المرأة المجددة (7)

منذ 2014-04-16

باقي أسباب تميز الصحابيات عن غيرهن (الأسباب الشرعية).

باقي أسباب تميز الصحابيات عن غيرهن (الأسباب الشرعية).

 أ/تفاعلهن مع الوحي:
فكان لهن السبق في سؤال رسولِ الله، والاستفسار، والفهم منه، والشكوى له، فنزلت بسبب ذلك عليهن الأحكام الخالدة، وكن شاهدات الشرع.
- ففي السؤال مثل:
عن عبدالله بن عمر عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: «يا معشر النساء، تصدَّقن، وأكثرن من الاستغفار، فإنِّي رأيتكن أكثرَ أهلِ النار»، فقالت امرأة منهن جزلة: "وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟" قال: «تكثرن اللعن، وتكفرن العشير»؛ (أخرجه البخاري ومسلم).

حَدَّثنا علي بن محمد ومحمد بن طريف قالا: حدثنا أبو معاوية، حدثني محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبدالله قال: "رفعت امرأة صبيًّا لها إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في حجته، فقالت: يا رسولَ الله، ألهذا حج؟" قال: «نعم، ولك أجر»؛ (صحيح)،( حجة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم 94؛ الإرواء، برقم:[985]، صحيح أبي داود، برقم: [1525]).

وعن أسماء بنت أبي بكر أنَّها قالت: "سألتِ امرأةٌ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقالت: يا رسول الله، أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع؟" قال: «إذا أصاب إحداكن الدم من الحيض، فلتقرصه، ثم لتنضحه بالماء، ثُمَّ لتصلِّ»؛ (أخرجه البخاري ومسلم).

- وفي الاستفسار مثل:
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، وأبو عمر الضرير، قالوا: حدثنا وكيع، حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: "جاءت هند إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقالت: "يا رسول الله، إنَّ أبا سفيان رجلٌ شحيح، لا يُعطيني ما يَكفيني وولدي إلاَّ ما أخذت من ماله وهو لا يعلم"، فقال: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف»؛ (صحيح)، الإرواء،برقم: [2646]، وأخرجه البخاري ومسلم).

وعن ابن عباس قال: "كان زوجُ بريرة عبدًا يقال له: مغيث، كأنِّي أنظر إليه يطوف خلفها ويبكي ودموعه تسيل على خده، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم للعباس: «يا عباس، ألاَ تعجب من حُبِّ مغيث بريرة، ومن بُغض بريرة مغيثًا؟»، فقال لها النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: «لو راجعتِه، فإنه أبو ولدك»، قالت: "يا رسول الله، تأمرني؟ "قال: «إنَّما أشفع»، قالت: "لا حاجةَ لي فيه"؛ (صحيح، الإرواء [276/6 - 277]، وصحيح أبي داود: [1933 - 1934]، وأخرجه البخاري).

- وفي الشكوى مثل:
عن إياس بن عبدالله بن أبي ذباب قال: "قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا تضربوا إماءَ الله»، فجاء عمر إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: "ذَئِرْنَ النساء على أزواجهن"، فرَخَّص في ضربهن، فأطاف بآل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نساء كثير يشكون أزواجَهن، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: «لقد طاف بآل محمد نساءٌ كثير يشكون أزواجَهن، ليس أولئك بخياركم»؛ (صحيح)؛ "أي: خيركم الذين لا يضربون نساءَهم، ذئرن؛ أي: اجترأن، ونشزن، وغلبن"؛(سنن أبي داود، صححه الألباني).

وعن زينب أنَّها كانت تفلي رأسَ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وعنده امرأة عثمان بن عفان، ونساء من المهاجرات، وهن يشتكين منازلهن أنَّها تضيق عليهن، ويخرجن منها، فأمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن تورث دور المهاجرين النساء، فمات عبدالله بن مسعود، فورثته امرأته دارًا بالمدينة؛ (صحيح الإسناد).

وفي مثل شكوى خُوَيْلَة بنت مالك في سورة المجادلة كما سيأتي، وقد نزل في بعضهن قرآنٌ يتلى إلى يوم القيامة، كما في تبرئة أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنهما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور: الآية11].

وكذلك زينب بنت جحش رضي الله عنها: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}[الأحزاب: من الآية 37].

وخويلة بنت مالك رضي الله عنها:
فعن خويلة بنت مالك بن ثعلبة قالت: "ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت، فجئت رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أشكو إليه، ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُجادلني فيه، ويقول: «اتقي الله؛ فإنَّه ابن عمك»، فما برحت حتى نزل القرآن: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}[المجادلة: 1] إلى الفرض، فقال: «يعتق رقبة»، قالت: لا يجد، قال: «فيصوم شهرين متتابعين»، قالت: يا رسول الله، إنه شيخ كبير، ما به من صيام، قال: «فليطعم ستين مِسكينًا»، قالت: ما عنده من شيء يتصدق به، قالت: فأُتِيَ ساعتئذ بعِرقٍ من تَمر، قلت: يا رسول الله، فإنِّي أعينه بعرق آخر، قال: «قد أحسنتِ، اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مِسكينًا، وارجعي إلى ابن عمك»، قال: والعرق ستون صاعًا؛ (حسن)، دون قوله: والعرق ستون؛ "العرق: هو زنبيل يَسَعُ خمسةَ عشر صاعًا أو أكثر"؛( صحيح سنن أبي داود باختصار السند).

ب/ وهن خير النِّساء المخاطبات ابتداءً بـ {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران : من الآية 110]، كمثل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

وقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم: {إنَّ خَيْرَ نساءٍ ركبن أعجازَ الإبل صالِحُ نساء قريش، أخشاه على ولد في صغر، وأرعاه على بعل بذات يد}؛ (السلسلة الصحيحة، للألباني).

وقالت عائشة: "نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياءُ أن يسألنَ عن الدين، وأن يتفقهن فيه"؛ (قول عائشة: نعم... إلخ معلق عند البخاري).

وعن أم سلمة قالت: "لَمَّا نزلت: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: من الآية 59]، خرج نساء الأنصار كأنَّ على رؤوسهن الغربان من الأكسية"، وهذا دليل على سرعة امتثالهن لأوامر الله عزَّ وجلَّ (صحيح، حجاب المرأة المسلمة، ص 38، من صحيح سنن أبي داود للألباني).

وازدَدْنَ شرفًا إنْ كان منهن زوجات الصَّحابة، الذي نزل فيهم: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح: من الآية 29].

جـ/ ولهن فضلُ الجهاد معه صلَّى الله عليه وسلَّم وحضور الغزوات، والمشاهد والصبر على الشدائد.

فكانت سُمَيَّة رضي الله عنها أولَ شهيدة في الإسلام على الإطلاق، وحضرت صحابياتٌ المشاهدَ أمثال أم عمارة، وبعض زوجات النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وصبرت خديجة رضي الله عنها في حصار الشعب، وغيرها من مسلمات قريش.

وإن مدح مادح: "إنَّ المرأة نصف الدنيا"، فإن للمرأة الصحابية فضلاً على نصف الدنيا، وفضلاً آخر على النصف الآخر، فهُنَّ مربيات الصالحين من التابعين رضي الله عنهن نحسبهن والله حسيبهن ولا نزكي على الله أحدا.

رحاب حسّان

المصدر: فريق عمل طريق الإسلام
  • 1
  • 0
  • 3,878

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً