روح الشاعر

منذ 2013-12-11


مَا بَيْنَ خَافٍ مِنْ أَسَاهُ وظَاهِرِ *** يَحْيَا عَلَى أَمَلٍ نَدِيٍ زَاهِرِ
صَقَلَتْهُ أَحْدَاثُ الزَّمَانِ فَصَاغَهَا *** لِلنَّاسِ عِقْدَ لآلِئٍ وَجَوَاهِرِ

يَخْتَارُ مِنْ رَوْضِ الحَيَاة وَيَنْتَقِي *** أَفْوَافَ زَهْرٍ مِنْ هَوَىً وَمَشَاعِرِ
يَشْدُو وَأَسْرَابُ الطُّيُوْرِ تَجَمَّعَتْ *** تُصْغِي لِلَحْنٍ عَبْقَرِيٍّ سَاحِرِ

أَسَرَ القُلُوْبَ جَمَالُ مَا يَشْدُو بِهِ *** وَالقَلْبُ يُوْلَعُ بِالجَمَالِ الآسِرِ
يَغْدُو وَخِنْجَرُ هَمِّهِ يَغْتَالُهُ مَا *** اهْتَمَّ لِلجُرْحِ العَمِيْقِ الغَائِرِ

وَفُؤَادُهُ لِلحُزْنِ أَمْسَى مَسْرَحاً *** تَجْرِي عَلَيْهِ فُصُوْلُ حَظٍ عَاثِرِ
يَجْتَرُّ آلاماً عِظَاماً لَمْ تَزَلْ *** أَنْيَابُهَا تُدْمِي جَنَاحَ الطَّائِرِ

لَكِنَّهُ كَالصَّقْرِ ظَلَّ مُجَنِّحاً *** يَرْنُو إِلَى الدُّنْيَا بِمُقْلَةِ سَاخِرِ
يَبْكِي وَيَضْحَكُ حَامِلاً هَمَّ الوَرَى *** أَلَماً وَآمَالاً بِقَلْبٍ صَابِرِ

يَهْفُو إِلَى المَاضِي وَبَيْنَ ضُلُوْعِهِ *** ذِكْرَى يَرِقُّ لَهَا فُؤَادُ الذَّاكِرِ
وَيَبِيْتُ مُعْتَبِراً بِهِ مُسْتَعْبِراً مِنْ *** خَشْيَةِ الآتِي وَذُلِّ الحَاضِرِ

وَيَرَى الحَيَاةَ تَنَامُ فِي حِضْنِ الرَّدَى *** مَجْدٌ يُشَيَّدُ فَوْقَ مَجْدٍ غَابِرِ
وَيَعِيْشُ فِيْهَا كَالغَرِيْبِ وَقَلْبُهُ *** أَضْنَاهُ شَوْقُ مُسَافِرٍ لِمُسَافِرِ

وَيَظَلُّ يُسْرِجُ فِكْرَهُ بَيْنَ الدُّجَى *** قَبَساً يَتِيْهُ عَلَى الظَّلامِ الجَائِرِ
أَوَ مَا تَرَاهُ كَشَمْعَةٍ رَقَصَتْ عَلَى *** كَفِّ الرَّدَى تَجْلُو دُرُوْبَ الحَائِرِ؟

فَمُنَاهُ أَنْ تَبْقَى الحَيَاةُ كَرِيْمَةً *** يَحْيَا الأَنَامُ بِهَا حَيَاةَ الظَّافِرِ
مَنْ ذَاكَ؟ قَالَ البَدْرُ يَسْأَلُ نَجْمَةً *** حَيْرَى بِنَبْرَةِ مُسْتَبِدٍّ آمِرِ

وَتَجَمَّعَتْ زُهْرُ النُّجُوْمِ وَقَدْ سَرَى *** رَجْعُ السُّؤَالِ لِيَسْتَقِرَّ بِخَاطِرِي


فَهَمَسْتُ فِي سَمْعِ الزَّمَانِ وَغَرَّدَتْ *** فَرَحاً حُرُوْفُ الشِّعْرِ فَوْقَ دَفَاتِرِي
تَذْوِي الحَيَاةُ وَتَضْمَحِلُّ وَتَنْطَفِي *** أَنْوَارُهَا وَتُضِيْءُ رُوْحُ الشَّاعِرِ


عيسى بن علي الجرابا
 

  • 0
  • 0
  • 1,557

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً