ليبيا واليمن..هل يتكرر السيناريو العراقي؟
تعيش ليبيا واليمن أجواء من التوتر الأمني والعنف المسلح والظروف الصعبة بعد الثورتين، اللتين أطاحتا بنظامي القذافي وصالح، حيث لم يستطع الثوار من حسم المعركة مع النظامين القديمين بعد، وإرساء دعائم لنظام جديد خصوصاً مع التدخل الغربي المستمر في شؤون البلدين والذي لم ينقطع بعد زوال النظامين السابقين.
تعيش ليبيا واليمن أجواء من التوتر الأمني والعنف المسلح والظروف الصعبة بعد الثورتين، اللتين أطاحتا بنظامي القذافي وصالح، حيث لم يستطع الثوار من حسم المعركة مع النظامين القديمين بعد، وإرساء دعائم لنظام جديد خصوصاً مع التدخل الغربي المستمر في شؤون البلدين والذي لم ينقطع بعد زوال النظامين السابقين.
ما يحدث في ليبيا واليمن في جزء منه هو تكرار لما يحدث في بقية دول الربيع العربي من تنازع الثوار، واختلاف توجهاتهم، وعدم اليقظة لمخططات الفلول وأصحاب المصالح، الذين يتقلبون كل يوم بلون مختلف ثم ينقضون على فريستهم حال ضعفها، وفي جزء آخر يرجع لخصوصية هاتين البلدين بسبب تركيبتهما القبلية وانتشار السلاح فيهما منذ وقت طويل.
ليبيا كانت دائماً مطمعاً للغرب بسبب ثرواتها النفطية وكان نظام "القذافي" يستغل ذلك من أجل تثبيت أركان حكمه الدكتاتوري، وفي الفترة الأخيرة فتح أبوابه وخزائنه للغرب خوفاً من مصير مشابه لمصير "صدام حسين" ومحاولة منه لتمرير توريث الحكم لابنه "سيف الإسلام" الذي كان يقدم نفسه للغرب على أنه النسخة الديمقراطية المتنورة من والده والذي يسعى للإصلاح والتقدم وفق المفاهيم الغربية، وبدا كأن الغرب اقتنع بالأمر من أجل فتح الطريق لشركاته للاستيلاء على نفط ليبيا بأرخص الأسعار، وكانت علاقات القذافي بفرنسا وإيطاليا مثار جدل واسع حول عمولات ورشاوى ومصالح مشبوهة.
عندما أنتفض الشعب الليبي على نظام "القذافي" وقف الغرب لبرهة يفكر في عاقبة الأمور وعندما وجد أن المعارضة مسلحة أيضا وأنها بالفعل سيطرت على مناطق نفطية هامة قرر الغرب التدخل من أجل أن يحافظ على النفط، ولكنه حتى الآن يرى أن ما حصل عليه أقل بكثير مما قدمه! وما كان يطمح إليه خصوصاً مع بروز تيارات ثورية ترفض الوصاية الغربية على النفط الليبي وعلى القرار الوطني وهو ما أدى إلى معاداتها وإبعادها عن الحكومة واتهامها "بالتطرف".
الغرب كان يراهن على أنصاره في ليبيا لحسم الأمور ولكن مع تصاعد الخلافات والاشتباكات المسلحة أصبح التفكير بشكل جدي في التدخل العسكري بدعوى الحفاظ على الأرواح والممتلكات الغربية، وهو في حقيقته وضع آبار النفط تحت الحماية الغربية بحجة أن الحكومة المركزية لا تستطيع فعل ذلك وقد أعلنت الأمم المتحدة عن نشر قوة أجنبية بالفعل على شاكلة "بلاك ووتر" في العراق لحماية موظفيها ومبانيها، كما صرحت مصادر مسؤولة عن تعاون عسكري مع الغرب من أجل تأمين الحدود.
أما في اليمن فالتدخل العسكري الغربي أكثر وضوحا والحجة البادية والظاهرة للأعين هو تنظيم القاعدة ولكن اليمن فيه العديد من القوى المسلحة التي تهدد أمنه غير القاعدة ويتم تمهيد الطريق لها من أجل انتزاع مناطق جديدة وفصلها عن الوطن الأم مثل المتمردين الحوثيين الشيعة والذين يرفعون شعار "الموت لأمريكا" ولكن في حقيقة الأمر لا يهاجمون أمريكا ولا تهاجمهم أمريكا بل يهاجمون أهل السنة ويقتلون نساءهم وأطفالهم ويهدمون مساجدهم.
لقد أعلنت الولايات المتحدة أنها رفعت الاستعداد في المنطقة عقب الهجوم على وزارة الدفاع في صنعاء وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصا، ومن المعروف أن واشنطن تشن هجمات منتظمة داخل الأراضي اليمنية بطائرات دون طيار أسفرت عن مقتل العشرات من بينهم مدنيين وفي حال استمرار الأوضاع كما هي فلا شك أن التدخل سيزداد عمقاً تحت نفس الذرائع المعتادة ولن تجد ممانعة من الحكومة اليمنية التي لم تتمكن حتى الآن من بسط سيطرتها على البلاد.
قد يبدو من العسير تكرار السيناريو العراقي بحذافيره في هاتين الدولتين لأعتبارات كثيرة ولكن لايمكن استبعاد تدخل عسكري غربي ولو محدود يشل حركة الثورة ويعيد الأمور للوراء للمحافظة على مصالح يخشى الغرب من فقدانها وهو ما جعله يؤيد من وراء ستار ما حدث في مصر.
خالد مصطفى
- التصنيف:
- المصدر: