خطة لإيقاف العنف أم لشرعنة الاحتلال؟؟

منذ 2014-02-24


لم يتغير أسلوب الغرب الخبيث في إعادة شرعنة احتلاله وسيطرته على مستعمراته القديمة، سواء في قارة أسيا أو إفريقيا، فبعد أن اضطر لسحب قواته العسكرية تحت تأثير ضربات المقاومة الإسلامية، ومنحها الاستقلال الصوري بعد سنوات من النهب والسرقة الممنهجة لمقدراتها وخيراتها، أبقى في كل بلد من يأتمر بأمرها وينفذ أجندتها، ناهيك عن بث عوامل الفتنة وتأجيج الروح العدائية الطائفية ضد المسلمين، مما بات لا يخفى على كل ذي عقل ولب..

وفي كل مرة تتعرض فيه مصالح الغرب الاقتصادية والأيديولوجية لأي خطر من أي نوع في تلك الدول يتحرك أزلام الغرب وزبانيته هناك لإثارة المزيد من التحريض على قتل المسلمين وتهجيرهم من بلادهم، تحت غطاء غربي واضح وفاضح، فإذا ما حاول المسلمون الدفاع عن أنفسهم في مواجهة ذلك وصفوا بالإرهابيين، وتدخلت الجيوش الغربية ضدهم باسم (حفظ السلام وحماية المدنيين) لاستكمال شرعنة وجودها وسيطرتها على ذلك البلد..

وضمن هذا الإطار يأتي طرح الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) لخطة عمل من ست نقاط لوقف العنف المتصاعد في أفريقيا الوسطى -كما يدعي- بينما الحقيقة أنها خطة لشرعنة الوجود الفرنسي والغربي في إفريقيا الوسطى، والاستمرار في خطة التهجير القسري للمسلمين فيها، تمهيدا لجعلها دولة نصرانية خالية من المسلمين، ويظهر ذلك جليا في بنود خطة (بان كي مون)، التي تتضمن..

1- نشر ثلاثة آلاف جندي إضافي على الأقل في أفريقيا الوسطى بشكل سريع، بدعوى فرض الأمن وحماية المدنيين، ويبدو أن المسلمين ليسوا من المدنيين، حيث غادر نحو ثلاثة آلاف مسلم العاصمة بانغي متوجهين إلى تشاد هربا من أعمال القتل والعنف التي ترتكبها ضدهم مليشيا (أنتيبالاكا) المسيحية، ولم تسلم تلك القوافل من الاعتداءات رغم وجود الأطفال والنساء فيها، إضافة لوجود بعض العسكريين التشاديين الذين يحاولون إجلاء المسلمين، حيث اعترف الملحق العسكري التشادي بالعاصمة (بانغي رضوان عثمان): "بأن إجلاء المسلمين من بانغي تحفه المخاطر، لأن مليشيات أنتيبالاكا تستهدف القوافل التي تجلي المسلمين"، لقد رجحت بعض المصادر وصول عدد المسلمين الفارين من العنف الطائفي المسيحي في إفريقيا الوسطى إلى مليون، منهم أكثر من 60 ألفا من العاصمة بانغي وصلوا إلى تشاد، كما أن مراسلوا وسائل الإعلام يؤكدون خلوا القرى والبلدات المسلمة حول بانغي وضمن دائرة قطرها حوالي ثلاثمائة كيلو متر من أهلها، فلماذا لم تكن هذه الخطة قبل كل هذه الأحداث الدموية؟!

2- زيادة التمويل والدعم السياسي للحكومة الجديدة التي تم تعيين زعيمتها الانتقالية من قبل فرنسا والغرب، بعد أن تمت الإطاحة بأول حاكم مسلم للبلاد ونزع سلاح المسلمين هناك، فقد اقترح (بان) تقديم مساعدة لوجستية ومالية بقيمة 38 مليون دولار لقوة الاتحاد الإفريقي لمدة انتقالية من ستة أشهر،إضافة لدعوته تقديم مساعدة مالية إلى حكومة بانغي كي تتمكن من تأهيل قسم من خدماتها العامة الأساسية، مثل الشرطة والقضاء، فلماذا لم يكن هذا الدعم في ظل حكم (جوتوديا) المسلم؟ بل لماذا لم يكن قبل هذه العملية العنصرية ضد المسلمين؟!

3- دعم عملية السلام التي تعني بقاموس الأمم المتحدة شرعنة الأمر الواقع بعد تهجير المسلمين واعتبارهم لاجئين في بلاد الجوار، فعملية السلام لا تبدأ فعليا إلا بعد أعمال عنف وحشية بحق المسلمين، فإذا ما تم إجلاؤهم جميعا من البلاد بدأت عملية السلام بين الجناة والمجرمين.

إن توقيت اشتعال العنف ضد المسلمين في أفريقيا الوسطى يشير بوضوح إلى معالم الخطة الغربية الخبيثة في هذا البلد، حيث بدأت شرارة العنف بعد وصول حركة (سيليكا) إلى الحكم في مارس آذار من العام الماضي، بعد أن أطاحت بالرئيس السابق (فرانسوا بوزيزي)، لتتحرك الدول الغربية بعدها لإجبار (جوتوديا) على الاستقالة، تحت ذريعة عدم استطاعته احتواء العنف والفوضى التي اصطنعتها وحركت شرارتها بيدها في البلاد، والدليل على ذلك أنها ازدادت بعد الاستقالة أضعافا مضاعفة.

وبعد أن تدخلت فرنسا في أكثر من دولة إفريقية منفردة ومنها أفريقيا الوسطى بحوالي 1600 من قواتها العسكرية، وبعد أن نزعت سلاح المسلمين فيها وأطلقت يد المليشيات المسيحية لتهجير المسلمين من البلد، أوعزت للأمم المتحدة لاستكمال شرعنة وجودها واستعمارها للبلد باسم خطة حفظ السلام المعدوم فيها منذ عدة أسابيع.. فهل هي خطة لإيقاف العنف أم لشرعنة الاحتلال والاستعمار؟! 

عامر الهوشان
 

  • 0
  • 0
  • 930

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً