همسٌ في أذن ولاة الأمر الفلسطينيين

منذ 2014-04-06

هو حديثٌ في العموم، سيتلوه غيره الكثير في الخصوص، يطال كل من على رأسه بطحة، أو يؤلم كل من تحت إبطه إبرة، وهم كثيرٌ، كانوا وما زالوا، تحكموا وتسلطوا، لكنهم سائرون في غيهم، قد أعمى الله أبصارهم، وطمس على عيونهم، وختم على قلوبهم، فأصابهم البوار، وسيلحق بهم الهلاك، فهل تنبههم الصرخة، أم ستقتلهم الصعقة؟

(1)

أنت تعلم أنك تكذب، وتعد وتخلف، وتقسم وتحنث، وتخون وتسرق، وتظلم وتبطش، وقد تفتري وتقتل، وتسيء استخدام السلطة، وتجمع حولك بطانةً تنافقك، وتكذبك ولا تصدقك، وتقصي مِنْ حولك مَنْ يعارضك ويخالفك، أو ينتقدك ولا يقبل برأيك، وأنك تستخدم المال لتطويع الناس، والضغط عليهم، فتحرم المستحقين، وتغدق على من لا حق لهم، في استغلالٍ دنيءٍ للمال الذي هو أمانةً بين أيديكم، لشراء الذمم، وإسكات الناس، والتأثير عليهم، ليسهل عليك استخدامهم وسيلةً للتبرير، وأداةً للتلميع، وأحيانًا شماعةً لحمل الأخطاء وشطب العيوب.

أنت أكثر من يعلم أنك ترتكب من الموبقات والكبائر ما لا يعلمها إلا الله، لعظم الأمانة التي تحمل، وسمو المنزلة التي قدمك إليها غيرك، فقد ظلمت وأسأت، وقامرت وغامرت، وخاطرت وجازفت، وراهنت وتاجرت، وأخطأت وانحرفت، وزورت وغيرت، وبدلت وحرفت، وتلاعبت وتلونت، بعلمٍ لا بجهالة، وبوعي لا عن غفلة، وبتصميمٍ لا عن تردد، وبحساباتٍ شخصية لا وطنية، وبرغبةٍ ذاتية لا عامة، وبحساباتٍ ضيقة لا عاقلة، وبعقلية المصالح والمنافع، لا بحسابات الوطن والشعب والأمة.

فاحذر آخرتك، وكن واثقًا من مصيرك، فمنصبك لن يدوم، ومقامك لن يبقَ، ونفوذك إلى زوال، وصورتك ستبهت، وصوتك سيخرس، وستكف يدك، وستتعثر بك الخطى، وستزل بك القدم، فقد آذن الزمان بسقوط البراقع، وإماطة اللثام عن الوجوه، وتسليط الضوء على كل ما خفي وعظم، فلا أقنعة ولا صور، ولا حصانة ولا أسرار، ولا قدسية ولا مكانة، ولا هيبة ولا سلطة، ولن يبقَ من حولك من قد أغلقت فاه، أو صممت أذنيه، بمالٍ أو منصبٍ أو جاه، بل سيكون عليه وعليك حسرةً وندامة في الدينا ويوم القيامة.

كثيرةٌ هي الأخطاء والعيوب، والمساوئ والمخازي وخوارم المروءة والرجولة، التي يظن مرتكبوها أنهم باتوا في مأمنٍ من كشفها، وأن أحدًا لن يقوَ على سؤالهم أو محاسبتهم، لقدمها أو لصعوبة كشفها، ولكنهم نسوا أن زمن الخيمة قد ولى، فلم يعد أحدٌ على رأسه خيمة، فقد بتنا كلنا تحت الشمس الحارقة، التي تكشف وتفضح، وتظللنا السماء التي قد ترحم، ولكنها قد تعاقب وتبطش، لتأخذ بحق المظلومين، وتضرب على يد الظالمين، إنها سنة الحياة التي لا تتبدل ولا تتغير، لأن الذي يحركها ويديرها رب العالمين، الصادق في وعده، العادل في حكمه، الحكيم في قضائه.

هو حديثٌ في العموم، سيتلوه غيره الكثير في الخصوص، يطال كل من على رأسه بطحة، أو يؤلم كل من تحت إبطه إبرة، وهم كثيرٌ، كانوا وما زالوا، تحكموا وتسلطوا، لكنهم سائرون في غيهم، قد أعمى الله أبصارهم، وطمس على عيونهم، وختم على قلوبهم، فأصابهم البوار، وسيلحق بهم الهلاك، فهل تنبههم الصرخة، أم ستقتلهم الصعقة؟

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

مصطفى يوسف اللداوي

كاتب و باحث فلسطيني

  • 0
  • 0
  • 994

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً