العادات والأفكار الحديثة
لكل المجتمعات القبلية عادات وتقاليد، اكتسبتها مع مرور الزمن، فتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل، فشكَّلت هذه العادات والتقاليد مع التغييرات -التي طرأت عليها مع تعاقب الليل والنهار- قدسيات لا يمكن التعدِّي عليها، والتي تتفاخر بها الأقوام.
لكل المجتمعات القبلية عادات وتقاليد، اكتسبتها مع مرور الزمن، فتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل، فشكَّلت هذه العادات والتقاليد مع التغييرات -التي طرأت عليها مع تعاقب الليل والنهار- قدسيات لا يمكن التعدِّي عليها، والتي تتفاخر بها الأقوام.
وتعتقد كل قبيلة أو قوم بأن عاداتها أفضل العادات وأمجدها وسنامها؛ حتى ورث الجيل الحالي هذه الأفكار التي لا يستطيع الانعتاق منها، وإن تحرر من قيودها يعتبر شاذًّا وخارجًا عن قانون القبيلة، فيعامَل بازدراء وسخرية، ولا يُضرب له أي حسبان!
وهذه الأفكار المتوارثة أصبحت عائقًا أمام التطور، وفكرة بناء الحضارة الإسلامية صحيحة الأسس؛ فهي بانطوائية أفكارها على النطاق القبلي -والمحدودة غير النافعة- جعلت من الأمة العربية الإسلامية أمة متأخرة، تحتل ذيل المراتب في كل الاتجاهات العلمية والاقتصادية والسياسية... إلخ، بل إن العادات الغذائية المتفشية في النطاق القبلي ساعدت على زيادة الإصابة بالأمراض المستعصية كالسكري والضغط، والتي بدورها تقوم بتفكيك الأسرة!
والخطر الكبير الذي شكَّلته هذه العادات والتقاليد؛ أنها تُقدَّم على العادات الإسلامية -المميزة بانسيابيتها وحريتها المرنة- في كثير من المواقف، جالبة معها كل ما ينسف التعاليم المحمدية، وعلى سبيل المثال لا الحصر: التفاخر بالقبيلة وتعظيمها، حب الوجاهة والمظهر، إيهام الأجيال بأمجاد القبيلة، والتي تعتبر من نسج الخيال ومن الأساطير، والتي ابتدعها الآباء والأجداد؛ ليسدُّوا ثغرة العجز والهوان في ذواتهم.
وكل مَن يعيش في ظل تلك العادات ويذوب فيها، لا يستطيع أن يوفِّق بينها وبين الأفكار الحديثة إلا في مواقف قليلة جدًّا، تنحصر على الفرد أو الأسرة ذات العدد القليل، أما النطاق الاجتماعي أو القبلي، فلا يمكن أن تصل إليه تلك الأفكار الحديثة؛ لأنها سوف تصطدم بمقدسات وعادات ذات جذور عميقة، كما أن الخوف من ما وراء تلك الأفكار والشك فيها، يشكل الهاجس الأول لكل من يحاول الانعتاق من العادات والتقاليد، فتجده متذبذبًا، سريع الانكسار للنداء القبلي المفروض عليه، خاصة حينما تجده أعزل السلاح العلمي، كما أن هناك فئة متعلمة تتجرد من لباسها العلمي عند الاحتكاك بالعادات والتقاليد القبيلة، وهي الفئة التي تشكل خطرًا قويًّا على المجتمع الذي يحاول الخروج من الأفكار الجاهلية!
وتتصادم العادات والتقاليد مع الأفكار الحديثة التي جعلتها في موقف حرج جدًّا، فالأفكار في النطاق القبلي تكون محدودة منعدمة الفوائد، ضيقة الأفق سريعة الفشل، بينما الأفكار الحديثة مرنة قوية متينة، تتسع لأي شريحة، فردية كانت أو جماعية.
وهذا ما نراه ونلاحظه في العالم الغربي حينما انعدمت لديه القبلية، فوصل الإنسان هناك إلى قمة الهرم الحياتي، بينما العالم العربي يركع لتلك العادات تذللاً وخضوعًا، والانعتاق منها يتطلب تضحيات اجتماعية فكرية، يترتب عليها تغير النمط الحياتي بشتى توجهاته.
نحن هنا لا نلغي الأدوار التي تقوم بها القبيلة، ولكن الكيان القبلي، والأفكار المطروحة تحت ظله تنهار أمام الأفكار الحديثة التي تضمن للإنسان الحياة المتكاملة والحرية المطلقة؛ إذا تجردت من اللباس الإسلامي، والمنطق العقلي، وهي لا شك متجردة من تلك العادات والأفكار الحديثة.
فواز بن ناصر بن حضرم المحمدي
- التصنيف:
- المصدر: