لك الله يا أرض الجزيرة
دعوها تَقُدْ سيـارةً لتطيرا *** وتفتحَ باباً للخروج كبيرا
دعوها تسافرْ في سراديب عصرها *** لتزدادَ من طبع الحياء نفورا
ألم تجعلوها حرّةً في لباسها *** فأبْدتْ لكم بعد الحجاب سفورا؟
ألم تجعلوا الإعلام مُرشدَ عقلها *** وما كان إلا مفسداً ومثيرا؟
ألم تفتحوا أبوابها لتحلُّلٍ *** فلم تلقَ إلا ملحداً وكَفورا؟
رحلتم بها شرقاً وغرباً لنُزْهةٍ *** تُريها كبيرَ الموبقات صغيرا
ترى -مثلكم- في الغرب أهل رذيلةٍ *** عُراةً ولم تسمعْ هناك نكيرا
ألم تتركوها في بلاد ابتعاثها *** تخوض من الفكر الدخيل بحورا؟
تَصاغَرَ معنى السِّتر في عُمْقِ نفسها *** فزادت على درب الظنون ظهورا
رميتم بها في لُجّة الغرب وحدَها *** وغِبتم فزاد الماكرون حضورا
لقد شاركت غربَ الضياع حياتَه *** فلم تَلْقَ إلا حسرةً وثبورا
وألْقت -وأنتم تنظرون- خِمارَها *** وصارت ترى خمّارةً وخمورا
ومزّقت الثوب الطويلَ تَذَمُّراً *** وقد لَبِستْ بين الرجال قصيرا
ركبتم بها مَتْنَ الرّغائب والهوى *** فأبعدَها عمّا نُحِبّ كثيرا
دعوها تَقُدْ سيارةً أو توَقّفوا *** قليلاً ومُدّوا للرجوع جسورا
وعودوا إلى شرعٍ حكيمٍ ومنهجٍ *** قويمٍ وصدّوا من يريد فجورا
وصونوا بناتِ المسلمين من الرّدى *** ولا تتركوا أرضَ المَكارمِ بُورا
أعيدوا إلى البيت الحزين سرورَه *** ولا تَسْلبوا قلبَ الحياةِ سرورا
أميرةُ بيتِ الطُّهْرِ أمٌ كريمةٌ *** تُعِدُّ لنا جيلاً يَصُدّ شرورا
فلا تطحنوها في رحى الوهم والهوى *** وطاحُونِ أعمالٍ تُمِيتُ شُعورا
لكِ اللهُ يا أرضَ الجزيرةِ إنني *** أشاهد دمعاً في العيونِ غزيرا
وأُبصرُ في وجهِ اليمامةِ حسرةً *** وأسمعُ في صدر الحجاز زفيرا
أرى النخلَ في حُزْنٍ على بنتِك التي *** تُصدّقُ أوهاماً وتَقْبَل زورا
وأسمعُ كُثْبانَ الرّمال بَواكياً *** على مسلماتٍ لا يخَفْنَ نذيرا
لك اللهُ من أرضٍ تَفَطّرَ قلبُها *** فأرجعت الطرفََ الحزينَ كسيرا
تُشاهدُ من أبنائها وبناتها *** قطيعاً تمادى في الضلال غرورا
وتُبْصِرُ زُوّارَ السّفاراتِ أصبحوا *** يزورون فيها قُنصلاً وسفيرا
لقد أدخلوا أولادَنا جُحْرَ ضَبِّهم *** ويا بُؤْسَ قومٍ يدخلون جحورا
لكِ الله يا أرضَ الجزيرةِ إننا *** لَنبني على أرض الوفاء قصورا
على أرضك المِعْطاءِ تحيا حرائرٌ *** عمَرْنَ بآيات الكتابِ صدورا
وقفْنَ أمامَ المُغرياتِ شوامخاً *** فلا تيأسي إنّا نشاهد نورا
لك اللهُ من أرض تألّق نجمها *** وصار لها المجدُ التّليد وزيرا
سيرتدُّ مهزومينَ أهلُ رذيلةٍ *** إذا عمرتْ روحُ الفضائلِ دُورا
- التصنيف: