خطورة الدفاع عن "قضايا المرأة"
قبل سيطرة اليهود وإخوانهم من المنافقين والكافرين على وسائل
الإعلام العالمية ، كانت صورة اليهودي ـ وخاصة التجار منهم ــ رجلٌ
شحيح لئيم جبان ... كالشيطان أو يكاد .
واليوم تحولت الصورة بفعل آلات الإعلام الضخمة التي يديرها اليهود
وإخوانهم من الكافرين والمنافقين، فأصبح اليهودي في حِسِّ كثير من خلق
الله هو الثري الذكي الذي يستطيع أن يفعل أي شيء يريده .!!
وعلى العكس من ذلك رسمت وسائل الإعلام ( للمتدينين ) من المسلمين في
الأفلام والمسلسلات .
صورة زائغ البصر ، الانتهازي الذي يتستر بالدين ليأكل أموال الناس
بالباطل ، أو صورة الشاب المتعصب الغبي ، أو صورة المشعوذ الدجال
.
أما إخوان الخنا والفجور فهم في وسائل الإعلام الحديثة ( أبطال )
!!
وقد تربينا على أن كل من قَرُبَ من الغرب في ملبسه وكلامه قد على عن
غيره شيئا ، فمدرس اللغة الإنجليزية ـ رغم قلة درجتها ــ والرياضيات
والكيمياء أعلى شئنا من مدرس اللغة العربية والدين .
وطلبة الطب والصيدلة ــ وهي كليات خَدَمية ــ أعلى في حس الناس من
طلبة الشريعة . فذاك ذكيّ نبيه وهذا غبي بليد !!
وقد انعكست هذه الصورة علينا ــ نحن الإسلاميين ـــ ونحن نعالج
قضايانا . فوقفنا موقف المدافع ـ غالبا ــ ... وكمثال ما يسمى بـ (
قضايا المرأة ) وهو مقصودي في هذا المقال .
ندافع عن الحجاب ، وندافع عن الفصل بين البنين والبنات ، وندافع عن (
التعدد ) ، وندافع عن ( الطلاق ) ... وندافع وندافع .
هناك خلط والتباس لبعض المفاهيم .
ودعوني أبدأ من الخلف قليلا :
الخطاب بالإسلام أو قُلْ مخاطبة غير المسلمين غير الخطاب بالأحكام
الفرعية الجزئية التي يُخاطب بها المسلمين .
عند الحديث مع غير المسلم لا بد أولا ــ من وجهة نظري ــ من حسم مصدر
المعرفة . ما هو ؟
ألعقل ؟
فنحَسِّن ونقبح ما يحسنه العقل ؟
ونحترم آراء الغير مهما كانت لأنها صادرة عن ( قناعات ) شخصية ؟! وهو
ما يردده كثيرون من دعاة ( التحرر ) .
أم العرف على طريقة أبو طالب ( أخاف أن تعيرني العرب ) ؟
أم هو الشرع ليس إلا ؟
لا بد من حسم المنطلق في التحسين والتقبيح أولا .
من نتبع ـــ نعبد ــ ؟
ألله ـ في صورة شرعة ـ أم أهواء البشر ـ في صورة كل الأعراف والقوانين
التي تخالف الشريعة ؟!
وتناقش القضية من منطلقات مشتركة مع الخصم ، سواء أكانت عقلية . إن
كان من ( العقلاء ) الملحدين الذين لا يقدسون كتابا ولا يتبعون رسولا
. أم كانت ( شرعية ) سماوية إن كان من المغضوب عليهم أو من الضالين
.
فحسم المنطلق وخلفيات التحسين والتقبيح لا بد منه قبل البدء . ولا بد
.
ما يحدث الآن هو أننا ندخل دوائر الحصر الوهمية ، ونناقش الجزئيات
والمسائل الفرعية التي لا يقطع الكلام فيها بيسر وسهولة . . . ندور في
حلقات مفرغة ونستشهد بحالات فردية يقبلها البعض ولا يقبلها البعض
الآخر .
وبدء الكلام من التوحيد يُنهي الأمر بسرعة ، ويشفي الصدر . وهو
الطريقة التي خاطب بها الإسلام الناس أول مرة ، وهذا مثال .
جلستُ مع زميل نصراني في العمل ، فسألني : لم الختان ؟ ـــ يعني ختان
المرأة وكانت قضية مثارة في مصر يومها ـــ . وهو حظ الرجل وحظ المرأة
أيضا . وقد تحدث الطب عن أضرار طبية ؟
فأجبته : الختان لأن رسول الله أرشدنا إليه ــ وهو ليس بفرض ــ وثابت
عندي أن النبي محمدا ـ صلى الله عليه ـــ أمرنا بكل خير ونهانا عن كل
شر .
فسألني : هل يستحق محمدا ــ صلى الله عليه وسلم ـــ أن يُتبع أم لا ؟
!
فما نطق .
كم طالت مجالسنا في الحديث عن ( الحاكمية ) و ( حرية ) المرأة ، و (
الاختلاط ) و ( الحجاب ) ، وكله كلام بالأذواق والفهومات الخاصة ،
وكلٌ عنده حكايات يستشهد بها على كلامه ، وما انحسم الأمر إلا
بالتوحيد .
فمن هنا نبدأ الحوار أو الدعوة كما بدأت أول مرة . بخطاب لا يتتبع
شبهات القوم ، وإنما يعرض الحق ابتداءً ، ونتعرض للشبهات ونحن نعرض
الحق .
إن معارك الجدل التي نخوضها مع أصحاب الهوى لا تستحق ما يبذل فيها من
الجهد .! . ذلك لأن الكثرة الغالبة من هؤلاء المجادلين لا تجادل بحثاً
عن الحقيقة .
ولا رغبةً في المعرفة ، وإنما فقط لإثارة الشبهات ومحاولة الفتنة .
فكما أن هناك القلب الأجر فيه مثل السراج يزهر هناك القلب المنكوس
كالكوز مجخيا .. الذي لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من
هواه ، وهناك القلب الأغلف المربوط على غلافه فلا يصل إليه الحق .
وهما قلب الكافر والمنافق [ كما جاء في مسند أحمد من حديث أبي سعيد
سعد بن مالك بن سنان الأنصاري حديث رقم 10705 ] . .
وهذه القلوب الْغُلْف والمنكوسة لا تزداد على سماع الهدى إلا ضلالا
بصريح القرآن ، قال تعالى { وإذا ما
أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا . فأما الذين آمنوا
فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون . وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا
على رجسهم وماتوا وهم كافرون }.
والرد الحقيقي على هذه القلوب المنكوسة والمغلفة المربوط على غلافها ،
ليس هو الدخول معهم في معركة جدلية ولو أفحمهم الرد في لحظتهم !
إنما الرد الحقيقي يكون بإخراج نماذج من المسلمين تربت على حقيقة
الإسلام فأصبحت نموذجاً تطبيقياً واقعياً لهذه الحقيقة ، يراه الناس
فيحبونه ويسعون إلى الإكثار منه وتوسيع رقعته في واقع الحياة . هذا هو
{ الذي ينفع الناس فيمكث في
الأرض } وهذا هو مجال الدعوة الحقيقية للإسلام [ الشيخ محمد
قطب - شبهات حول الإسلام - المقدمة - بتصرف ]
- التصنيف:
عبدالجميل
منذدينا
منذ