عشرون وقفة في رمضان
أغتنم فرصة حلول شهر رمضان المبارك، بأن أستوقف نفسي أولاً، ثم إخواني المسلمين ثانيًا، بعض الوقفات الهامة جدًّا، في بداية هذا الشهر العظيم.
في بداية الأمر نبارك للجميع هذا الشهر، و نسأل الله لنا ولكم إتمامه على الوجه الذي يرضيه عنا، وأغتنم فرصة حلول شهر رمضان المبارك، بأن أستوقف نفسي أولاً، ثم إخواني المسلمين ثانيًا، بعض الوقفات الهامة جدًّا، في بداية هذا الشهر العظيم، وهي على النحو الآتي:
وقفة1:
كان السلف والخيرون من الخلف، من هذه الأمة، يدعون الله ستة شهور من بعد رمضان أن يكتب الله لهم القبول، ومن ثم يتبعون المتبقي من السنة من الستة شهور، بأن يبلغهم الله صيام رمضان القادم.
فيا من أعطاه الله العمر، وبلَّغه هذا الشهر، فما أنت صانع في هذا الشهر؟؟
وما التغيُّر الذي سوف تحدثه في خارطة حياتك؟!! قال الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:133].
وقفة2:
في هذا الشهر المبارك يقضي المسلم وقته بين صيام وقيام، وعمل ونوم، واجتهاد في الطاعات، وتقرُّب لرب الأرض والسماوات، فحري بنا أن نحرص على أن تكون أعمالنا خالصة لوجه الله تعالى، والحذر من كل يبطل العمل، قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [سورة:5].
وقفة3:
الصيام لا يعني أن يكون المرء شاحب الوجه، مختفي الابتسامة، ضائق الصدر، بل لابد أن يكون حسن الخلق، وسيع الصدر، كثير الخير، سمْحًا كريمًا جوادًا، قال الله تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159]، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «وَتَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ» [1].
وقفة4:
ندرك جميعًا أن الصلاة هي عمود الدين، و يزداد الحفاظ عليها في هذا الشهر الفضيل، ولكن لنحرص على التبكير إليها، وألا يؤذن المؤذن إلا ونحن في المسجد، حتى لا تفوتنا تكبيرة الإحرام، وحتى نستغلَّ الوقت بين الأذان والإقامة بقراءة القرآن، وترديد الأذكار، قال الله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ . رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور:36-37].
وقفة5:
الدنيا ساعة فاجعلها طاعة، لا تضيِّع منك أي دقيقة إلا أن تسخرها بطاعة لله، بل لا تضيع أي ثانية إلا بذكر أو تسبيح أو قراءة قرآن، فالحمد لله رب العالمين الذي سهل علينا هذا الدين، فذكر الله يستطيعه المسلم قاعدًا أو قائمًا أو على جنبه، بل في كل زمان ومكان، ولكن الذي ينقصنا أن نتذكر هذا الفضل العظيم، فنبادر بالاستزادة من هذا الخير العميم، قال الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة:197].
وقفة6:
يسعى الكثير من الناس لأن يكون لهم نصيب من العمرة في شهر رمضان، ولكن قد يكون لسوء التخطيط أثر سلبي على برنامج الصائم، فتجده يوم عمرته متعبًا، و فاتته بعض الصلوات، وبعد عودته منهكًّا، و يحتاج إلى الراحة بعض الأيام، فالخسارة فادحة، والحل الرائع هو التخطيط السليم لوقت السفر والعودة، قال الله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد:33].
وقفة7:
رب حرص جر إلى مفسدة، فنجد أن البعض يحرص أن يذهب إلى مسجد معين لصلاة التراويح وذلك لجمال صوت إمامه، وهذا أمر جميل، ولكن علينا أن نحرص على التبكير حتى لا يكون ذهابنا سببًا لفوات الأهم، وهي صلاة الفرض، وشهود تكبيرة الإحرام، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ، لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ» [2].
وقفة8:
مع الزحام الموجود في بعض المساجد لصلاة التراويح، قد لا يهتم بعضنا بموقف سيارته، فيضع سيارته في موقف خاطئ قد يعيق المرور، أو يتسبب بأذية أحد المصلين الذين لم يكملوا صلاة التراويح، فالحرص أن تكون أعمالنا كاملة، تعكس شخصية المسلم الذي يخاف أن يؤذي أخاه من قريب أو بعيد، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عندما سئل عن حق الطريق: «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ» [3].
وقفة9:
تأتي بعض النساء للمسجد للصلاة، وهذا أمر يدل على حرصها على الخير والأجر، ولكن
قد تكون هناك بعض المخالفات التي تغفل عنها أخواتنا، مثل: التعطر المنهي عنه، أو رفع الصوت، أو لبس مالا يناسب المقام من ملابس غير مناسبة، أو تنبعث منها رائحة الأكل والطبخ، أو أذية المصلين بالأطفال، أو ترك أبنائها الأحق بالرعاية في بيتها مع الخدم أو لوحدهم، فلنعلم أن الله يسر علينا أمورنا، وأن الخير فيما أمر به الله، وليس ما تهواه أنفسنا، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب:36].
وقفة10:
يحرص بعض الآباء على الصلاة، وقراءة القرآن في أوقات مختلفة في المسجد، ورمضان فرصة عظيمة لمثل هذه الأعمال، و يكمل جمال هذا العمل بأن يتابع الأب أبناءه، ويجعلهم تحت نظره، يوجههم، ويقدمهم لعمل الخيرات، ولا يتركهم في المسجد فيتأذى بهم الإمام في صلاته، ويفوِّت على المصلين خشوعهم، فتربية الولد على الخلق والدين من واجب الأب، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم:6].
وقفة11:
على الزوجة أن تنظم وقتها، وأن تحتسب الأجر في خدمتها في بيتها أو عند أهلها، ولكن
لا يعني ذلك أن ينقضي جُلَّ اليوم بين تنظيف البيت، والاستعداد للسحور أو الفطور، بل يتم التفاهم مع الزوج على كيفية معينة، وأصناف محببة يكتفي بها، ويصرف باقي اليوم بالطاعة، والصلاة، والعبادة، فنحن ما خلقنا للأكل والشرب والنوم، وإنما خلقنا الله لعبادته، قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56].
وقفة12:
قد يكثر بعض الناس من الإفطار، فيذهب للمسجد مشبعًا، فيذهب خشوعه وطمأنينته في صلاته، أين نحن من قول الرسول صلى الله عليه و سلم: «مَا مَلأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَر?ًا مِنْ بَطْنِهِ، حَسْبُ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لا مَحَالَةَ، فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ» [4].
وقفة13:
يعترض بعض المصلين على الإمام إما لإطالة الصلاة، أو التأخر بإقامتها، فيتسبب في حدوث الخلاف، ورفع الأصوات في المسجد، فنصيحتي إن ناسبك الأمر فالحمد لله، وإلا لا تكن سببًا للنزاع في هذا الشهر المبارك، قال الله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا} [الأنفال:46].
وقفة14:
يظن البعض أن شهر رمضان هي فرصة لتذوق أنواع من الطعام، بينما هو في الحقيقة، هو شهر الإحساس بالفقراء والمساكين من إخواننا، وأن نمدَّ لهم يد العون، فليتنا نتنبه لهذه النقطة فلا نأكل إلا بقدر حاجتنا، ولقد آلمني منظر من ينبش في الزبالة، من أجل أن يستخرج الخبز منها ليقتات ليعيش، فأين نحن من هؤلاء؟؟ قال صلى الله عليه وسلم: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» [متفق عليه]، وقال أيضًا: «مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانًا وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ» [5].
وقفة15:
قد يجد بعض الناس متعة بأن يكون هذا الشهر هو وقت التجوُّل بين الأصدقاء والأقارب ليتمتع بالولائم المعدة بفن ودقة، فيضيع عليه الكثير من الوقت، ويشغل صاحب الوليمة وأهل بيته عن الطاعة، ولذلك لا تذهب إلى وليمة إلا إذا غلبت الروم، وليكن همُّك الأوحد اغتنام كل دقيقة من رمضان فيما يعود عليك نفعه في الآخرة، قال صلى الله عليه وسلم: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ» وعدَّ منها: «وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ» [6].
وقفة16:
يحسن بالمرء الذي يريد الأسواق، له أو لأهل بيته، أن يختار المناسب منها، والتي ليس فيها زحام شديد، وخاصة أن المحلات تفتح أبوابها في أوقات مختلفة في شهر رمضان، وإذا كانت هذه الأغراض والأعمال يمكن أن تؤجل إلى ما بعد رمضان فتأجيلها أفضل، لأن استغلال الشهر بالطاعة وتحصيل الأجر خير من التسكع في الأسواق، والوقوع في بعض الذنوب والمعاصي نتيجة لولوج الأسواق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الْبِقَاعِ الْمَسَاجِدُ، وَشَرَّ الْبِقَاعِ الأَسْ?َاقُ» [7].
وقفة17:
تعود الكثير من الناس أن يكون رمضان هو وقت دفع الزكاة، وهذا شيء طيب واختيار موفق، لأن الأعمال الصالحة تشرف بشرف وقت عملها ومكانه، ولكن لنحرص أن نتحرى الدقة في إخراجها لمستحقيها، وألا نركز على من تعودنا أن نعطيه زكاتنا كل عام، بل لا بد من التحقق من كونه مستحقًّا لها، فإن وجدنا أن حاله تحسن، وصار ليس من أهل الزكاة، دفعناها لغيره ممن يستحقها، فالزكاة عبادة يجب أن تؤدى كما أراد الله ورسوله، قال الله تعالى: {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى . إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} [الليل:19-20].
وقفة18:
عمل برامج رمضانية، وجلسات عائلية، ومسابقات ثقافية، وأخرى ترويحية، لأهل بيتك ولجماعة المسجد، واستغل إقبال الناس في رمضان إلى الخير والعبادة والمساجد بدعوتهم إلى الله والتوبة والإنابة إليه، فإن للنفس إقبالاً وإدبارًا، فإذا أقبلت حاول أن تغتنم هذا الإقبال وتستثمره، فالوقت من ذهب، والوقت هو عمرك، فما ذهب منه لن يعود إلى قيام الساعة، وأنت ستحاسب على كل دقيقة من عمرك.
قال الشاعر:
دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثواني
وقفة19:
الإعلام في رمضان، وما أدراك ما الإعلام في رمضان، صار بدل من أن يستمتع المؤمن الصائم عند فطره، بدعاء وذكر لله، تجد المصائب من المسلسلات الغير هادفة، والتي ملئت بالمعاصي والمنكرات، والتي يندى لها جبين الحياء، فإلى الإخوة الإعلاميين أوجه النصيحة فأقول: اتقوا الله في أنفسكم، وأروا الله والمؤمنين منكم خيرًا، وارحموا شباب وفتيات الإسلام من الإغراءات والفساد العظيم، والعجب كل العجب، أن الكل يعلم أهمية دور وسائل الإعلام في إصلاح المجتمع، والكل يعلم خطورتها في فساد المجتمع، وعلى رأس العالِمين بهذا الإعلاميون أنفسهم، وهم واعون أشد الوعي لهذا الأمر، ولكن الله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا به على أولئك الظالمين لأنفسهم ولإخوانهم المسلمين، ألا تعلمون أيها الإعلاميون أنكم ميتون، وأنكم غدًا بين يدي الله موقوفون، وعلى أعمالكم وتقصيركم محاسبون وملامون، قال الله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات:24].
وقفة20:
قد يصوم البعض عن الكثير من المآكل و المشارب، ولكن يترك للسانه أن يفطر على أعراض الناس، ولبصره أن يفطر في المحرمات، ولقلبه أن يلهو ويضل في الطرقات، اهتم بمفطرات الصيام الحسية المادية، ولم يهتم بمفطراته المعنوية، والتي لا تقل أهمية عن المفطرات الحسية إن لم تكن أخطر منها، وصدق قول من قال: «رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب» ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، والعَمَلَ بِهِ، والجَهْلَ، فلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ فِي أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ» [8].
وفي الختام نسأل الله لنا ولكم القبول والغفران، وأن يتمم علينا الصيام، وأن يرزقنا القبول، وأن يجعلنا ممن صام وقام شهر رمضان إيمانًا واحتسابًا، وممن يوفق لليلة القدر، وقبلتها منه يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
______________________________________
[1] حديث صحيح، صححه الألباني، انظر السلسلة الصحيحة، رقم الحديث: (572).
[2] صحيح الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق الألباني، رقم الحديث: (67).
[3] حديث صحيح، رواه البخاري في صحيح الأدب المفرد، تحقيق الألباني، رقم الحديث: (881/1150).
[4] رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، انظر السلسلة الصحيحة للألباني، رقم الحديث: (2265).
[5] حديث صحيح، انظر السلسلة الصحيحة للألباني، رقم الحديث: (149).
[6] حديث شريف، صححه الألباني، انظر صحيح الجامع الصغير وزيادته، رقم الحديث: (1077).
[7] حديث شريف، حسنه الألباني، انظر صحيح الجامع الصغير وزيادته، رقم الحديث: (3271).
[8] رواه أبو داود ( 2045 )، وصححه الألباني، انظر التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان: [ 5/324 ] رقم الحديث: (3471).
سعد العثمان
- التصنيف:
- المصدر: