تعثر العسكر

منذ 2013-08-22

وفيما حدث في مصر من انقلاب عسكري تعددت الأسباب، فبعضها اجتماعي، وبعضها سياسي، وبعضها أمني. وكثر الفاعلون، فالعكسر، وعامة الناس، والنخبة العلمانية، والنخبة الإعلامية..


بسم الله الرحمن الرحيم
لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

الحدث الكبير تتعدد أسبابه، ويكثر فاعلوه؛ فلا تستطيع في حدث كبير أن تتحدث عن سببٍ واحد ولا عن عددٍ قليلٍ من الفاعلين. وفيما حدث في مصر من انقلاب عسكري تعددت الأسباب، فبعضها اجتماعي، وبعضها سياسي، وبعضها أمني. وكثر الفاعلون، فالعكسر، وعامة الناس، والنخبة العلمانية، والنخبة الإعلامية.

ويجمل أن نلقي الضوء على أن عوامل التفاعل في الظاهرة (ظاهرة الانقلاب العسكري) لا تسير في اتجاه واحد، ولا يوجد بين هذه العوامل تيار سائد يستطيع أن يسير بالكل في اتجاه واحد يستطيع أن يحمل الجميع على خيارته هو.


حتى العسكر، وهم أقوى الفاعلين في ظاهرة الانقلاب على "الشرعية"، لا يستطيعون فرض خياراتهم، أو فرض أنفسهم على المجتمع المصري، مما يعني أن ظاهرة الانقلاب لن تتحرك لبعيد، وأنها بعد قليلٍ ستبتلعها الأيام، ولن تكون أكثر من حجر ألقي على قدم الأمة وهي تسير في طريق صحوتها.

الجزء الفاعل في كل مجتمع لا يتجاوز 10% من سكانه، بعضهم يحكم، وبعضهم يعارض، وحالَ الثورة ينضم عامة الناس -أو جزء كبير منهم- للجزء المعارض، وبالتالي تحدث الثورة، ويتغير نظام الحكم، ولا يكون فجأة بل على موجات؛ وتأتي الثورة المضادة بالالتفاف على الناس وخداعهم حتى ينصرفوا أو حتى يغيروا خياراتهم.

فالحدث الأهم في الثورات هو تحريك النخبة للجماهير، لصناعة الحدث بها، وهذا ما حصل في الأحداث الأخيرة: حركت النخبة العلمانية الجماهير ضد الخيار الإسلامي، متمثلًا في الإخوان المسلمين.

مهم الآن أن نرصد أمرين:

أولهما: أن الجماهير لا زالت حاضرة في الحدث، ولم تنصرف بعد.

ثانيهما: أن للجماهير قضايا خاصة، بعيدة تمامًا عن قضايا النخبة من الطرفين، فلا قضية تحكيم الشريعة -كما هي في تصور السلفيين والإخوان- تعنيهم، ولا أن يكون الحكم عسكريًا أو مدنيًا يعنيهم.

الجماهير لها قضايا خاصة بها، تتركز في الطعام والشراب والأمن (بعد اقتصادي، وبعد أمني)، والعسكر لا يملكون حلولًا لقضايا الجماهير، فليس عندهم غير السلاح، الحل الأمني. وأموال الخليج قوت، لسد الحاجة فقط، حتى تمر الأزمة، وقد تباع كديون لعدو خارجي كما فعلت الكويت مع العراق بعد الحرب مع إيران، وقد تنهب، ولا تصل للشعب، والمؤكد أنها لن تبني اقتصادًا ولن تغني شعبًا.

إذًا، تعثر العسكر أمر لا مفر منه. وعلينا الآن أن نوجه خطابنا للجماهير نبين لهم أن العسكر لا يملكون حلولًا لقضاياهم هم، وأن أمارة ذلك بادية في عودة المفسدين، وارتفاع الأسعار، وانعدام الأمن، وزادوا الإسراف في القتل.

وعلينا أن نستبشر، ونعلم أن عودة الأمور لما كانت عليه قبل يناير 2011، لن يكون، بحول الله وقوته، فقد استيقظ الناس، وتشتت شمل المجرمين، وما لم تستطع أمريكا فعله والدنيا كلها معها في العراق وأفغانستان (2001، 2003) لن تستطيع فعله بأتباعها.

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 2,020

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً