من غيبة الوعي إلى تغييبه..!

منذ 2014-05-12

والأمرّ الأشنع حينما يتصاعد الموضوع، وتكبر البلية من غيبة الوعي إلى ممارسة تغييبه، ممن يدعون الفهم أو حيازة مزاهره!

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم


ومن لا يعِ طبع الزمان وحُسنه... يظل على أوحاله يتقلب...!

كانت المجتمعات ولا تزال تتخبط من جراء غيبة الوعي، وتتراجع فكريًا وحضاريًا ودينيًا وعلميًا بسبب ذلك، ولكنها لم تكن تلاقي مفاتيح الخروج، ولا منافذ التغيير، ولذلك رضيت وتحملت، مع ترديها وشناعة ما آلت إليه،! فلا علماء يستيقظون، أو مفكرون يصححون،!


والأمرّ الأشنع حينما يتصاعد الموضوع، وتكبر البلية من غيبة الوعي إلى ممارسة تغييبه، ممن يدعون الفهم أو حيازة مزاهره!

فيسوغون المخالفات، ويفتون بالأباطيل، ويجيزون الخرافات! كذا حينما يوسد الامر إلى غيرأهله! أو يقود الركب الأصاغر، أو يتسنم المنابر من لاعلاقة له بالدعوة، ويرسم الإعلامَ المأجورون، الذين همهم معروف، ومقصدهم مكشوف،! مع بضاعة مزجاة، ووعي مفقود، وعلم متهافت، وأقلام بالية...!


كاتب يمتهن المداهنة...
وشيخ يستحلي التهريج...
وصحفي مأجور لبطنه وعياله...
وفقيه غير فقيه...
ومفكر بلا فكر...
وخطيب صارخ بلا مضمون...
ومعلم بلا رسالة وهدف...


فلم يكتف هؤلاء بجريرة غيبة الوعي، حتى ضموا إليها وعضدوها بعملية تغييب الوعي!
فالأغلاط سليمة...
والكاذب من أصدق الناس...
والجاهل سماحة العلامة...
والثرثار أفصح الناس...
والتفاهة إتقان لا حد له... وهلم جرًا!


دعاوى يستحي الشيطانُ منها
ويبرأ من سفالتها الخليعُ!
مغيّب الوعي.. يقول للخلائق: إن الشمس لم تطلع بعد، رغم وهجها الساطع، وأنه يقرأ مع الليل البهيم، وأن الأخبار الضعيفة صحيحة كالبدر، والخرافة برهان منير، والباطل سنن مبرورة، والبدع تجديدات مستحسنة، والأمة على مايرام! فكل واملأ بطنك فالحياة طيبة هنيئة..!


وما كأن المسلمين يئنون من رماح الجهل، وأعمدة التخلف، ووقود التغييب، وركائز الجمود، التي أسهمت بدرجة كبيرة في رحلة التراجع الحضاري والفكري، الذي نشقى من تبعاته!

وٰلد أئمة ووجدوا، وتفقهوا حتى تجاوزوا عصرهم، فأنبتوا وعيًا حسنًا، وآخرون كانوا أئمة وفضلاء، ولكن في جودة التغييب، ورعاية منابع التجهيل والاستغفال، حتى فقدنا دورنا، وتسلط علينا أعداؤنا، وأسأنا فهم الإسلام!


إن الوعي شيء آخر، غير مجرد القراءة والتعلم، وجمع الكتب، -وان كانت هذه بعض أدواته- إذ هو استعداد ذهني لتجاوز ما في المعلومات، والفهم الدقيق للظروف المحيطة بالإنسان عبر خيال فسيح، وأدوات سليمة، تتنافى مع الجهالة والتسطيح، والتزييف أو المزايدة!

إضاءة: أعطوني وعيًا، أعطكم أمة رائدة..!

 

والسلام.

 

د.حمزة بن فايع الفتحي

  • 1
  • 0
  • 834

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً