لماذا لا نبوح؟

منذ 2013-09-18

تتنوع أسباب الكتمان وتتعدد وتختلف درجاته وأساليبه وأنواعه من شخص لآخر، والكتمان واحد، ويظل في حالات كثيرة الصديق الوفي الذي يخفف عنا! وفي أوقات كثيرة يبقى الطريقة الوحيدة التي تريحنا وتسعدنا دون علم منا.

 

كُلٌّ منا يضمر في داخله أسرار لا تُفشى، ويكتم في عمقه أحاديث لا تُترجم، ويُخفي بين جنبيه حكايا لا تُحكى..، هم يلجأون للكتمان؛ لأنهم اعتادوا ذلك، ويكتفون بأن يدفنوا في دواخلهم ما لا يقال ولا يذكر ولا يُحَدَّث به، هو لا يحب إظهار ضعفه للمقربين منه، ويرى في البوح ضعفا فيكابر فيه!

هي فقدت ثقتها بمن حولها، خُذلت من بعضهم حد الخيبة المميتة! تجنباً للمزيد من الخيبات والخذلان اتخذت سبيلاً وصديقاً لها (الكتمان). وتلك مهما تحدثت وباحت لأقربهم لها فلن يفهمها ويشعر بها أي شخص! ولا يوجد من يستطيع أن يخفف عنها، فلا فائدة تُرجى حين تبوح، ولا نفع يُذكر حين تكسر حاجز الكتمان!

وذاك لا يفرق بين الشكوى والبوح، وأن ليس كل بوح هو شكوى! فلا يبوح لأنه حفظ عن قناعة تامة: "الشكوى لغير الله مذلة" فتبرمج عليها، وأولئك حين يكونوا في أشد الحاجة للبوح لا يجدون حولهم من يبوحون له، ولا بقربهم حتى! بعكس الأوقات التي لا يحتاجون فيها للبوح يكثر الأشخاص من حولهم ويحيطون بهم! وأخرى يُنهكها البوح ويُتعبها كثيراً، ولا تجنِ منه سوى الندم والتحسر..

وآخر لا يملك صديق وقريب سوى ذاته ونفسه! فليجأ لها ويبوح لها دون غيرها، وفي أحايين كثيرة يكون بوحه بالكتابة، وآخرون لا يبثون أحزانهم وشكواهم سوى لربهم وخالقهم ومولاهم، علموا يقيناً ليس هناك في الدنيا من يخفف عنهم سواه، من يمسح على قلوبهم غيره، من يعرفهم ويعرف ما بهم إلاه، هم يجدون السعادة والراحة في البوح له..

وبعضهم امتلأوا بما فيه الكفاية، فأصاب بوحهم (البُكم)، وغيرهم حُمِّلوا فوق طاقاتهم، فبات (الصمت) حديثهم وترجمانهم، وبوحهم وردَّهم وجوابهم وكلامهم! وصاروا أشبه بالتماثيل، وهناك من يرى بمنظوره الخاص، أن كل ما يخفيه لا يستحق أن يُذكر، أو يُلتفت له لأنه بلا أهمية أو فائدة!

وهناك من جمعت بين كل تلك القناعات والأسباب، وأكسبت نفسها صفة البخل والأنانية في أحزانها وأوجاعها وآلامها.. وهناك من يفضلون موتهم بالكتمان على أن يقتلوا من حولهم بحزنهم وألمهم وبوحهم..

تتنوع أسباب الكتمان وتتعدد وتختلف درجاته وأساليبه وأنواعه من شخص لآخر، والكتمان واحد، ويظل في حالات كثيرة الصديق الوفي الذي يخفف عنا! وفي أوقات كثيرة يبقى الطريقة الوحيدة التي تريحنا وتسعدنا دون علم منا.
 

 

رؤى عبد الحليم
 

  • 3
  • 0
  • 2,416

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً