الموقعة الفاصلة
هناك تحالف واضح وتآمر بين أتباع النظام البائد من علمانيين وقضاة وإعلاميين ولصوص -بعض رجال الأعمال- وبلطجية كي يخفق الرئيس في إدارة الدولة ولا يتمكن من تحقيق شيء من آمال الشعب، لقد كان هناك إصرار على إشغال الرئيس وعدم توفير الوقت له كي يفكر ويخطط وينفذ ويتابع.
القوى العلمانية المتخفية تحت أسماء متعددة التي دأبت على مهاجمة الرئيس د. محمد مرسي، لم يكن هجومها ومعارضتها نتيجة سياسات أو تصرفات للرئيس يرونها خاطئة، بل إن معارضته ومهاجمته بدأت قبل فوزه بالرئاسة، بل منذ إعلان ترشحه لهذا المنصب، وأثناء الحملة الانتخابية وبعد فوزه بالرئاسة، مما يكشف عدم نزاهة أو أمانة المهاجمين، وأن الخلاف ليس سياسيا بل عقديا، ولعل العلمانيين -رغم أن الرئيس لم يخط خطوات جادة في أسلمة مؤسسات الدولة ونظمها وقوانينها- يدركون خطورة أن يكون الرئيس من غيرهم ممن لا يمكنه ظلم الإسلاميين أو التضييق عليهم بغير حق، فإن هذا وحده كفيل -في مدة رئاسية واحدة لا تتجاوز أربع سنوات، مع جهد الإسلاميين الصادقين في الدعوة إلى الله من غير مضايقات- أن يغير المجتمع المصري ويعود إلى قريب مما كان عليه من تمسك والتزام بالدين، وتصير الجهود التي بذلت مدة حكم العسكر على مدى ستة عقود لتغييب وتغريب المجتمع المصري هباء منثورا، وهذا يفسر الحملة المحمومة التي يشنها الإعلام المتآمر بمشاركة رؤوس العلمانيين على اتساع تنوعاتهم على نظام حكم الرئيس د. مرسي.
هناك تحالف واضح وتآمر بين أتباع النظام البائد من علمانيين وقضاة وإعلاميين ولصوص -بعض رجال الأعمال- وبلطجية كي يخفق الرئيس في إدارة الدولة ولا يتمكن من تحقيق شيء من آمال الشعب، لقد كان هناك إصرار على إشغال الرئيس وعدم توفير الوقت له كي يفكر ويخطط وينفذ ويتابع.
منذ استلام د. مرسي قيادة الدولة، لم تنقطع مهاترات وسفالات بعض الإعلاميين من مهاجمة الرئيس في كل شيء، وتفرغت برامجهم للردح والسب على كل تصرف، ولو كان تصرفا ليس له أي علاقة بالسياسة من قريب أو بعيد كاللهجة والمظهر والحركة، وظهر المقصود من ذلك بوضوح وهو إسقاط الرئيس من عين الشعب في حملة من التطاول لا حدود لها ولم نشهد لها مثيلا.
بدأت بعض المؤسسات في ممارسة الدور المرسوم لها أو الذي أخذت على عاتقها القيام به:
1- فوجدنا الانفلات الأمني الذي وصل أقصاه في أحداث الاتحادية الأولى حتى تسور المخربون أسوار قصر الرئاسة، ثم في المرة الثانية أحضروا ونشا لقلع باب القصر، ومهاجمة المقرات وإطلاق الخرطوش وقذف زجاجات المولوتوف، مما ترتب عليه حرق وقتل وإفساد عريض، ثم إعلان الشرطة عن الإضراب عن العمل الذي لم يردعهم عنه سوى إعلان الإسلاميين عن تكوين لجان شعبية لحفظ الأمن، فأدرك المحرضون أن وجود هذه اللجان سيزيد من التفاف الشعب حول الإسلاميين، ويجعل لهم سلطة حقيقية ويجعل الناس تستغني عن الشرطة، فتراجعوا عن الإضراب وعادوا سريعا للعمل.
2- ثم ظهر النقص الحاد في الحاجات اليومية للشعب، كالبوتاجاز والبنزين والسولار الذي كان يهرب ويفرغ في الصحراء أو في المجاري، وكذلك الانقطاع المتكرر للكهرباء في مناطق مختلفة، واستخدام حوادث الطرق لتهييج العامة على النظام، مع أن أكثر ذلك نتيجة التركة الثقيلة من ضعف وفساد البنية التحتية التي خلفها النظام البائد، يضاف لذلك أن الكثيرين من العاملين ممن يدينون بالولاء الشديد للنظام البائد لا يعاونون النظام القائم ويعملون على إفشاله وليس إنجاحه، وإن كنا لا ننكر وجود قصور وأخطاء في تصرفات النظام وذلك طبيعة كل إنسان، لكن التصرف الصحيح الذي ينبغي سلوكه ممن هو حريص على مصلحة البلد هو محاولة الإصلاح لا محاولة الاستبدال بغير الطريق المتفق عليه التي لا يترتب عليها سوى المزيد من الفوضى والفساد.
3- وأنشئت جبهة الخراب التي سميت زورا وبهتانا بجبهة الإنقاذ التي هدفت لإسقاط الرئيس وتولي الأمر بدلا عنه، عن طريق إشاعة الرعب والفزع والقتل والحرق والتخريب واستغلال بعض القرارات التي يمكن تهييج العامة بسببها، كالإعلان الدستوري وتحصين بعض قرارات الرئيس، ثم خبا أمرها بعدما تبين لكل ذي عينين أن هذه الجبهة لا تعمل لصالح البلاد وإنما تعمل لمصالح شخصية وزعامات كاذبة ليس لها هم سوى الجلوس على الكرسي ولو كانت جثث المصريين السبيل لذلك.
4- ثم محاولات إضراب القضاة عن العمل، وامتناع كثير منهم عن الإشراف على الاستفتاء على الدستور حتى تظل الدولة في حالة فراغ دستوري يساعد على مزيد من العنف والفوضى.
5- وظهرت بشدة المحاولات المستميتة لإرجاع العسكر إلى الحياة السياسية، بعدما تمكن الرئيس من إخراجهم من المشهد السياسي بعد سيطرة كاملة له دامت ستة عقود دون أية خسائر، وذلك عن طريق عمل حملة توقيعات بدعوة وزير الدفاع لتولي القيادة السياسية للبلد، وراهن الإعلام على ذلك وروج لهذا الأمر ترويجا شديداً.
6- وبعدما أخفقت كل تلك الفعاليات في تحقيق المراد، لجأوا لما أسموه حملة (تمرد)، عن طريق جمع توقيعات من الشعب تطالب بإخراج الرئيس من منصبه، ورغم أن هذه الطريقة ليست معتمدة نظاما في تغيير الرئيس إضافة لعدم القدرة على اعتمادها طريقا صحيحا للتعبير عن الرأي، وهذه الطريقة مآلها كمآل ما سبقها من أعمال، وخاصة بعدما قامت حملة مناهضة لها باسم حملة (تجرد)، واستطاعت أن تجمع أعدادا من التوقيعات قريبة من أعدادها، رغم السبق الزمني للأولى، ولو أخذت المساحة الزمنية نفسها لفاقت أعداد (تجرد) أعداد (تمرد) بمراحل، وإزاء إخفاق كل ما تقدم بعدما طرقوا كل الأبواب الممكنة، لجأوا للحشد للمظاهرات في 30/6، وقد بادر الإسلاميون بعمل مليونية (لا للعنف) تسبق مظاهراتهم المتوقع فيها العنف والتخريب والقتل والحرق كما عودونا في سابق أعمالهم، وقد كانت المليونية جامعة وصل أعداد من شاركوا فيها قرابة الثلاثة ملايين كما ذكر ذلك الإعلام العربي، مما يبين كراهية الشعب للعنف والتخريب المتبع من جبهة الخراب، ومن يدور في فلكهم، ورضاهم برئيسهم والتفافهم حوله.
يا رئيس البلاد، إن الشعب لم يخذلك منذ أن أتيت إلى السلطة في موقف واحد وكذلك الإسلاميون، بل وقف الجميع إلى جوارك، ينافح عنك ويؤازرك رغم حملات القصف الإعلامي التي تتزلزل لها الجبال الراسيات، وظهر للجميع أن الملايين تقف وراءك، فمن حقها عليك أن تضرب بالحق وبيد من حديد باطل أهل الباطل، فيكفي هذه الأمة أن أضاع الإعلام والقضاء الفاسدين سنة من عمرها لم تتحرك خلالها إلى الأمام بل وفقت تراوح في مكانها أو رجعت القهقرى، لا تتهاون إزاء العنف المتوقع في ذلك اليوم، وقد بدت بوادره من حوادث اعتداء على الرجال الملتحين والنساء المنتقبات إلى حد القتل، لا تخزل من يناصرونك ولا تضيع حقوقهم فإن لم تفعل وأنت قوي والشعب معك فمتى تفعل؟
سيهزم الجمع في 30/6 إن شاء الله، ويولون الدبر ويصبح ذلك اليوم فارقا بين زمني وحالين، ويصير بذلك واضحا جليا فشل كل ما أجلبه المفسدون المخربون، وسيكونون في أكثر حالاتهم ضعفا، وهذه أعظم فرصة وأفضلها في أن تجرد هؤلاء من الأسلحة الفاسدة التي يستمسكون بها، فأبدأ ولا تتوانى في تطهير الإعلام الفاسد الذي أضر البلد وكاد أن يقلبها إلى حرب أهلية بين فئاتها، والقانون يسمح لك بذلك فلا معنى للتهاون معهم فالحلم عن السفهاء لا يزيدهم إلا سفاهة.
استخدم كل الأدوات القانونية التي تمكنك من السيطرة على الأوضاع، ومن القبض على المجرمين وملاحقتهم، هم ومن يسهل لهم عملهم أيا كانوا، ولا تحمل الشعب مواجهة ذلك والقيام به، ابدأ بلا تواني بتطهير القضاء والنيابة اللذين أضاعا حق القتلى والمصابين في الثورة، وكذلك الداخلية، وابدأ في تكوين مؤسسة بديلة أو موازية للشرطة تحت أي مسمى حتى لا تكون المؤسسات وأمن البلد مرهونا بتلك المؤسسة القديمة التي يصعب تطهيرها في وقت يسير.
لا عذر يا د. مرسي في التهاون مع هؤلاء، وتضييع حقوق المصريين في حياة الاستقرار وتحسين الوضع الاقتصادي التي يوفرها قطع رأس الأفعى، وعندك من تقارير المخابرات والأدلة ما يمكنك من تقديم هؤلاء لمحكمة الجنايات ليلقوا جزاء آثامهم، أو إنشاء محاكم ثورية للقيام بذلك الدور، نحن لا نطالبك بظلم أحد من الناس، وإنما نطالبك بالعدل مع كل أحد حتى لو كان من خصوم الإسلام، وفي الوقت نفسه لا نقبل التهاون والتباطؤ في ضبط البلد، قل بسم الله وتوكل على الله واضرب ضربتك للفساد والتخريب في مقتل، ولا تعطهم فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب أوراقهم وتنظيم صفوفهم.
يا رئيس البلاد بعد هذا التأييد الواسع الذي يشبه الاستفتاء على اختيارك أنبه على أمرين:
1- قد طال انتظار الناس لموقف حاسم يضع الأمور في نصابها الصحيح، فلو لم يجد الناس ذلك الموقف فربما لن تجدهم في موقف معك بعد ذلك أبدا.
2- إن المخربين يدركون أن هذه المظاهرات هي فرصتهم الأخيرة، ومن ثم فسيفسدون قدر ما يستطيعون لتحقيق مآربهم، فلا تغفل عنهم وعاملهم بالحزم الذي يردع كل مفسد، ولعل هذه المظاهرات تكون الموقعة الفاصلة فلا تقوم للمفسدين المخربين بعدها قائمة.
يا رئيس البلاد، الناس لا يقفون خلفك من أجل شخصك أو جماعتك بل يقفون خلفك: المسلمون بدافع إسلامي والوطنيون بدافع الحفاظ على الوطن من تخريبه وإفساده، ومن ثم فلا ينبغي قصر إدارة البلد على فريق دون فريق، انس التصنيفات في هذا الأمر، واختر الكفاءات المناسبة التي تعمل لصالح البلاد ونهضتها، حتى لا يشعر أحد أنه قد قدم من هو أقل كفاءة على من هو أكثر كفاءة منه، فتفقد اصطفاف الناس معك وعن يمينك وعن شمالك ومن خلفك.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين .
اللهم احفظ بلادنا واجعلها أمنا وأمانا ورخاء واخذل الفاسدين والمخربين، ولا تقم لهم بعد يوم 30/6 قائمة اللهم آمين.
- التصنيف: