مشروع السيسي يهيئ الصحراء الغربية لتكون امتدادًا للدولة المسيحية في وادي النطرون
نحن أمام تخطيط استعماري خبيث، وخطط للتقسيم تقف خلفها دول وقوى عالمية، تتلاعب بالدولة المصرية وتخترق كل مفاصلها، تريد تمرير مخططات مدمِّرة، ليست في صالح مصر وليست في صالح مستقبلها وهي تطمع في تحقيق كل أهدافها بأسرع ما يمكن مستغلة حالة الفوضى التي تعيشها البلاد منذ الانقلاب.
التقسيم الإداري الجديد الذي يتبناه المشير السيسي يعيد ترسيم 60% من مساحة مصر وفق مخطط خارجي صليبي لسلخ الصحراء الغربية عن التجمعات البشرية وجعلها خالية من السكان استعدادًا لبيعها لساويرس والشركات الصليبية العالمية لتكون الظهير الصحراوي لإمارة رهبان وادي النطرون التي ستُعلن باسم محافظة العلمين.
الخريطة التي أعدّتها دوائر استعمارية ويُقدِّمها السيسي على أنها مشروعه الرئاسي تفصل الصحراء الغربية عن وادي النيل وتضع حدًا لعمليات الاستصلاح حاليًا التي يقوم بها الأهالي وشباب الصعيد بجهودهم الذاتية، حيث يضع المشروع حدودًا تفصل الصحراء عن الصعيد المكتظ بالسكان بإعطاء المحافظات من أسوان وحتى بني سويف ظهيرًا صحراويًا في حدود 100 ألف فدّان فقط لكل محافظة وهذه المساحة لا تكفي أمام الزيادة السكانية التي تشهدها البلاد.
وتم تقسيم محافظة الوادي الجديد إلى ثلاث محافظات: الواحات، الوادي الجديد وتوشكي، وذلك لتفكيك السلطة الواحدة في الإقليم وتغييب العين الواحدة عن متابعة ما يحدث في هذه المساحة الضخمة، وحتى لا تعلم أي محافظة ما يحدث في المحافظات الأخرى من تحركاتٍ للشركات للاستيلاء على الأراضي.
ونفس الأمر فعلوه مع محافظة مرسى مطروح التي "قصّقصوها" عن يمين وشمال، فقسَّموها ثلاث محافظات ليعزلوا منطقة الوسط التي بها كثافة سكانية وجعلوها هي المحافظة، لتجنب بأس أولاد علي، وهي قبائل عربية تنتشر في مطروح والمنطقة الغربية، وأنشأوا محافظة جديدة خاوية من السكان في الجزء الغربي باسم محافظة سيوة، ثم أنشاوا في الجزء الشرقي بعد أن أضافوا إليه الظهير الصحراوي لمحافظة البحيرة محافظة لرهبان صحراء وادي النطرون ووضع حجر الأساس لإمارة مسيحية في هذه المنطقة والاعتراف رسميًا بنواة دولة مدعومة صليبيًا تطمع في كامل الصحراء الغربية، وأقول صليبية لأن من يقف خلف هذا التخطيط دوائر خارجية وغرف عمليات دولية تتعاون معها دوائر انفصالية محلية لا تمثل كل المسيحيين المصريين الذين ربما لا يعلمون تفاصيل ما يدور وربما لا يوافق أغلبيتهم عليه.
وقد شرحت في مقال سابق كيف استولى رهبان الصحراء على آلاف الأفدنة ووضعوا أياديهم على مساحات شاسعة طوال 3 عقود وحتى الآن في الصحراء مع التركيز على المنطقة من وادي النطرون وحتى العلمين بالساحل الشمالي.
وقد كتبت المقال بعنوان: "مشروع السيسي يضع الأساس للدولة المسيحية في وادي النطرون".
وما قام به رهبان الصحراء الغربية من استيلاء على الأراضي قام به رهبان اليونان في جنوب سيناء ليقيموا فاتيكان جديدة ويأتي مشروع المشير السيسي ليقسم محافظة جنوب سيناء لتأسيس هذه الإمارة المسيحية الأخرى، وقد كتبت مقالًا مفصّلًا حول هذا بعنوان: "السيسي يضع الأساس لإمارة مسيحية أخرى في سيناء لرهبان اليونان".
ونعود إلى الصحراء الغربية فقد قرَّر واضعو مشروع التقسيم إخلاء الصحراء لتكون بدون سكان حتى لا ينازع المصريون مُلَّاك الصحراء الجدد الذين استعدُّوا ووزَّعوها على أنفسهم وفي انتظار عمليات البيع الصورية لإتمام الشراء والحصول على الموافقات الرسمية، ولن يستطيع أحد الطعن على هذه العقود بعد التحصين الذي أصدرته حكومة الانقلاب بمنع المصريين من الطعن على الاتفاقات والعقود التي تبرمها الدولة.
الذين وضعوا الخريطة يريدون تقديم الصحراء الغربية على طبقٍ من ذهب للشركات الدولية لشرائها وتملكها إلى الأبد لحرمان المصريين من مجرد التفكير في التوجه غربًا وحرمان الأمة المصرية والأجيال القادمة من تحقيق الحلم في تعمير الأرض التي كانت مزرعة القمح للإمبراطورية الرومانية، ومن قبلهم زرعها سيدنا يوسف عليه السلام لمواجهة القحط والسبع سنوات العجاف التي وردت قصتها كاملة في القرآن في سورة يوسف، وبزراعة هذه الأراضي نجت مصر والشعوب المحيطة بها من المجاعة.
فالصحراء الغربية بها ما لا يقل عن 6 مليون فدَّان مسطحة ومستوية صالحة للزراعة، وتتفجر العيون بالماء في الواحات وتعوم الصحراء على خزان جوفي لا يحتاج إلى أي جهد غير دق مواسير قطرها 6 بوصة و12 بوصة لتتدفق المياه إلى ارتفاع 20 مترًا فوق سطح الأرض بدون كهرباء وبدون ماكينات سحب، وأخبرني العالِم الجليل الدكتور خالد عودة بأن مساحات شاسعة من التربة طينية تغطيها طبقة من الرمال ارتفاعها نصف متر فقط.
وقد تنبّه الدكتور محمد مرسي لأهمية الصحراء فبدأ بإجراءات توزيع مليون فدّان على الشباب في الجزء الشمالي ولكن عجلة الانقلاب كانت قد دارت وأوقفت التوزيع. وقد سجّل مراسل قناة الجزيرة النابه الأستاذ صابر مشهور حلقة عن هذه الأراضي التي يتآمرون عليها وكيف أنها لن تكلف شيئًا غير فتح الباب أمام الشباب المصري لتحل مشكلة مصر على الأبد، وكشف عن شروع الدولة في عهد مرسي وبالتعاون بين حزبي الحرية والعدالة والنور في توزيع الأراضي، وهذا في تقديري من أهم الأسباب التي دفعت الدوائر الصهيونية والصليبية لرعاية الانقلاب لأن الصحراء الغربية هي مستقبل مصر ومفتاح الخروج من الانهيار الاقتصادي الذي نعيشه.
وهذا رابط الحلقة التي أعدّها صابر مشهور التي تكشف ما يخفى علينا ويعلمه أعداء مصر:
https://www.youtube....h?v=8JRKxpPA6iE
إن الدوائر الخارجية تعمل منذ عقود على إبقاء الصحراء الغربية بدون تعمير وخالية من السكان، فتجاهلت الحكومات المتعاقبة منذ عبد الناصر الذي أنشأ محافظة الوادي الجديد لبدء عملية التعمير ثم تراجع ولم يكمل المشروع تحت الضغوط (مثل مشروع الفضاء والمشروع النووي)، ومرورًا بالسادات الذي أكمل التجاهل حتى جاء حسني مبارك الذي تحرّك في اتجاه آخر بالتخلص من ملكيتها مثل ما فعل مع القطاع العام، فبدأ في تمليك الصحراء للشركات الأجنبية ومنع المصريين من دخولها.
فعندما زاد الفيضان وبدأ تنفيذ مفيض توشكي للاستفادة من المياه العذبة الزائدة قام الرئيس المخلوع مبارك ببيع الأراضي للشركات الأجنبية بواقع 100 ألف فدّان للشركة الواحدة، ورفض البيع لشباب مصر الذي قتلته البطالة ودون وضع خطة قومية للاستفادة من هذه الأراضي لزراعة القمح والحبوب وتحقيق الاكتفاء الذاتي وإعطاء دفعة حقيقية للاقتصاد الوطني بتنمية حقيقية وليست وهمية.
وقام مبارك بإعطاء الأراضي لبعض رجال الأعمال المرتبطين بالدوائر الأمريكية والغربية، فوزَّعها عليهم بالأمر المباشر وبدون مقابل يُذكر، فالوليد بن طلال حصل على 100 ألف فدّان بسعر 50 جنيها للفدّان، ولم يزرع الوليد منها أكثر من ألف فدّان وقام بنقل إنتاج مازرعه إلى الخارج، أي لم يستفد الاقتصاد الوطني منه شيء.
ونفس السلوك قامت به الشركات الأخرى التي استولت على أراضي توشكي في أقصى جنوب الصحراء الغربية فكانت النهاية الصادمة وتبخّرت الآمال التي صاحبت بداية المشروع وضاعت معها طموحات الأجيال قبل المليارات التي أنفقتها الدولة، وهذا يكشف أن بيع الصحراء الغربية للشركات ليس مقصودًا منه التعمير والزراعة وإنما نزع الملكية من الدولة لإغلاق باب التفكير في تعمير الصحراء إلى الأبد وتقوم هذه الشركات ذات الأسماء العربية والخليجية ببيعها للشركات الصليبية فيما بعد.
مشروع السيسي يواصل ما بدأه مبارك ولكن بما هو أخطر، فهو يفتح الباب أمام بيع الصحراء الغربية للصليبية العالمية لتضع يدها على ثروة الأجيال القادمة وإعطاء الصحراء المخلية من السكان لساويرس وشركائه الذين استعدوا للانقضاض على الشراء، بل إن ساويرس لم ينتظر حتى تنصيب السيسي وعرضها للبيع رسميًا فأعلن محافظ الوادي الجديد صاحب تمثيلية تأييد السيسي فبل استقالته أنه أعطى سميح ساويرس 30 ألف فدّان في الوادي الجديد.
نحن أمام تخطيط استعماري خبيث، وخطط للتقسيم تقف خلفها دول وقوى عالمية، تتلاعب بالدولة المصرية وتخترق كل مفاصلها، تريد تمرير مخططات مدمِّرة، ليست في صالح مصر وليست في صالح مستقبلها وهي تطمع في تحقيق كل أهدافها بأسرع ما يمكن مستغلة حالة الفوضى التي تعيشها البلاد منذ الانقلاب.
- التصنيف: