درجات الإيثَار
ذَكَر أبو إسماعيل الهرويُّ في كتابه (منازل السَّائرين) أنَّ للإيثار ثلاث درجات....
ذَكَر أبو إسماعيل الهرويُّ في كتابه (منازل السَّائرين) أنَّ للإيثار ثلاث درجات:
- الدَّرجة الأولى: (أن تؤثر الخَلْق على نفسك فيما لا يَحْرُم عليك دينًا، ولا يقطع عليك طريقًا، ولا يفسد عليك وقتًا). قال ابن القيِّم في شرحه لهذه الدَّرجة: "يعني: أن تُقدِّمهم على نفسك في مصالحهم، مثل: أن تطعمهم وتجوع، وتكسوهم وتعرى، وتسقيهم وتظمأ، بحيث لا يؤدِّي ذلك إلى ارتكاب إتلافٍ لا يجوز في الدِّين".
- الدَّرجة الثَّانية: (إيثار رضى الله تعالى على رضى غيره، وإن عَظُمَت فيه المحن وثَقُلَت به المؤن، وضَعُفَ عنه الطول والبدن). قال ابن القيِّم: "هو أن يريد ويفعل ما فيه مرضاته، ولو أغضب الخَلْق، وهي درجة الأنبياء وأعلاها للرُّسل عليهم صلوات الله وسلامه وأعلاها لأولي العزم منهم، وأعلاها لنبيِّنا صلى الله عليه وسلم".
- الدَّرجة الثَّالثة: (إيثارُ إيثارِ الله تعالى: فإنَّ الخوض في الإيثَار دعوى في الملك، ثمَّ تَرْك شهود رؤيتك إيثار الله، ثمَّ غيبتك عن التَّرك). قال ابن القيِّم: "يعني بإيثار إيثار الله: أن تنسب إيثارك إلى الله دون نفسك، وأنَّه هو الذي تفرَّد بالإيثَار لا أنت، فكأنَّك سلمت الإيثَار إليه فإذا آثرت غيرك بشيء فإنَّ الذي آثره هو الحقُّ لا أنت، فهو المؤْثر حقيقة... وقوله: ثمَّ ترك شهود رؤيتك إيثار الله، يعني أنَّك إذا آثرت إيثار الله بتسليمك معنى الإيثَار إليه: بقيت عليك مِن نفسك بقيَّةٌ أخرى لا بدَّ مِن الخروج عنها وهي: أن تُعْرِض عن شهودك رؤيتك أنَّك آثرت الحقَّ بإيثارك، وأنَّك نسبت الإيثَار إليه لا إليك... وقوله: ثمَّ غيبتك عن التَّرك. يريد: أنَّك إذا نزلت هذا الشُّهود وهذه الرُّؤية: بقيت عليك بقيَّةٌ أخرى وهي رؤيتك لهذا التَّرك المتضمِّنة لدعوى ملكك للتَّرك، وهي دعوى كاذبة؛ إذ ليس للعبد شيء مِن الأمر، ولا بيده فعل ولا ترك، وإنَّما الأمر كلُّه لله".
- التصنيف: