نداء لمن تعمل في المجال الصحي!

منذ 2014-04-03

إن من المنكرات العظيمة والتي عمَّت وطمت في هذا الأزمنة الغابرة... الاختلاط بين العاملين والعاملات في العمل! وخصوصًا الاختلاط في المستشفيات، والذي وإن لم يكن وليدًا في هذا الزمن إلا أنه تطور في منحى آخر وخصوصًا في السنوات القريبة الماضية! وذلك في زيادة أعداد الموظفات السعوديات بشكلٍ ملحوظ وملفت للنظر، ومخيف في نفس الوقت! والزج بهن بأعداد هائلة في المستشفيات، وبأعمار صغيرة، في ريعان الشباب! بل وضعهن في أقسام مختلطة بالرجال وبالمراجعين دون وضع أي خصوصية لهن!

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

في أحد الأيام ذهبت إلى المستشفى لموعد لأمي الغالية شفاها الله... وعندما وصلنا لمكتب الاستقبال طلب مني الموظف بعض الإجراءات... وأثناء حديثه رأيت منظرًا مؤلمًا!

فقد رأيت خلف هذا الموظف أحد الشباب العاملين في المستشفى يجلس في الكونتر الضيَّق بجواره إحدى الفتيات الموظفات يتبادلان أطراف الحديث!

ثم أشار موظف الاستقبال إلى استراحة النساء كي تذهب إليها أمي، وطلب مني الجلوس في استراحة الرجال. فقلت في نفسي: سبحان الله! ما هذا التناقض العجيب؟! يجلس وخلف ظهره موظف وموظفة يتبادلان الضحكات دون حياءٍ أو خجل! بينما المراجعين من رجال ونساء كل يجلس في استراحته المخصَّصة له!

وللأسف الشديد فإن مشهد الاختلاط أصبح ظاهرة في معظم المستشفيات!

لذا؛ فإن من المنكرات العظيمة والتي عمَّت وطمت في هذا الأزمنة الغابرة... الاختلاط بين العاملين والعاملات في العمل! وخصوصًا الاختلاط في المستشفيات، والذي وإن لم يكن وليدًا في هذا الزمن إلا أنه تطور في منحى آخر وخصوصًا في السنوات القريبة الماضية! وذلك في زيادة أعداد الموظفات السعوديات بشكلٍ ملحوظ وملفت للنظر، ومخيف في نفس الوقت! والزج بهن بأعداد هائلة في المستشفيات، وبأعمار صغيرة، في ريعان الشباب! بل وضعهن في أقسام مختلطة بالرجال وبالمراجعين دون وضع أي خصوصية لهن!

ونتيجة لهذا الاختلاط بالرجال؛ فقد تساهلت بعض الموظفات في حجابها ولباسها وتعاملها مع من حولها من الرجال! فظهرت مظاهر من المخالفات والمنكرات مما يندى له الجبين، والتي أساسها الاختلاط! ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فكثرة الإمساس تُذهِب الإحساس! فمن نقابات فاتنة إلى لِثامٍ فاضح، بل وصل ببعضهن الحال إلى كشف الوجه! وإخراج شيء من الشعر! ووصل الحال ببعضهن -كذلك- إلى أن خرجت من حيائها فلبست البنطال من جنز وغيره!

ناهيك عن ما يحدُث من بعضهن من محادثات وممازحات وضحكات بينهن وبين بعض العاملين من الرجال من سعوديين وغيرهم تذهب بالدين والحياء!

وكل هذا غالبًا يحدُث على مرأى من الناس من مراجعين وزائرين! فالله المستعان!

وعندما تراهن في المستشفيات على تلك الأحوال المخزية؛ يحترق قلبك، ويعتصرك الألم، وتدمع عينك أسىً وحزنًا! على ما وصلت إليه أحوالهن... هداهن الله!

فتقف متسائلًا: كيف يحصل مثل هذا كله لفتاة الإسلام؟!

وكيف ضيَّعت الفتاة دينها بهذه السهولة؟! وأهانت نفسها وكرامتها وذلَّت نفسها لمن لا كرامة له! وباعت عِزَّتها بل تهاونت بأمر ربها وبأمر رسوله صلى الله عليه وسلم لأجل دراهم معدودة! يذهب جلها في تبذير ومصاريف لا حاجة لها بها! فذهبت في سكرة أعمتها عن الحقيقة التي غُيِّبت عنها! وهي قرارها في البيت وعدم خروجها إلا للحاجة.

فإن احتاجت للعمل ففي بيئة آمنة بعيدة عن الرجال الأجانب، ولكنها استجابت للشعارات البراقة! والتي يردِّدها دعاة إفساد المرأة، فانخدعت بها سريعًا، وأوهموها بأن المقصود العمل، ولو اختلطت بالرجال!

وأنه لا داعي للشكوك والنظرة الظلامية، فذهبت تبحث لها عن مكانة بين قومها في عملها في الوظيفة المختلطة؛ فظنت أنها وجدتها في عملها في المستشفى الفلاني! وبين قريناتها في العمل حيث تبذل قصارى جهدها لتتفوق عليهن وتحوز أعلى الشهادات والامتيازات حتى لو كان ذلك على حساب دينها وحيائها وكرامتها!

فراحت تفخر وتفاخر! ولم تدرِ أنها بذلك أصبحت صيدًا سهلًا لأهل الفساد ودعاة الرذيلة، يجعلونها دمية يَنفذون من خلالها مخططاتهم!

فصارت لبنة من لبنات مشروعهم الإفسادي! فالله المستعان على هذه الأحوال المبكية والتي يبكي منها أهل الغيرة الدم قبل الدمع! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

قال الله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} [فاطر من الآية:8].

لذلك؛ فإن الأصل أن مكان المرأة وعِزَّها وشرفها هو في جلوسها في بيتها مصونة محفوظة ممتثلة لأمر ربها في قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب من الآية:33] أي: اقررن فيها، لأنه أسلم وأحفظ لَكُنَّ.

فتمتثل أمر ربها جل وعلا وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم وتحفظ دينها وكرامتها؛ يتمناها كل شاب زوجة له وأُمًّا لأولاده يرفع رأسه بها ويفخر بما فيها من صفات عظيمة... أعظمها كمال حيائها وبُعدها عن الرجال الأجانب وعن كل ما يخدِش حيائها... وينتظر منها القيام بحقه وحق أولاده.. ملكة في مملكتها -بيتها- مصونة محفوظة تُربِّي وتُعلِّم وتُخرِّج أجيالًا صالحين مُصلحين...

فكل شاب ذو دين وغِيرة وكرامة لا يريد من امتهنت كرامتها بين الرجال وعاشت بينهم جُلَّ وقتها! بل أكثر من جلوسها في بيت أبيها!

فتمعَّني في هذا وقارني بين ما أنتِ فيه وبين الحق الذي لا مِرية فيه وتذكري قول الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق من الآيتين:2-3].

وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا للهِ إلاَّ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ» (مسند الإمام أحمد: [5/363]، وقال الهيثمي في مَجْمع الزوائد: [10/296] رواه أحمد بأسانيد ورجالها رجال الصحيح، وقال الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة: [1/62] وسنده صحيح على شرط مسلم).

وتذكري أيضًا؛ آثار تلك المعاصي وشؤمها في الدنيا والآخرة... من اختلاط وما يَجرّه من معاصٍ ومنكرات على كل من خالفت أمر ربها وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.

فكم من سيئة كتبت بسبب الاختلاط وما يَجرَّه من منكرات... من نقابٍ فاتن، وكشف للوجه، ولبس للبنطال! والخروج من بيتها متعطِّرة، وتميع في الكلام، وضحكات! ونحو ذلك من المنكرات؟!

وكم سيئة كتبت بسبب افتتان الرجال من العاملين أو من المراجعين وتأثرهم بمن خالطتهم وأظهرت مفاتنها؟!

وكم من سيئة كتبت بسبب اقتداء الفتيات بمن تعمل في بيئة مختلطة؟!

قال الله تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل:25].

وفي الحديث: «ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبِعهُ لا ينقصُ ذلك من آثامهم شيئًا» (رواه مسلم).

بل كم هي السيئات والآثام الكثيرة والكبيرة والتي تُكتَب بسبب هذه المنكرات العظيمة على من رضت بمخالطة الرجال في يوم واحد؟! كيف بأيام وأشهر وسنوات؟!

وكيف ستقف من كسبت كل هذه السيئات بين يدي الله غدًا يوم القيامة؟! يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم!

فالله الله بالتوبة قبل فوات الأوان، وقبل أن يباغت الموت من تمادت بهذه المنكرات المتتابعة! فتتمنى أنها تابت وأطاعت ربها وامتثلت لأمر رسولها صلى الله عليه وسلم... والله المستعان وعليه التكلان!

لذلك... وجب الإنكار على من رأى شيئًا من منكرات وخاصة ما يحدث في بعض المستشفيات على حسب الاستطاعة امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (أخرجه مسلم).

ولنحذر من السكوت، فالأمر لم يزدد سوء إلا بسكوت أهل الغيرة والصلاح! ممن يدخلون المستشفيات ويشاهدون المنكرات فلا يُحرِّك أحدهم ساكنًا!

ولو أن الجميع قام بواجبه؛ لكان على الأقل إن لم يزول هذا المنكر وما يُصاحِبه من منكرات فإنه سيخف، ويقف عن الزيادة الملحوظة في كل عام.. لذلك ينبغي لنا الإنكار المباشر والنصح والتخويف بالله للعاملين والعاملات ممن وقعوا في منكر الاختلاط وما يَجرّه من منكرات عظيمة... كـ (توزيع الكتيبات، والنشرات، والفتاوى، وطباعة القرارات التي تُحذِّر من الاختلاط وتمنعه، وإصدار المقاطع المرئية التي تحمل فتاوى أهل العلم عن الاختلاط وعن المنكرات في المستشفيات، وكذلك الاستفادة من مكاتب التوعية الدينية بالمستشفيات) للحدِّ من انتشار هذا الداء الخطير...

أيضًا العلماء والخطباء ووسائل الإعلام المحافِظ عليهم دور كبير في الكلام عن الاختلاط بشكلٍ عام، وعن الاختلاط في المستشفيات بشكلٍ خاص.

وتنبيه الآباء عن ما يحدُث في المستشفيات من منكرات عظيمة قد يكونون في غفلة عنها! وكذلك مناصحة المسؤولين في المستشفيات والصبر وتحمل ما قد يأتي من الأذى وعدم اليأس من الوضع..

وليكن لسان حالنا {مَعْذِرَةً إِلَىَ رَبّكُمْ وَلَعَلّهُمْ يَتّقُونَ} [الأعراف من الآية:172]، و{لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق من الآية:2]...

هذا ما يسَّر الله كتابته وأسأل الله أن يجعله خالصًا لوجه الكريم وينفع به...

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود من الآية:88].

شكر خاص/ لأحبتي الذين قاموا بمراجعته وتصحيحه... فكتب الله أجرهم وغفر ذنبهم. ولكل من ينشره في النت أو في برامج التواصل الاجتماعي أو يطبعه وينشره في المستشفيات.. ضاعف الله لك الأجر والمثوبة.

وأسأل الله أن يلطف بنا وأن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء مِنَّا... كما أسأله سبحانه أن يكفي المسلمين شرَّ ما يُخطِّط له أهل الفساد والإفساد، وأن يحمي مجتمعنا ونسائنا من شرِّ دعاة الاختلاط والتغريب.. اللهم آمين.

أخوكم في الله/ خالد بن عبد الرحمن الدغيري أبو أسامة 27/5/1435هـ.

والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 2
  • 1
  • 1,689

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً