الاختراق الصهيوني للدول الإسلامية

منذ 2014-03-01

لم يترك اليهود وسيلة ولا طريقة لاختراق الدول العربية والإسلامية إلا فعلوها، في محاولة منهم للوصول إلى تنفيذ أهدافهم التوسعية ومصالحهم الاستراتيجية، فإذا لم تفلح محاولات التطبيع الكامل فلا بأس بالجزئي، وإذا تعذر التمثيل الدبلوماسي المعلن فلا حرج بالخفي، وإذا فشل هذا وذاك فلا بأس بالاستعانة بصديق.

 

لم يترك اليهود وسيلة ولا طريقة لاختراق الدول العربية والإسلامية إلا فعلوها، في محاولة منهم للوصول إلى تنفيذ أهدافهم التوسعية ومصالحهم الاستراتيجية، فإذا لم تفلح محاولات التطبيع الكامل فلا بأس بالجزئي، وإذا تعذر التمثيل الدبلوماسي المعلن فلا حرج بالخفي، وإذا فشل هذا وذاك فلا بأس بالاستعانة بصديق.

 

لقد تنوعت أشكال علاقة الدول العربية والإسلامية مع هذا الكيان الصهيوني، فمنهم من ارتبط معه بمعاهدة سلام معلنة وصريحة، ومنهم من لم يوقع معه معاهدة سلام، إلا أن التمثيل الدبلوماسي بينهما ظاهر وصارخ، ومنهم من اكتفى بالعلاقات التجارية والاقتصادية غير المعلنة، والتي تحتاج لبعض التسهيلات الدبلوماسية التي لا بد منها، فكان لا بد من اللجوء لدولة غربية تقوم بهذا الدور.

 

ومن المعلوم أن العلاقات "الإسرائيلية" الغربية وطيدة وقوية، بل إن الغرب بأكمله مع أمريكا هو من زرع هذا الكيان أصلًا في المنطقة العربية، وهو يعمل جاهدًا منذ ذلك الوقت وحتى الآن لتعزيز مكانة "إسرائيل" في المنطقة، على حساب الدول العربية والإسلامية سياسيًا واقتصاديًا.

 

وفي إطار خدمات الغرب لليهود ذكرت أسبوعية "دير شبيغل" الألمانية أن الحكومة الألمانية وحكومة الكيان الصهيوني ستوقعان اليوم الإثنين في "تل أبيب"، اتفاقًا يتضمن قيام ألمانيا بتمثيل مصالح الكيان الصهيوني في الدول التي لا تربطها بها علاقات دبلوماسية، ولا سيما في البلدان الإسلامية كإندونيسيا وماليزيا، وذلك خلال زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اليوم بصحبة 17 وزيرًا من أصل 18 من حكومتها للكيان الصهيوني تستمر لمدة يومين.

 

ويعود التعاون الألماني اليهودي إلى عام 2008م، تاريخ تأسيس مجلس الوزراء الألماني "الإسرائيلي" المشترك، الذي يهدف إلى تطوير شراكة استراتيجية بالمجالات المختلفة بين الجانبين، والذي تشارك ميركل وأعضاء حكومتها في الدورة السادسة منه خلال هذه الزيارة.

 

ومن أهم الخدمات التي أغدقت بها ألمانيا على اليهود اليوم كما ذكرت صحيفة "معاريف الإسرائيلية" ما يلي:

 

1- موافقة ألمانيا على منح تصاريح عمل بشكل آلي "للإسرائيليين" دون حاجة لأية تأشيرات، بحيث يحق "للإسرائيلي" الذي وصل برلين للسياحة أن يعمل هناك لمدة ستة أشهر دون أية تصاريح.

 

2- موافقة ألمانيا بالسماح "للإسرائيلي" الذي يتواجد في دولة لا توجد بها بعثة دبلوماسية "إسرائيلية"، بالحصول على الخدمات الاستشارية من السفارة الألمانية بتلك الدولة، وذلك في دول أسيوية مثل ماليزيا وإندونيسيا، والتي تتزايد فيها أنشطة رجال الأعمال "الإسرائيليين"، فيما لا توجد علاقات دبلوماسية بين تلك الدول والكيان الصهيوني.


 

والغريب في الأمر أنه رغم التحذير الإلهي للمسلمين من الركون لليهود أو موالاتهم، والتشديد على شدة عداوتهم للإسلام والمسلمين في أكثر من آية وموضع قرآني من خلال قوله تعالى: {

لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا

} [المائدة: من الآية 82]، وقوله تعالى: {

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ

} [المائدة: 51]، إلا أن بعض المسلمين ما زالوا يقبلون- علنًا أو خفيةً- إنشاء علاقة معهم اقتصاديًا أو سياسيًا.

 

قد يقول البعض: إن عقد معاهدات مع الكفار من اليهود وغيرهم جائز في أوقات الضرورة، وخاصة في حالة ضعف المسلمين كما هو الشأن في الوقت المعاصر، مستشهدين بصلح الحديبية وغير ذلك من أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

ومع صحة هذا الكلام بشكل عام، فقد ذهب بعض الفقهاء والعلماء إلى جواز عقد المعاهدات مع الكفار، إلا أن ذلك مقيد بما يحقق مصلحة المسلمين، وضمن ضوابط وشروط لا يجوز الخروج عنها شرعًا أو تجاوزها، ومن أهم هذه الشروط: ألا تتضمن المعاهدة اعترافًا أو إقرارًا للكفار بشبر من أراضي المسلمين، إضافة لعدم وجود بند وضع القتال معهم إلى الأبد، فقتال الكفار فريضة باقية إلى يوم القيامة كما هو معلوم، ناهيك عن شرط عدم تضمنها بندًا يخالف الشريعة الإسلامية أو يعطلها.

 

وبعيدًا عن تفاصيل هذه الشروط الفقهية لصحة المعاهدة مع الكفار، فإن من أهم مصالح المسلمين المتوخاة من تلك المعاهدات، هو كسب الوقت لإعادة ترميم قوة المسلمين بعد ضعفها، وإعادة اللحمة والوحدة بين دوله المتفرقة، وهو ما لا نراه على أرض الواقع في معظم المعاهدات الموقعة بين المسلمين وأعدائهم في العصر الحديث.

 

فبينما تتناقل وسائل الإعلام منذ تسعينيات القرن الماضي أخبار تحالفات وتكتلات اقتصادية وسياسية تجري بين دول أعداء الإسلام، نرى تفرق المسلمين واختلافهم يزداد يومًا بعد يوم سياسيًا واقتصاديًا، ومن المعلوم أن الدول المتوحدة القوية تستطيع دائمًا اختراق الدول الضعيفة المتفرقة.

 

فإلى متى سنبقى عرضة لاختراقات الدول المعادية بسبب تفرقنا وضعفنا، على الرغم من أننا نملك أكثر عوامل الوحدة والقوة في العالم؟!

عامر الهوشان

 

  • 4
  • 0
  • 2,156

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً