(التيار السلفي) ضحية لعبة قذرة في تونس

منذ 2014-01-07

تعيش تونس في الفترة الراهنة على وقع أزمةٍ سياسية شاملة في ظل الصراع القائم من أجل السلطة خاصةً من التيارات العلمانية واليسارية التي تسعى جاهدة إلى إسقاط شرعية الحكومة الحالية والانقضاض على الحكم بشتى الطرق وبعرقلة المسار الحالي الذي تمرُّ به البلاد منذ فرار بن علي، ومن بين أهم ضحايا هذا الصراع السياسي والإرباك العلماني واليساري للبلاد هو التيار السلفي - الذي يعرف استهدافاً كاملاً منذ بداية الثورة حيث جنَّدت وسائل الإعلام المحلية، التي يديرها أتباع النظام السابق كل وسائلها لمواصلة الحرب وإلقاء التهم الواهية على التيار السلفي الذي يحظى قبولاً وشعبية كبيرة داخل المجتمع التونسي.

 

تعيش تونس في الفترة الراهنة على وقع أزمةٍ سياسية شاملة في ظل الصراع القائم من أجل السلطة خاصةً من التيارات العلمانية واليسارية التي تسعى جاهدة إلى إسقاط شرعية الحكومة الحالية والانقضاض على الحكم بشتى الطرق وبعرقلة المسار الحالي الذي تمرُّ به البلاد منذ فرار بن علي، ومن بين أهم ضحايا هذا الصراع السياسي والإرباك العلماني واليساري للبلاد هو التيار السلفي - الذي يعرف استهدافاً كاملاً منذ بداية الثورة حيث جنَّدت وسائل الإعلام المحلية، التي يديرها أتباع النظام السابق كل وسائلها لمواصلة الحرب وإلقاء التهم الواهية على التيار السلفي الذي يحظى قبولاً وشعبية كبيرة داخل المجتمع التونسي.



بعد سلسلة من أحداث العنف المفتعلة توجهت أصابع الاتهام مباشرةً إلى أنصار الشريعة بالدرجة الأولى وبدأ الاستهداف الكامل تجاه التيار السلفي الذي بات معزولاً إعلامياً وسياسياً ويقع ضحية لعبة قذرة يُديرها التيار العلماني واليساري من أجل إفشال تجربة النهضة في الحكم.



أدوار التيار السلفي:



يمكن بلورت أفكار التيار السلفي والأدوار التي يقوم بها في تونس ضمن مجموعة من النقاط الأساسية، التي تبدو واضحة وجليّة لعامة الشعب التونسي رغم التعتيم الإعلامي المحلي خاصةً على مستوى العمل الدعوي والخيري الإنساني:



الأولى:



تتعلق كما سلف الذكر بالعمل الدعوي كفكر أساسي يحمله شباب الصحوة الإسلامية وأنصار الشريعة حيث قاموا في العديد من المناسبات بإنشاء خيام دعوية في الساحات العامة والتي حظيت بإقبال كبير من الجمهور التونسي، ويتم خلال هذه الخيمات تقديم محاضرات شرعية, ومسابقات ترفيهية يتم خلالها توزيع المصاحف والكتب الدينية، وفي هذا السياق اعتبر سيف الدين الرايس -الناطق الرسمي السابق لأنصار الشريعة- في العديد من المناسبات كون البلاد التونسية أرضٌ دعوية، يجب العمل على إعادة إحياء أصول الإسلام والشريعة وتجاوز مرحلة التصحُّر الديني قبل كل شيء.



وفي هذا الشأن أكد الناطق الرسمي لحزب التحرير رضا بلحاج: "دورنا الأساسي اليوم هو إعادة الروح لأصول الدين والفقه والشريعة والنصح إلى طريق الخير، وإقامة الخلافة على نحو النبوة وتجاوز لعبة السياسة القذرة و دورنا اليوم هو بلا شك دعوي ومخاطبة الناس قبل أي شيء آخر".



وفي نقطةٍ ثانيةٍ مهمة:



لا يزال التيار السلفي وأنصار الشريعة إلى اليوم في مختلف محافظات تونس منهمكين في العمل الخيري والإنساني بتقديم قافلات ومساعدات إنسانية للعائلات المعوزة ذات الدخل المحدود والتي تعاني من الفقر والخصاصة خاصة بالمناطق الداخلية وأريافها المنسية والمُهمشة بالكامل، وتحدث موقع "البيان" في هذا الصدد مع الشيخ الخطيب ياسين الوشرين الذي أكد قائلاً: "لا يشك أحد إلا جاحد عمل هذا الشباب واشتغاله بالأعمال الخيرية والطبية والإغاثية والإنسانية بصفةٍ عامة لكن الإعلام الحاقد لا يرضى أن يمرِّر هذا الجانب المشرق إنما يُسلِّط الضوء على بعض الهفوات والأخطاء التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع وتسعى إلى تضخيمها لضرب شباب الصحوة الاسلامية".



ويجب الإشارة هنا إلى حجم مشاركة الجماعات الجهادية التونسية في الحرب الدائرة في سوريا، حيث تقول الإحصائيات المتوفرة رسمياً: "أن خمسة آلاف عنصر من الجهاديين التونسيين أغلبيتهم من محافظة بن قردان، يقاتلون في سوريا، حيث استشهد منهم 180 منذ انطلاق الثورة السورية إلى هذه الأيام".



استهداف داخلي و خارجي



إلى جانب الأزمة السياسية التي تمرُّ بها تونس منذ مدة فإنها كذلك تشهد حملة تشويه منظمة وممنهجة تستهدف الصحوة الإسلامية التي تعرفها كامل أرجاء البلاد وعمَّت كافة شرائح المجتمع خاصةً بعد سقوط النظام السابق الذي كان يقوده بن علي وفلوله، ولئن كان للانتفاضة الشعبية دوراً هاماً وبارزاً في إعادة وإحياء العلوم الإسلامية والشرعية وفتح مدارس لطلاب العلم وتنامي عددهم بشكلٍ لافت للانتباه وامتلاء المساجد في كل الصلوات وحديث عن أرقام قياسية، لكن ها هي حملات التشويه  تعود مجدداً على التيار السلفي بلعبةٍ قذرة تقودها أطراف ودول خارجية وفبركة إعلامية مريبة تسعى إلى ضرب الإسلام وتوجيه أصابع الاتهام في كل مرة حول ما يجد بتونس من عمليات اغتيال أو قتل، دون التحرِّي أو كشف ملابسات القضية وبصفةٍ مباشرة، وركزت الصحافة  المحلية من أمثال: (الصريح اليومية، والفضائيات الوطنية الأولى والثانية، والتونسية، ونسمة) على نقل الشائعات والأكاذيب التي تُسيء إلى التيار السلفي.



ومن الأمور التي زادت من حالة الارتباك السياسي في البلاد؛ هو اعتبار تونس دول مهدَّدة بــ" الإرهاب"، وحول هذه القضية كان للـ"البيان" حديث مع المحلِّل السياسي بقناة المتوسط التونسية الحبيب بوعجيلة الذي أكد: "أن الطرف الأبرز الذي يخترق هذا التيار السلفي اليوم هو الكيان الصهيوني مستغلاً الأوضاع في الشرق الأوسط وبسوريا -خاصةً- من أجل إتمام عملية الاختراق وهناك أطراف أخرى خارجية أيضاً منها المخابرات وهذا ما يذهب إليه الجميع".



وأضاف بوعجيلة قائلاً: "إن  تصنيف أنصار الشريعة كتنظيم إرهابي كان متسرِّعاً جداً وكان من الأصلح عدم الانسياق وراء الضغوطات ووراء بعض التوجهات السياسية التي تُحمل التيار المسؤولية الكاملة في العمليات الإجرامية حتى وإن غابت الحجج في ذلك وهذا التصنيف تقف ورائه بالخصوص  أطراف خارجية التي تسعى إلى ضرب التيار قبل كل شيء و إدخال الشك داخله مع الشعب التونسي".



اعتقالات بالجملة



ما يبرز في الآونة الأخيرة في البلاد هو حملات الاعتقالات العديدة التي تطال شباب التيار السلفي التي باتت بشكلٍ عشوائي وبأعداد كبيرة وفي تضاعف مستمر بمرور الأيام، خاصةً مع تواصل اتهام الكثير من شباب الصحوة الإسلامية بتهمة "الإرهاب" والتحقيق معهم في هذه القضية، وقد أثبتت الإحصائيات الأخيرة عن تواجد الكثير من عناصر أنصار الشريعة في سجون الداخلية ولا يزالون تحت طائلة التحقيق منذ مدة، وتواصل قوات الأمن تكرار عمليات اقتحام المنازل، ومداهمة المساجد بدون حتى وثائق تفتيش في بعض الأحيان وفي تعدي صارخ على كرامة المواطن التونسي.



ولعل أبرز حادثة لا تزال قائمةً -ولم تجد أي صدى- جاءت على إثرِ مداهمةِ ببلطجةِ أمنيةِ بأحد ضواحي العاصمة -بمنطقة دوار الهيشر- بقتل زوجة أحد المفتشين في منزلها برصاصاتٍ متتاليةٍ دون أي رحمةً ولا شفقة، وفي نهاية المطاف تم التكتم على الحادثة.



ولعل هذه الحادثة كشفت الكثير وأعلنت عن استهداف صريح لهذا التيار، وكان للمحامي أنور الحاج علي -وهو أحد كبار المحامين في تونس الذين اختاروا الدفاع عن المعتقلين- حديث حول هذه الظاهرة وما ترتكبه وزارة الداخلية وقوات الأمن من تعديٍ كبيرٍ على حقوق أبناء الشعب التونسي من التيار السلفي، وتحدَّث عبر قناتي التونسية والزيتونة مُعلناً صَراحةً عن وجود ممارسات قمعية داخل السجون ومعاملات سيئة للغاية وذكر حالة وفاة الشابين "محمد البختي وبشير القلي" اللذان لم يجدا أي حالة متابعة ولا دفاع من قبل منظمات حقوق الإنسان.



وأكد وجود حالات تزوير من قِبل وزارة الداخلية من أجل توريط بعض المتهمين بــ"الإرهاب"، وفي أحداث جبل الشعانبي، بعد أن فشلت في القبض على الفاعلين الحقيقيين في هذه الأحداث.

زياد عطية

 

 

المصدر: مجلة البيان - 1/1/2014م
  • 0
  • 0
  • 1,900

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً