وكم أودع الله فيهن من أسرار!
المرأة الراضية تجعل الكوخ قصرًا منيفًا، يفوح في أركانه عطر السعادة.. زوجها وإن ارتدى البسيط من الثياب يرى نفسه أغنى الناس برفيقة على طريق الجنة..
وكم أودع الله فيهن من أسرار.. وعلى خَلْقهن من ضلعٍ (أعوج)، فالحياة والله لا (تستقيم) بدونهن!
وما الرجل دون شريكة حياته إلا يتيم يفتقِد العطف، ويستنطق الأشياء من حوله متعلِّلًا بروعة الذكريات.. تكفيك نظرة لكبير سن خلفته حبيبته وسبقته لدار الصدق، وقد انفض أولاده وشق كل منهم طريقه في مشوار الحياة..تكفيك نظرة له وهو متكئ على عكازه مبلِّلًا حجره بدموع ذكرى الحبيبة، يرجو اللحاق بها في دار الكرامة؛ فلا دفء في حياة بعدها!
المرأة الراضية تجعل الكوخ قصرًا منيفًا، يفوح في أركانه عطر السعادة.. زوجها وإن ارتدى البسيط من الثياب يرى نفسه أغنى الناس برفيقة على طريق الجنة..
هذا ثري توقف بسيارته الفارهة بعد أن خرج من قصره وهو ضائق صدره؛ فزوجته لم يعجبها عقد الألماس الذي أهداها إياه في عيد ميلادها متهمة إياه بالبخل، وولده متذمِّر من سيارته الحديثة لأنها ليست بمواصفات رياضية كسيارة صديقه فلان!
توقَّف فجأة ليراقب خلال دموع حسرته منظر تلك الأسرة البسيطة (السعيدة) وقد افترشت الأرض في حديقة عامة يتوسطهم كيس (فيشار) تمتد إليه أيدي الصغار في نشوة فرح.. جو رضًا يحيطهم كأنما يملكون الدنيا وما فيها.. يا لروعة تلك الزوجة وقد سمعها تدعو لزوجها -الغني في فقره- قائلة: "ربنا ما يحرمنا منك ويباركلك زي منتا مش حارمنا من حاجة"!
كم من نظرة منهن صادقة تفتح لها أبواب السماء.. لغة الصمت لديهن أبلغ من أي حديث.. والضعف فيهن قوة تمنع من ظلمهن، كيف وقد حرج حقهن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
يا لوجع تلك العبرات اللائمة في مآقيهن.. ويا لروعة ذاك الوميض الممتن في عيونهن!
أيا كل من ولَّاه امرأة بحاجة أنت لإتقان وحي النظرات.. لَإطراقة منها للأرض في رضًا أروع من قصيدة تنظمها أنت حبًا وثناءً.. ولَتسارع أنفاسها المصدومة واستدعاؤها الصمود مغلفة به نفسًا محطمة، أقسى عليها مما تظن.. لو تشعر!
أيا كل من ولَّاه الله امرأة.. في صحراء حياتك واحة، فاروِها عطفًا..
حدثني عن حالك مع أمك وزوجتك، مع أختك وابنتك.. أُحدِّثك واثقًا عن كرمك أو لؤمك!
- التصنيف: