نحن والغرب وأمريكا...

كيف نترجم الموقف الأمريكي والغربي؟؟؟
لترجمة ردود الفعل الغربية والأمريكية بالخصوص عن أي حدث في منطقة الشرق الأوسط يجب معرفة القوى الحقيقية المؤثرة في القرار. وتلك القوى ليست واحدة؛ هي بالفعل ثلاث اتجاهات:

الأولى: هي القوى البرجماتية النفعية (المصالح) تدخل فيها البرجماتية بمعناها الواسع كالهيمنة الاقتصادية، والسياسية، وحتى الفكرية.

الثانية: هي القوى القومية؛ وهي تلك الفكرة التي نشأت في أوروبا وزادت حدتها بعد الحروب العالمية حتى وصلت إلى العنصرية في الممارسات.

الثالثة: هي القوى الدينية؛ وهي المنطلقة من خلفيات معظمها الآن تحت السيطرة التوراتية والصهيونية.

وكل تلك القوى تكون مزيجا توافقيا في إصدار ردود الأفعال الغربية والأمريكية. ويتوقف اتجاه القرارات على نسبية التأثير بين تلك القوى الثلاثة. وهي بالمناسبة ليست ثابتة، وليست متوافقة في كل الأحوال؛ إلا أنه طوال الحقبة الماضية كانت تلك القوى تتوافق على شكل منطقة الشرق الأوسط وأنظمتها السياسية.

ولكن أظن أن بعد ثورات الربيع العربي وما خلفته من حالة سياسية غير مستقرة حتى الآن اختلفت مكونات هذا الخليط إلى حد أكبر من أن يحدث توافقا ينتج عنه قرارات واضحة قوية كما كان عليه الأمر في السابق.

فالقوى البرجماتية النفعية تشعر بتأثير سلبي شديد جراء حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
أما القوى القومية لا زالت تخشى منافسيها من القوميات والأيدولوجيات لقوى عظمى أخرى في المنطقة ولا تتحرك إلا بدافع هذا التنافس (كروسيا والصين وأمريكا والاتحاد الأوروبي)، ولذا هي في حسابات مستمرة وتوازنات السيطرة على المنطقة.
أما القوى الدينية (التوراتية الصهيونية) فهي بكل تأكيد لا تعبأ بدوافع القوتين السابقتين، ولها مخطط زمني ثابت لا يتأثر كثيرا بالمستجدات فهي دائما ما تحاول إخضاع المستجدات إلى فلسفاتها، ومن ثم كانت تعمل دائما جاهدة على محاولة دمج فلسفاتها مع أهداف ومؤثرات القوتين السابقتين. إلا أنني أستطيع القول أنه سيصعب عليها الآن فعل ذلك لتعارض كبير بين ما تصبو هي إليه ومع مصلحة القوتين الأخريين.

الشاهد والمهم: وهذا أقوله إلى الجميع في المنطقة؛ سواء الانقلاب في مصر، أو حالة اللا حالة في اليمن، أو حالة الاقتتال الليبي، والتحفز المغربي، أو حالة الرحرحة الخليجية- على الجميع أن لا يراهن على قوة واحدة منفردة من تلك الثلاث قوى. ومن أراد أن يحسب جيدا ردة الفعل عليه أن يدرس -وبعمق- نسبية التأثير الآن، والمسافة المتولدة بين تلك القوى، وأيهما سيكون له الغلبة وخصوصا بعد ثورات الربيع العربي.

والمعتمد على اتجاه واحد بعينه الآن عليه أن يراجع حساباته جيدا لأنه سيصدم صدمة كبيرة لم تكن في حسبانه أبدا.. طبعا أتحدث عن القادة والنخب؛ أما بخصوص الشعوب.. فشعوبهم سجنتها تلك القوى مجتمعة داخل سجن القيم الليبرالية والديمقراطية النظرية والمصنعة سلفا على مقاس القوى الثلاث سابقة الذكر أثناء توافقها التوافق المثالي في المصلحة وخدمة الأهداف.

وشعوبنا نحن فهي لا زالت مسجونة داخل حدود إدراك لواقعها رسمته الأنظمة المتعاقبة عبر الزمن... مع إعطاءها مؤخرا بعض (الفسحة) من خلال شعارات وهمية لا يقابلها أدوات لتحقيقها؛ ولكنها في النهاية فسحة !!!!!
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام