الخطر الحوثي من جديد
إن المعضلة هنا ليست في الخطر الذي سيصيب اليمن وحدها بل ما سيصيب دول الخليج والمنطقة العربية ككل إذا سقطت صنعاء في أيدي الحوثيين الشيعة.
لعلها المرة الثالثة أو الرابعة التي نتكلم فيها عن الخطر الحوثي في اليمن، ولكن الصرخة التي أطلقها اللواء علي الجائفي قائد قوات الاحتياط اليمني بعد انسحابه من رئاسة لجنة الوساطة الرئاسية المكلفة بوقف القتال بين الحوثيين الشيعة والقبائل السنية في همدان جعلت من الضروري إعادة التذكير بالموضوع. إن الصرخة تعد أول تحذير واضح من مسؤول بهذا المستوى بشأن إمكانية سقوط الدولة اليمنية في أيدي الشيعة الموالين لطهران بما يمثل هذا من خطر داهم على المنطقة الحيوية والإستراتيجية.
إن التحذير كشف بشكل صريح عن أن الحوثيين أصبحوا على مشارف صنعاء وأن الدولة لم تعد قادرة على الوقوف في وجههم.
وحمل اللواء الجائفي الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بشكل مباشر المسؤولية عن هذا العجز. إن التحذير لم يأت من فراغ ولكنه جاء بعد معارك طويلة يخوضها الحوثيون منذ أشهر ضد القبائل في أكثر من منطقة حتى أصبحوا على مشارف العاصمة صنعاء.
لقد تدخلت الحكومة بشكل متأخر جداً لكي تحسم المعارك في منطقة دماج ولم تكتف بهذا التأخير بل إنها انصاعت لرغبة الحوثيين وأجبرت السلفيين على الهجرة من أراضيهم وترك منازلهم وأملاكهم...هذا الضعف الحكومي كشف للحوثيين عن أن اللحظة المواتية لهم لكي ينقضوا على الفريسة والتي كانوا ينتظرونها منذ سنوات طويلة قد أصبحت مواتية وهو ما دعاهم لتكرار المعارك في حاشد وفي همدان وتجاهل جهود الحكومة والرئاسة بشأن وقف إطلاق النار بل إنهم كانوا يستغلون اتفاقيات وقف إطلاق النار الموقعة بوساطة حكومية حتى يأخذوا القبائل على حين غرة ويباغتوها بعد أن يلتقطوا أنفاسهم وتصلهم الإمدادات من مناطق أخرى ومن الخارج.
العجيب أن الحكومة وجهت أكثر من مرة لإيران اتهامات بدعم الحوثيين وضبطت أكثر من سفينة أسلحة كانت في طريقها من إيران للحوثيين ومع ذلك لم تتخذ إجراءات صارمة تجاه هذا التنظيم المسلح الطائفي ولا ضد الدولة التي ترعاه.
إن اليمن يمر بفترة حرجة من تاريخه فلم تستقر الأوضاع بعد للنظام الجديد الذي جاء بعد الثورة، كما لم تنجح الوثيقة التي انبثقت من الحوار الوطني على تلافي الخلافات المحتدمة بين الفرقاء السياسيين، ولم تتمكن الوثيقة من الخروج من مأزق الانفصال الذي تصر عليه قوى جنوبية بدعم من الخارج لتفتيت البلاد وفي ظل كل هذه الاضطرابات فما زال النظام الجديد المتمثل بالرئيس المخلوع علي عبدالله صالح ورجاله يتمتع بنفوذ كبير داخل وخارج مؤسسات الدولة وبما أنه يعلم أدوات اللعبة جيدًا بسبب طول فترة إدارته لشؤون البلاد فهو يستغل ذلك كما تفعل أركان الثورة المضادة في كل دول الربيع العربي من أجل أن يعود للواجهة وتعود العجلة للخلف ولا يهمه في ذلك مصلحة البلاد أو الشعب أو حتى التهديد بعقوبات أممية.
إن الحوثيين في الفترة الأخيرة طوروا من عملياتهم وبعد أن كانوا يتحاشون الاصطدام بالجيش ويكتفون بالاشتباك مع القبائل السنية بدعوى النزاع على مناطق نفوذ أصبحوا الآن يهاجمون القوات الحكومية ويقتلون الجنود وهو ما يشير إلى تبجح الحوثيين وشعورهم بالقوة وبعجز أجهزة الدول عن الوقوف تجاههم. إن المعضلة هنا ليست في الخطر الذي سيصيب اليمن وحدها بل ما سيصيب دول الخليج والمنطقة العربية ككل إذا سقطت صنعاء في أيدي الحوثيين الشيعة فهناك حدود واسعة يصعب السيطرة عليها بين اليمن والسعودية التي تعد أكبر عدو لإيران بحسب تصريحات صادرة من مسؤولين إيرانيين.
والهجوم الشيعي بشكل عام على السعودية وعلمائها أكثر من أن يعد فهم يرون أن علماء السنة في السعودية بمنهجهم السلفي الذي كشف خطورة عقائدهم الخبيثة هو الخطر الحقيقي على مخططهم التوسعي ولخداع أهل السنة بمنطق التقية فالشيعة تمكنوا بهذا المنطق من التسلل للعديد من البلدان التي يهادن علماؤها المنهج الشيعي تحت لافتة "الوحدة" غير مدركين للخطر الداهم الكامن في عقائدهم.
خالد مصطفى
- التصنيف:
- المصدر: