القناعة - مواعظ حول القناعة
موعظة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في القناعة:
قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: "من وعظ أخاه بنصيحةٍ له في دينه، ونظر له في صلاح دنياه، فقد أحسن صلته، وأدَّى واجب حقه، فاتقوا الله، فإنها نصيحةٌ لكم في دينكم فاقبلوها، وموعظةٌ منجيةٌ من العواقب فالزموها، فالرزق مقسومٌ، ولن يعدو المرء ما قسم له، فأجملوا في الطلب، فإنَّ في القنوع سعةً وبلغةً، وكفًّا عن كَلَفةٍ، لا يحل الموت في أعناقكم، وجهته أيامكم، وما ترون ذاهبٌ، وما مضى كأن لم يكن، وكل ما هو آتٍ قريبٌ، أما رأيتم حالات المنيب وهو يُشرِف ويعد فراغه، وقد ذاق الموت وعائلهم تعجيل إخراج أهله إياه من داره إلى قبره، وسرعة انصرافهم إلى مسكنه، وجهه مفقودٌ، وذكره منسي، وبابه عن قليلٍ مهجورٌ، كأن لم يخالط إخوان الحفاظ، ولم يعمر الديار، فاتقوا يومًا لا تخفى فيه مثقال حبةٍ في الموازين" (القناعة والتعفُّف؛ لابن أبي الدنيا، ص: [64]).
موعظة وهب بن منبه لعطاء الخرساني في القناعة:
قال وهب بن منبهٍ لعطاءٍ الخراساني: "ويحك يا عطاء! ألم أخبر أنك تحمل علمك إلى أبواب الملوك وأبناء الدنيا، ويحك يا عطاء! تأتي من يغلق عنك بابه، ويظهر لك فقره، ويواري عنك غناه! وتدع من يفتح لك بابه ويظهر لك غناه، ويقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر من الآية:60]. يا عطاء أترضى بالدون من الدنيا مع الحكمة، ولا ترضى بالدون من الحكمة مع الدنيا؟! ويحك يا عطاء! إن كان يغنيك ما يكفيك، وإنَّ أدنى ما في الدنيا يكفيك، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس في الدنيا شيءٌ يكفيك. ويحك يا عطاء! إنما بطنك بحرٌ من البحور، ووادٍ من الأودية، ولا يملؤه شيءٌ إلا التراب" (القناعة والتعفُّف؛ لابن أبي الدنيا: [67-68]).
أقوال الأدباء والحكماء في القناعة
- قال أكثم بن صيفي: "من باع الحرص بالقناعة ظفر بالغنى والثروة".
- وقال بعض السلف: "قد يخيب الجاهد الساعي، ويظفر الوادع الهادي". فأخذه البحتري فقال:
لَمْ أَلْقَ مَقْدُورًا عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ *** فِي الْحَظِّ إمَّا نَاقِصًا أَوْ زَائِدَا
وَعَجِبْتُ لِلْمَحْدُودِ يُحْرَمُ نَاصِبًا *** كَلَفًا وَلِلْمَجْدُودِ يَغْنَمُ قَاعِدَا
مَا خَطْبُ مَنْ حُرِمَ الإرَادَةَ قَاعِدًا *** خَطْبُ الَّذِي حُرِمَ الإرَادَةَ جَاهِدَ
- وقال بعض الحكماء: "إنَّ من قنع كان غنيًّا وإن كان مُقتِرًا[1]، ومن لم يقنع كان فقيرًا، وإن كان مُكثِرًا".
- وقال بعض البلغاء: "إذا طلبت العِزَّ فاطلبه بالطاعة، وإذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة، فمن أطاع الله عز وجل عن نصره، ومن لزم القناعة زال فقره".
- وقال بعض الأدباء: "القناعة عِزُّ المُعسِر، والصدقة حِرز[2] المُوسِر".
- وقيل لبعض الحكماء: "اكتسب فلانٌ مالًا، قال: فهل اكتسب أيامًا يأكله فيها؟ قيل: ومن يقدر على ذلك؟ قال: فما أراه اكتسب شيئًا" (القناعة والتعفُّف؛ لابن أبي الدنيا، ص: [62]).
- وكتب حكيمٌ إلى أخٍ له: "أما بعد فاجعل القنوع ذخرًا، ولا تعجل على ثمرة لم تدرك، فإنك تدركها في أوانها عذبةً، والمدبِّر لك أعلم بالوقت الذي يصلح لما تؤمِّل، فثق بخيرته لك في أمورك كلِّها" (التبصرة؛ لابن الجوزي، ص: [156]).
- وقال الحكيم: "أربعةٌ طلبناها فأخطأنا طرقها: طلبنا الغنى في المال، فإذا هو في القناعة، وطلبنا الراحة في الكثرة، فإذا هي في القلة، وطلبنا الكرامة في الخلق، فإذا هي في التقوى، وطلبنا النعمة في الطعام واللباس، فإذا هي في الستر والإسلام" (تنبيه الغافلين بأحاديث سيد المرسلين؛ للسمرقندي، ص: [245]).
- وقال بعض الحكماء: "ما فوق الكفاف إسرافٌ".
- وقال بعض البلغاء: "من رضي بالمقدور قنع بالميسور" (أدب الدنيا والدين؛ للماوردي، ص: [227]).
- وقال بعض الحكماء: "الرضى بالكِفاف يؤدي إلى العفاف" (أدب الدنيا والدين؛ للماوردي).
- وقال أعرابي لأهل البصرة: "من سيد أهل هذه القرية؟ قالوا: الحسن، قال: بم سادهم؟ قالوا: احتاج الناس إلى علمه، واستغنى هو عن دنياهم" (جامع العلوم والحكم؛ لابن رجب: [2/206]).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
[1]- (مقترًا: أقتر الرجل بمعنى افتقر. انظر: مختار الصِّحاح؛ للرازي: [247]).
[2]- (الحرز: الموضع الحصين. مختار الصِّحاح؛ للرازي: [70]. أدب الدنيا والدين؛ للماوردي، ص: [226]).
- التصنيف:
- المصدر: