الدعاة والشهرة

منذ 2006-11-26

إخواني - أخواتي
أكرمنا الله عز وجل بهذا الدين العظيم الذي قال عنه في سورة المائدة: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً }.

وقد أمرنا الله عز وجل أن ندعوا إلى هذا الدين العظيم فقال في سورة فصلت: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }.

لا ينبغي أن يتطلع الدعاة الصادقون إلى الأجر فهم يطلبون الأجر من الله كما قال الله عز وجل في سورة هود: { يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } وكما قال الله عز وجل في سورة الشعراء: { وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ } .

- ولا ينبغي أن يتطلع الدعاة الصادقون إلى الشهرة فلا بد للدعوة من الإخلاص لله، كما قال الله في سورة الزمر: { فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ . أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } .

ولا ينبغي أن يتطلع الدعاة الصادقون إلى الشكر والثناء من الناس كما قال الله عز وجل في سورة الإنسان: { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً . إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً }.

ولكن إذا شكرهم الناس بدون تطلع إلى ذلك فلا بأس، كما في صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال‏:‏ قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه‏؟‏ قال‏:‏ «‏ تلك عاجل بشرى المؤمن ‏»‏ ‏رواه مسلم‏‏.

- وليحذر الدعاة الصادقون من الألفاظ الحديثة على الدعوة والتي تفسد القلوب وتكون مدخلا للشيطان إلى النفوس والعياذ بالله مثل (مشاهير الدعاة) (نجم الدعاة) (أفضل الدعاة) (كوكب الدعاة) (محبوب الجماهير) إلى آخر هذه الألفاظ التي "تنفخ" النفس البشرية خاصة إذا كانت الذات متورمة أصلا.

- مصيبة هذه الألفاظ أنها تؤدي بالداعي إلى الكبر والغطرسة والتعالي على الدعوة وعلى الدعاة وفي تصرفاته الشخصية.


أولا: على الدعوة:

1- فلا يستدل الداعي المفتون بالشهرة والنجومية بالأدلة والبراهين الشرعية التي تؤكد دعوته معتمدا على شهرته ونجوميته والله تعالى يقول في سورة الفرقان: { وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } ويقول في سورة ق: { فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ }.

2- تمييع الأحكام والقضايا الإسلامية حتى يحافظ على شهرته ونجوميته لدرجة أن أحد الدعاة ميع قضية التعدد قائلا لمن راجعه في هذا الأمر "معلش، متنساش إن 90% من الذين يستمعون إليّ من النساء".

3- التساهل في أحكام الإسلام كعدم غض البصر والجلوس أمام المذيعات والكلام بطرقة معينة حتى يحافظ على نجوميته وشهرته.

4- عدم التعرض للقضايا الهامة والبعد عن ما يغضب الحكام الظلمة والطغاه والمجرمين بعدم الكلام عن ظلمهم وإجرامهم حتى يحافظ على نجوميته ولو أدى ذلك إلى تضليل الناس وتفهيمهم الإسلام فهما خاطئا مثل من يقول لا للسياسة متجاهلا أن الإسلام دين ودولة وأنه منهج حياة، كما قال الله تعالى في سورة الأنعام: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }، وفي سورة البقرة { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً } أي التزموا بالإسلام كله وقد ذكر الله عز وجل فرعون الملعون (كمثال للحاكم الظالم) 74 مرة في 29 سورة في القرآن.


ثانيا: على الدعاة:

1- فلا يتصل بإخوانه الدعاة إلى الله مثله ويستفيد من خبرتهم وأفكارهم وعلمهم فهو يرى أنه يتفضل عليهم بشهرته ونجوميته.

2- لا يستجيب لنصائح إخوانه الدعاة إذا نصحوه وحذروه، فهو يري نفسه أكبر من النصيحة والنبي صلي الله عليه وسلم يقول: « الدين النصيحة ».

3- لا يحترم إخوانه الذين سبقوه في الدعوة ولا يعترف بأقدميتهم في العلم والخبرة والله يقول في سورة الحشر: { وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }.


ثالثا: في تصرفاتة الشخصية:

الاشتراط على المدعوين عندما توجه إليه دعوة أن يكون الحجز له في الدرجة الأولى في الطائرة وفي جناح في الفندق وليس حجرة وأن يكون الدفع بالدولار حتى وصل الأمر بأحدهم أن يشترط التحرك داخل البلد بسيارة من طراز معين. فهو يري أنه لابد أن يتميز بهذه الشكليات والمظاهر الكاذبة ورحم الله الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عندما سئل "أنت ليه بتركب درجة ثالثة" قال: "علشان مفيش درجة رابعة". وما ذنب من لا يملك المال أن يحرم من العلم.

أنا لا أعيب أن يكون الداعي إلى الله مكرما وأن تطير به طائرة خاصة فلسنا كدعاة أقل من الذي أخذ طائرة أبيه وطار بها إلى أمريكا مثلا أو أننا أقل ممن يركبون درجة أولى، أو يقيمون في أجنحة في أفخم الفنادق فنحن مكرمون أكرم تكريم من الله بالعلم الشرعي والدعوة في سبيله، ولكن أعيب على الدعاة أن تكون هذه المظاهر شروطا للدعوة فلا ينبغي أن ننسي أننا كدعاة نجاهد في ميدان الدعوة ولكن هناك من إخواننا من يجاهدون في ميادين القتال وساحات الوغى في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وغيرهم، فهم أولى بالأموال التي تصرف على هذه المظاهر.

ورحم الله سيدنا عمر بن الخطاب عندما ذهب ليتسلم مفاتيح القدس وخاض في مخاضة الماء فعاب عليه سيدنا أبو عبيدة بن الجراح ذلك فرد عليه سيدنا عمر قائلا: "إنا كنا أذل قوم فاعزنا الله بالإسلام فلا نبتغي العزة في سواه".


أخيرا أذكر نفسي وإخواني الدعاة:

1- بتقوى الله في السر والعلانية.
2- تقوى الله في الألفاظ التي تخرج من ألسنتنا للناس.
3- عدم التعالي والتكبر على الناس.
4- إننا محاسبون اشد الحساب عما نقدمه للناس باسم الإسلام.
5- إن أناسا في الجنة يطلبون من الله أن يريهم الذين كانوا سببا في هدايتهم وأدخولهم الجنة فيجدونهم والعياذ بالله في جهنم.
6- لا نغتر بالكثرة التي تسمعنا فلن ينفعنا في الآخرة إلا عملنا الصالح وليس شهرتنا.
7- إن الناس سيعلقون في رقابنا أي تضليل أو تمييع للقضايا الشرعية لأن الدعوة أمانة وتضليل الناس خيانة.
8- إننا كدعاة مهما كرمنا في هذه الدنيا فان تكريم الله لنا أكبر وأعظم ومن تواضع لله رفعه الله.
9- إننا إذا أخطأنا علانية فلابد أن نعتذر ونرجع عن الخطأ علانية ولا نصر على الخطأ بدعوى أن الاعتذار ينقص من شهرتنا.

أسأل الله أن يبصرنا بعيوبنا وأن يقينا شر أنفسنا اللهم آمين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

وجدي غنيم

دبلوم عالي في الدراسات الإسلامية من كلية الدراسات الإسلامية بالقاهرة

  • 10
  • 0
  • 12,842
  • المهندس محمد

      منذ
    لكأنه يصف عمرو خالد بالتفصيل.
  • يحيى ياسين- أبو يُسري

      منذ
    [[أعجبني:]] بارك الله فيك يا شيخنا الفاضل وفي جميع الأخوة السادة الدعاة, حقيقة منذ بدانا نشاهد دروسكم على الشاشة, زاد الوعي والإيمان - إن شاء الله - وزادة نسبة الشباب خاصة الذين هداهم الله بفضل هذه الدروس . بارك الله فيكم وفي هذه الأمة العظيمة العزبزة بالإسلام والسلام.
  • أبو محسن

      منذ
    [[أعجبني:]] بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام علي محمد (صلي الله عليه وسلم) ... اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل ... واتباع نبيك في كل صغيره وكبيره ... اللهم احعل أعمالنا مرضاة وجهك الكريم ... ولا تكلنا إلي أنفسنا طرفة عين أو أقل من ذلك فنضل ضلالا بعيدا ... اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إالي النار مصيرنا ..... آميـــــن
  • عبد الله

      منذ
    لم يعجبني: مهاجمة بعض الدعاة واظن ان ذلك لا يليق ولا ينقصنا الا التراشق بالألفاظ
  • مشرف موقع الشيخ وجدي غنيم

      منذ
    [[أعجبني:]] اشهد الله اني احبكم في الله يا كل من قام بهذا الموقع واشكرك صنعيكم في سرعة الاستجابة في نشر المقالات التي اقوم بمراسلتها لسيادتكم اخوكم في الله خادم موقع الشيخ وجدي غنيم
  • aamaallah

      منذ
    [[أعجبني:]] مقالة قويةبارك الله فى عمرك وعلمك وقلمك ياشيخناوالتمس فيهااخلاص وصدق معلمنا الفاضل ونفع بك الامةالاسلامية [[لم يعجبني:]] ان تعليقى لن ينشركالعادة عارفين ليه لانى باكتبه على islamway وهذه خاصة لتمجيد السلفين فقط وكلنانعلم هذامع ان فضيلة الشيخ وجدى يتبع السلف الصالح فى كل منهجه
  • ام اسامة

      منذ
    [[أعجبني:]] بانها مقالة قوية جدا وبأنهامقالةقويةجداوألتمست فيهابأخلاص الكاتب وصدقه وكيف لاوخاصةاذا كان الكاتب فضيلة الشيخ وجدى غنيم بارك الله فى علمه وقلمه وعمره للاسلام والمسلمين [[لم يعجبني:]] ان هناك فعلا دعاة لانستطيع الوصول اليهم الاعن طريق السكرتاريااين هم من نبينا محمدصلى الله عليه وسلم
  • الشيخ حسنى

      منذ
    [[أعجبني:]] اهتمام فضيلة الشيخ وفقه الله بمشاكل الامة ومحاولة تقويم الدعاة الجدد ليكون الدين اهتمامهم الاول والاخبر وجزاه الله عنا خير جزاء
  • هاني يوسف

      منذ
    [[أعجبني:]] بارك الله فيك شيخنا الجليل وجعله في ميزان حسناتك ورزقك الإخلاص في القول والعمل
  • أحمد

      منذ
    [[أعجبني:]] مقالةفي المستوى، هذا واقع لبعض الدعاة الذين يحاولون مسايرة العصر و الفتوى بفتاوى حسب هوى نفس المشاهد حتى ولو كانت تطدم مع القرآن و السنة. أنا من مشاهدي قناة الناس الفضائية و أحب كل من يتبع نهج السلف الصالح. جزاكم الله خيرا

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً