نفي أهل السنة من لبنان

منذ 2013-11-28

ليس هنالك أي عقلية تآمرية وراء ملاحظة التعتيم الإعلامي الشامل على جرائم التفجير الإرهابية التي قتلت وجرحت العشرات من المسلمين في مسجدين من مساجد مدينة طرابلس اللبنانية. ذلك أن الله سبحانه وفق أجهزة الأمن اللبنانية المشلولة إلى الإمساك بخيوط الجريمة، وأحال بعض المتورطين فيها إلى القضاء مع توجيه الاتهام غيابيًا إلى اثنين من أجهزة استخبارات النظام الأسدي ...


ليس هنالك أي عقلية تآمرية وراء ملاحظة التعتيم الإعلامي الشامل على جرائم التفجير الإرهابية التي قتلت وجرحت العشرات من المسلمين في مسجدين من مساجد مدينة طرابلس اللبنانية. ذلك أن الله سبحانه وفق أجهزة الأمن اللبنانية المشلولة إلى الإمساك بخيوط الجريمة، وأحال بعض المتورطين فيها إلى القضاء مع توجيه الاتهام غيابيًا إلى اثنين من أجهزة استخبارات النظام الأسدي لأنهما اللذان توليا كبر التخطيط والتمويل ومتابعة التنفيذ للجريمة الوحشية الطائفية، التي تفضح الحقد الكريه الذي يخفيه الطاغية النصيري وحلفاؤه المجوس الجدد في إيران وعراق المالكي ولبنان المختطف من قِبَل أداة خامنئي هناك: حسن نصر الله.

فكل القتل المستحر في الشعب السوري على أيدي هؤلاء القتلة الهمج منذ سنتين ونصف سنة، لم يشبع نهمهم إلى إراقة دماء المسلمين، ولذلك قرروا توسيع دائرة دمويتهم إلى أهل السنة في لبنان. وحتى في لبنان الأسير لم يكفِ تلك النفوس المريضة ما اقترفته ضد أهل السنة في صيدا، الجنوبية فوجهوا مسار سمومهم إلى أهل الشمال، لمجرد أنهم يتعاطفون مع الثورة السورية ضد نيرون هذا العصر.

اِفْتُضِحَ القومَ لكن الخبر الفضيحة مات في مهده، وكأنه عن حادث مرور عابر وغير متعمد! الأمر الذي يجدد التذكير بخطة نصيرية صفوية أشد قبحًا ووحشية، وهي فضيحة مملوك/سماحة، حيث كلف الأول -وهو ذو موقع استخباراتي كبير في عصابة الأسد- كلف الثاني بتنفيذ جملة تفجيرات طائفية منوعة لإشعال فتنة كبرى شاملة في لبنان. وقد تم القبض على الوزير اللبناني السابق ميشيل سماحة متلبسًا والمتفجرات في سيارته ومنزله.. وانزوى نبأ الكارثة المرعبة إلى الظل، وكأن شيئًا لم يكن.

إن القراءة المبتسرة لألغاز لبنان تجعل المتلقي غير الخبير في حيرة وتيه. وأما القراءة العميقة التي تربط الأسباب بالمسببات، والنتائج بالجذور، فتبدو -لتعقيدها وغزارة خباياها- قراءة تهويلية غير معقولة، وبخاصة أن الإعلام غالبًا ما يبحث عن الإثارة الآنية ولا يكلف نفسه عناء الغوص في العمق وتقصي الأغوار ، ويزيد من استفحال هذه الحال هيمنة التغريبيين على أكثر وسائل الإعلام العربية، والتوظيفات الهائلة من الحلف المجوسي في حقل التضليل الإعلامي، مع ندرة الإعلام الإسلامي وشح موارد المتاح منه.

إن من سنن الله تعالى في الأنفس والآفاق، أن وهن أركان القوة يعزز فرصة عناصر الضعف في التسلل والتمدد على حسابها. هنالك ثلاثة أسباب رئيسية تضافرت نتائجها معًا حتى أحالت لبنان إلى الوضع البائس الذي أمسى عليه اليوم، هي:

أولًا: تخلي الغرب عن حمايته التقليدية للبنان باعتباره (كيانًا نصرانيًا) بالرغم من أن الغرب عمل لهذه الغاية المشينة نحو قرنين من الزمان، ولا سيما منذ الحرب الأهلية الأولى سنة 1860م، مرورًا بالاستعمار الفرنسي لسوريا، الذي سلخ لبنان عن سوريا ونقله من متصرفية تتمتع بحكم شبه ذاتي إلى دولة مختلقة، يغلب عليها النصارى.

ثانيًا: نقل كفالة لبنان من (الأم الحنون) -أي: الغرب بعامة وفرنسا بخاصة- إلى خادم الغرب الوفي الهالك حافظ الأسد، حيث نجح في ما فشل فيه الصهاينة أنفسهم وهو تخليص اليهود من المقاومة الفلسطينية في لبنان. وقد تركوا لعميلهم الأب ثم وريثه القاصر حرية التصرف في لبنان، فلعب في بنيته وطبيعة بنيانه السياسي والاجتماعي، بالتنسيق مع ملالي قم. فعاثت الاستخبارات السورية فيه فسادًا، واجتثت جميع القوى المقاوِمة للاحتلال الصهيوني لجنوب لبنان، وحصر السلاح في طائفة الرافضة!

ثالثًا: غياب مشروع إستراتيجي حقيقي لأهل السنة في المنطقة، يكبح جماح الأخطبوط الصفوي، باستثناء تصريح هنا عن شرور الهلال الشيعي، وكلام هامشي عن ضرورة وضع حد للتوسع الإيراني.

وعليه، فإن ما يجري في لبنان ليس طيشًا طارئًا أو نزوة موقوتة، وإنما هو جزء من خطة رهيبة تنبثق عن تحالف الأقليات، الذي يراهن على وأد الثورة السورية لا قدَّر الله، ليبتلع لبنان نهائيًا وتصبح طهران إمبراطورية تمتد من وسط آسيا إلى شاطئ البحر المتوسط! ولا نجد داعيًا للتنبيه إلى خطوتها التالية!

وإن ما يقع في مصر الآن، إذا استمر من شأنه تسهيل المؤامرة المجوسية الحقود، فإذا كانت اتفاقات كامب ديفيد أخرجت مصر من الصراع مع الصهاينة فإن ملامح النظام الجديد فيها تنبئ بإخراج مصر من مواجهة أنياب الملالي الطامعين، إذا كان في الأمة من لا زال يدرك مدى الشر المتربص بأمتنا من هؤلاء.

 

  • 0
  • 0
  • 1,390

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً