لأن ذلك لن يجدي نفعًا وإنما فقط سيعكر الأجواء بينكما.

أخطاء ترتكبها المرأة:
ومن الأخطاء التي ترتكبها المرأة وتشعر الرجل بعدم التقبل وبالتالي بعدم محبتها:
- تحاول تحسين سلوكه أو مساعدته فتبدي النصائح, فيشعر هو أنه غير محبوب، لأنها لا تثق به.
- تحاول تغيير أو ضبط سلوكه من خلال الحديث عن انزعاجها أو مشاعرها السلبية، فيشعر هو بعدم المحبة لأنها لا تتقبله كما هو.
- لا تشير إلى ما يبذله من أجلها، وإنما تشتكي مما لم يقم به، فيشعر هو بعدم المحبة لأنها لا تقدر ما يفعل.
- تصحح له سلوكه، وتقول ما عليه أن يفعل وكأنه طفل، فيشعر بعدم المحبة لأنها لا تبدي إعجابا به.
- تعبر عن مشاعرها السلبية بشكل غير مباشر، وتطرح أسئلة ساخرة مثل: (كيف يمكن لك أن تفعل هذا؟) فيشعر هو بعدم المحبة، لأنها تبدو وكأنها سحبت استحسانها له
- إذا اتخذ قرارًا أو بادر بأمر، فأنها تنتقده أو تصححه، فيشعر هو بعدم المحبة لأنها لا تشجعه على القيام بأمر بنفسه. (التفاهم في الحياة الزوجية، د/مأمون مبيض، ص[187 – 177]).

منظار الآخر:
حدث ذلك من عدم الفهم لطبيعة الرجل، وحاجاته العاطفية، وكيف ينظر للأشياء ولذلك فإنه إذا كان هناك سر واحد للنجاح، فذلك هو المقدرة على إدراك وجهة نظر الآخر، والنظر إلى الأشياء بالمنظار الذي ينظر به. (كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس، ديل كارينجي، ص [47]).

ذكاء التغاضي:
ومن هنا نذكر أهمية التغاضي وغض الطرف عن أخطاء الشريك فعلى الزوجين التغاضي عن بعض ما لا يحب أن يراه في الآخر ويضع كلاهما في حسبانه أنه إذا كره في الآخر صفة، فلابد أن تكون فيه صفة أخرى تشفع له، وهذا هو عينه ما أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: «لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» (رواه مسلم).

فرق بين الذات والسلوك:
أي نفرق بين الخطأ وبين الشخص الذي أخطأ، وهناك قاعدة تقول: "فرق بين الفعل والفاعل"، فالفاعل زوجي وحبيبي، والفعل تصرف خاطئ، وهذه القاعدة الجليلة هي إحدى طرق السعادة والتغيير الفعال وحسن الاتصال.

ماذا بعد؟
- تقبل شريك حياتك كما هو.
- لا تنتقد شريك حياتك باستمرار
- لا تبحث عن نقاط الضعف عنده ولا تعيّره بأخطائه.
- فرق بين الذات والسلوك أي بين الفعل والفاعل.
- تغاضى عن أخطاء شريكك وانظر بمنظاره في الأمور.


أم عبد الرحمن محمد يوسف
 

المصدر: مفكرة الإسلام
  • 3
  • 0
  • 8,721

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً