أمن الخليج في ضوء الاتفاق النووي الإيراني
منذ حدوث التقارب المفاجئ في العلاقات بين الغرب وإيران والتراجع الأمريكي المثير للجدل عن توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد الموالي لطهران، عقب مقتل أكثر من 1400 من المدنيين السوريين بالأسلحة الكيميائية، وهناك هواجس خليجية حول التوجه الأمريكي الجديد في المنطقة وعلاقة ذلك بعقد صفقات مشبوهة مع إيران.
منذ حدوث التقارب المفاجئ في العلاقات بين الغرب وإيران والتراجع الأمريكي المثير للجدل عن توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد الموالي لطهران، عقب مقتل أكثر من 1400 من المدنيين السوريين بالأسلحة الكيميائية، وهناك هواجس خليجية حول التوجه الأمريكي الجديد في المنطقة وعلاقة ذلك بعقد صفقات مشبوهة مع إيران.
لقد كان الغرب دائما يصف إيران بالإرهاب خلال خطابه الإعلامي العلني ويحذر من مخططاتها لبسط نفوذها في المنطقة، وعندما اندلعت الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد وتدخلت إيران إلى جانبه بقوة ماديا وعسكريا أكد الغرب أن طهران تدافع عن نظام استبدادي يقتل شعبه، إلا أن كل ذلك تلاشى بشكل سريع ومريب وعقد وزير الخارجية الأمريكي لقاء مع نظيره الإيراني وهاتف الرئيس الأمريكي أوباما الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني وبدأت التصريحات تخرج من الجهتين عن تقارب بين الطرفين وإمكانية حدوث انفراجة هامة في العلاقات (المتوترة).
تزامن ذلك مع اتفاق مثير للدهشة مع نظام الأسد بشأن أسلحته الكيميائية منحه فرصة ذهبية للإفلات من ضربة عسكرية وعقوبات صارمة كان الغرب ينوي القيام بها بل وتبع ذلك ثناء غرب على نظام الأسد وتعاونه مع المفتشين الدوليين وموافقة على حضور طهران مؤتمر جنيف 2، والأكثر من ذلك التوقيع على اتفاقية بين إيران والغرب بشأن أسلحتها النووية خلال أيام قليلة من المباحثات رغم فشل جميع المساعي طوال السنوات الماضية.
الغريب في الاتفاقية بين الغرب وإيران حول الأسلحة النووية أن كل جانب يتحدث عن بنود مختلفة وعن نجاح في اختراق للجانب الآخر وسط غموض حول البنود الحقيقية للاتفاق الذي حدث في زمن قياسي وعقب تحول دراماتيكي في الموقف الغربي ليس فقط من طهران ولكن أيضا من نظام الأسد الذي قتل الآلاف وشرد الملايين من شعبه باعتراف الحكومات الغربية نفسها.
لقد كشفت مصادر صحفية غربية عن خبايا الاتفاق النووي مع إيران وأكدت أن المباحثات بدأت بشكل سري وبموافقة شخصية من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي وهو ما يدحض ما يقال تبريرا للتحول المفاجئ في العلاقات بين الطرفين بشأن وجود رئيس جديد في إيران يبدو أكثر انفتاحا على الغرب.
أجمع المحللون تقريبا على أن الغرب تنازل بشكل صريح عن دعم الثورة السورية وعن ضرورة إزاحة الأسد من حكم سوريا في مقابل الاتفاق النووي الأخير، ولكن الكلام لا يقف عند هذا الحد بل يتجاوزه إلى حديث عن تنازل أمريكي عن حماية أمن الخليج ضد التجاوزات الإيرانية المستمرة أيضا وهو ما تشير إليه المخاوف المتصاعدة في الخليج بعد الإعلان عن الاتفاق. لقد حذر السفير السعودي في بريطانيا من صفقات غربية مع إيران على حساب الخليج، مؤكدا أن الخليج لن يسكت على هذه الصفقات التي تهدد أمنه، وطالب باتخاذ مواقف حاسمة تجاه إيران.
لقد بدأ التوجس الخليجي عقب تخلي الغرب عن موقفه الداعم للثورة السورية، وكان الرفض السعودي لمقعد مجلس الأمن والرسالة التي وجهها للأمين العام للأمم المتحدة بهذا الشأن أكبر دليل على أن طريقة التعامل الغربية في المنطقة أصبحت تمثل خطرا حقيقيا على أطراف هامة وإستراتيجية..لا يستبعد محللون أن تكون أمريكا قد عقدت صفقة مع إيران تتيح لها مجالا أوسع في الحركة والنفوذ في المنطقة وتأمين نظام بشار الأسد مقابل ضمان أمن الكيان الصهيوني عن طريق تحجيم النشاط النووي الإيراني بدرجة معينة لا تجعله يمثل خطرا على إسرائيل أو يثير مخاوف الغرب من سطوع قوة نووية جديدة.
الأطماع الإيرانية في المنطقة وتهديدها لأمن الخليج حدث عنها ولا حرج بداية من تغلغلها في اليمن بواسطة الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق متاخمة للحدود السعودية مرورا بالتدخل في البحرين عن طريق جماعات شيعية تدين بالولاء التام لطهران والجزر الإماراتية المحتلة والتي ترفض إيران التخلي عنها وليس انتهاء بالنفوذ الواسع في العراق ووجود قوات إيرانية تستخدم أراضيها لأسباب مختلفة وتأثير ذلك على دول خليجية مجاورة مثل الكويت.
أمريكا لا تعرف الصداقة الدائمة مع أحد بل تعرف المصالح الدائمة والتي تتغير بوصلتها كل يوم ويبدو أن البوصلة الآن أصبحت تشير ناحية طهران وهو ما يوجب على دول الخليج اليقظة التامة وشحذ قوتها الاقتصادية والنفطية من أجل تكوين لوبي يحمي أمنها ويجبر الغرب على مراجعة صفقاته مع طهران.
- التصنيف:
- المصدر: