المشعوذون: حسن... والمُعلِّم، ومُعلِّمُه

منذ 2014-04-21

ربما شعر بشار أسد بالحرج، من عدم استيعاب الشعب السوري لعبقريته الإصلاحية، فاستنجد بوليد المعلِّم، لشرح نظرياته الثمينة التي أطلقها -أي بشار- في قاعة مدرّج جامعة دمشق، فهزّت قبور (فيثاغورث) و(لافوازيه) و(نيوتن)، وأصابت السيد (أمبير) بالصعقة الكهربائية التي كادت تقذفه من قبره مرتعِشًا، كما يرتعِش -عادةً- نُزَلاء فرع (الحلبوني) و(فلسطين) من شعبنا السوري الأبيّ، وأمثالهما من فروع الضيافة المخابراتية، التي يفوق عددُها في سورية الديمقراطية الأسدية... أعداد المدارس والمستشفيات الوطنية!

لعلّ كلمة: (الشبِّيحون)، أفضل تعبيرًا وأدقّ دلالةً... من كلمة: (المُشَعوِذون)!... لكنّني -في الحقيقة- استخدمتُ الثانية، ريثما تُعتَمَد الكلمة الأولى رسميًا، من قِبَل (مجمع اللغة العربية) في دمشق أو القاهرة، باعتبارها لفظة مُحدَثَة، يمكن إضافتها إلى القاموس الوسيط أو إلى أي قاموسٍ للغة العربية الحديثة، على أنها قيمة حضارية، مستوحاة من سِجل (الديمقراطية غير المسبوقة) التي بشَّر بها وزير خارجية النظام السوري، ومن سوق عكاظ الأسدي، الحافل هذه الأيام بعباقرة المصطلحات، بَدءًا من رئيس فرقة المُطَبِّلين التابعين لفرع مخابرات كفرسوسة (طالب إبراهيم)... وانتهاءً برئيس كتيبة المُزَمِّرين (وليد المعلِّم)، ومُعَلِّمه بشار... مرورًا بكل شبِّيحة التزوير والتضليل الإعلامي لسورية الحديثة، من مثل أبو عبد الله وشحادة والصوّان وعزّ الدين والآغا وعبّود... وغيرهم!

ربما شعر بشار أسد بالحرج، من عدم استيعاب الشعب السوري لعبقريته الإصلاحية، فاستنجد بوليد المعلِّم، لشرح نظرياته الثمينة التي أطلقها -أي بشار- في قاعة مدرّج جامعة دمشق، فهزّت قبور (فيثاغورث) و(لافوازيه) و(نيوتن)، وأصابت السيد (أمبير) بالصعقة الكهربائية التي كادت تقذفه من قبره مرتعِشًا، كما يرتعِش -عادةً- نُزَلاء فرع (الحلبوني) و(فلسطين) من شعبنا السوري الأبيّ، وأمثالهما من فروع الضيافة المخابراتية، التي يفوق عددُها في سورية الديمقراطية الأسدية... أعداد المدارس والمستشفيات الوطنية!

لا شكّ أن وزير خارجية بشار، عميد الدبلوماسية السورية، كان صادقًا عندما عبّر عن اشتياقه لمندوبي الصحافة ووكالات الأنباء والقنوات الفضائية: "اشتقتُ لكم"، لأنّ كل المؤسّسات الإعلامية المرموقة المهنية (العميلة المتآمرة)، باتت من الممنوعات في قائمة الديمقراطية البشارية الحديثة (غير المسبوقة)، التي يعكف على هندستها مهندس الدبلوماسية الأسدية: وليد المعلِّم، وقد وعد بالانتهاء من هندستها خلال ثلاثة أشهرٍ فحسب، ليسجّل تلك الديمقراطية الهندسية -إن سمح له مُعَلِّمه- باسمه شخصيًا في موسوعة (جينيس) للأرقام القياسية، على أساس أن هذه الطفرة المُعلّمية الخارقة، ستُنجِز ما عجزت عنه حكومات البعث الانقلابية المتعاقبة، منذ الثامن من آذار عام 1963م، إلى يومنا هذا... مرورًا بالعهد الأسديّ الوراثيّ (الديمقراطيّ)، الممتدّ على صدورنا وأنفاسنا منذ واحدٍ وأربعين عامًا... فحسب!

لقد اكتشف وليد المعلِّم فجأةً -على مذهب أرخميدس- أنّ "فرنسة دولة استعمارية عدوّة، يجب على سورية ألا تتعامل معها"!... على الرغم من أنّ فرنسة كانت -بنظر المعلِّم ونظامه- صديقًا حميمًا عزيزًا، يوم استقبلت باريس الشاب بشار أسد في قصر الإليزيه، خلال عهد والده حافظ، فكان لهذا الاستقبال الحافل لشابٍ ليس له أي صفةٍ رسمية... الدور الكبير في تتويج بشار بن حافظ أسد حاكمًا وريثًا، بمباركة المستعمِر الفرنسيّ نفسه، وتأييده ودعمه، إذ لم تكن فرنسة وقتئذٍ دولةً استعمارية!... وقد تمّ ذلك بالتنسيق مع العدوّ الأميركيّ (الإمبرياليّ)، الذي تجلّى -آنذاك- بمباركة الإدارة الأميركية لتوريث بشار، وذلك عن طريق وزيرة خارجيّتها (مادلين أولبرايت)!...

قبل أن يبشّرنا وليد المعلِّم بديمقراطيته (غير المسبوقة في المنطقة)، التي يقوم على إعدادها على نارٍ ساخنة... اكتشف أن خريطة العالَم المعاصِر يمكن رسمها بريشة وزارة الخارجية الأسدية، من دون قارّة أوروبة، بعد شطب دول الاتحاد الأوروبيّ من هذه الخريطة، لتصبحَ قارّات الكرة الأرضية أربعًا بدل القارّات الخمس التي خلقها الله عزّ وجلّ، ويدرسها -حاليًا- تلاميذُ المدارس السورية والعالمية في مناهج الجغرافية، بمن فيهم تلاميذ (الواق واق) و(الهونولولو)!... ولا ندري، فربما كان المعلِّم يرغب -من تصريحاته الخرائطية- بتسديد ضربةٍ قاضيةٍ للبورصات الأوروبية، لتُصابَ بالتسونامي الأسديّ الشبّيحيّ، فتنهار انهيارًا لا تقوم بعده أبدًا، فتأخذ العبرة العميقة من هذا الدرس المعلميّ القاسي، وتُقلِع عن التدخّل في الشؤون الداخلية للفرقة الرابعة الأسدية ومؤسّسات الاتصالات والشركات المخلوفية!...

كل العالَم متآمر على المعلِّم ومُعَلِّمه ونظامهما: أميركة، وأوروبة، وعمرو موسى والجامعة العربية... وحلف شمال الأطلسي، وكل وكالات الأنباء والقنوات الفضائية ومواقع الإنترنت الإخبارية والاجتماعية، وجماعة 14 آذار اللبنانية، والعصابات المسلَّحة القادمة من وراء الغلاف الجويّ للكرة الأرضية، و... إلا إيران وحزبها في لبنان، اللذان -بزعم المعلِّم- لا علاقة لهما بما يجري في شوارع المحافظات السورية!... وإنما يؤيّدان ويمدّان نظامه فحسب، بما يكفي من العتاد والسلاح والجنود والمعدّات والأساليب الإجرامية والدعم اللوجستيّ والسياسيّ والإعلاميّ... لقمع الشعب السوريّ الذي يطالب بالحرية والقضاء على الفساد والاستبداد!...

أما ما يخصّ الجارة تركية، فالحُبّ من طرفٍ واحد -حسب المعلِّم- لا يكفي لبناء علاقاتٍ دوليةٍ سليمة!... العلاقات بين الدول بمختلف أشكالها -حسب نظرية عكيد الدبلوماسية الأسدية- قائمة على مقدار درجة العشق والغرام والهيام فيما بينها، وليس على المصالح المشتركة، كما تُقِرّه العلوم السياسية وأصول العلاقات الدولية، لذلك، فتركية الدولة الجارة (غير) العربية، عندما استقبلت آلاف المواطنين السوريّين الفارّين من بطش النظام الأسديّ (الوطنيّ)، وحين رعتهم وحمتهم من نظام حكمهم (الوطنيّ)، واستضافتهم وأكرمتهم وآمنتهم... تركية هذه، قفزت من (قلب) المعلِّم ومعلِّمه بشار ونظامهما، فأصبحت مكروهة، وكما يعلم الناس جميعًا، فالحبّ أمر قلبيّ ربّانيّ نفسيّ، لا يد لنا -نحن البشر- فيه، والقلوب بيد الرحمن يقلِّبها كيف يشاء!... لكن مع ذلك كله، فوزير الخارجية السورية، ضَغَطَ على نفسه وقلبه، ليستمرّ في عشقه لتركية وغرامه بها، ولم يجد فائدةً من هذه المعاناة التي حَمَلَ نفسَه عليها، فاكتشف -وما أكثر مكتَشَفات المعلِّم هذه الأيام- أنّ "الحُبّ من طرفٍ واحدٍ لا يكفي لاستمرار العلاقات الوطيدة بين الدول"!...

لعلّ وليد المعلِّم قد شعر بالحرج كذلك، لأنه لم يتمكّن بشكلٍ جيد، من شرح النظريات الإصلاحية الحديثة لِمُعلِّمه، ما اضطرهما للاستنجاد بالحليف الاحتياطي الجاهز (حسن نصر الفُرس)، الذي اضطر للخروج من سردابه، فقطع غيبته الصغرى، كُرمى لعيون معلِّمَيْه، إذ المصير مشترك، والمآل واحد، والطريق واحدة، والهدف واحد... و(البهدلة) على أيدي ثوار سورية الأبية... ستكون -إن شاء الله- واحدة!...

ظهر (حسن) على شاشات التلفاز، بحماسةٍ منقطعة النظير، فأطلق تصريحاته النارية التي لم يستطع مُعَلِّماه المذكوران من إطلاقها، لحجم مجافاتها المنطق والواقع الذي يجري على أرض سورية!... ربما السيد حسن لا يملك -في سردابه- أجهزةَ الاستقبال الحديثة التي زوّد (أحمدي نجّاد) بها حليفَه السوري، والقادرة على التقاط البث الميداني لجغرافية تحرك القوات الأسدية وفرقها وكتائبها وشبّيحتها، وذلك في المحافظات السورية وقراها وشوارعها وساحاتها العامة، وهذا الخلل في تزويد سردابه بمثل هذه الأجهزة الحديثة، حال دون إحاطته علمًا بما اعترف به البلهموطي (رامي مخلوف) منذ أسابيع قليلة: "إنّ استقرار إسرائيل من استقرار سورية"!... ما ساق حسن إلى اكتشافٍ جديدٍ ربما خجل أن يكتشفَه قبله وليد المعلِّم: "النظام السوري هو النظام القومي الممانع والمقاوم الوحيد في المنطقة"!... لكن للأمانة، لم يحدِّد حسن هذه المنطقة، هل هي المنطقة العربية، أم الجولان، أم المحافظات والبلدات السورية التي يحتلها -حاليًا- حليفُه الأسديّ؟!... الله أعلم!... لكن بالنظر إلى الخارطة الجديدة للعالَم، التي شكلها ورسمها وليد المعلِّم، فقد يكون موقع هضبة الجولان في هذه الخريطة -حسب الطبعة الأخيرة لوزارة الخارجية الأسدية- قد صار عند الحدود مع الجارة تركية، على تخوم مخيّمات اللاجئين السوريين داخل الأراضي التركية... تمامًا، كما أصبحت (مزارع شبعا) اللبنانية المحتلّة -حسب خريطة سيد المقاومة حسن نصر الفُرس- في قلب بيروت، وذلك منذ سنواتٍ خلت، حين احتلّ مقاوِمو حسن ومُمَانِعوه العاصمةَ اللبنانية، ودمّروا فيها وخرّبوا وسرقوا وانتهكوا، وقتلوا وجرحوا اللبنانيّين، كما يفعل شبّيحة بشار ومجرموه -حاليًا- في سورية كلها، من أقصاها إلى أقصاها!...

كل ذلك قد يدعو للاستهجان فحسب... لكن أن يتغنّى حسن نصر الفُرس، تابع الوليّ الفقيه الفارسيّ، بقومية النظام السوريّ البعثيّ، المستظلّ بمظلّة: (أمّة عربية واحدة، ذات رسالةٍ خالدة)... أن يتغنّى حسن بذلك ويطرب له ويُسوِّقه، انتصارًا للقومية العربية تحديدًا... فهذا مما لا ينقضي له عَجَب!... إلا إذا استحضرنا الحقيقة العَقَديّة لحسن وحلفائه وسادته الفُرس: "... لا دِين لمن لا تقِيَّة له"!... عندئذٍ فحسب، نكتشف -نحن هذه المرّة- المستور... وما يستره!...

 

د. محمد بسام يوسف

  • 0
  • 0
  • 1,779

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً