شذراتٌ لمَن تفيَأ أفيَاءَ الإجَازة

منذ 2014-05-30

ولعلي أشيرُ هنُا لشذراتٍ يَشتمُ شذاها العابِر، ويبلغُ سَناها القاعِد، ويُوقظ صَداها الراقِد.. فإن تكُ هذه الكليمَات نميرًا عذبًا وصَوابًا خالصًا.. وفقَ مايُرتجى فتلكَ عطايا الرحمنُ وماتعدُ ولا تحَد.. وإن تكُ رثة هشّة، هلهلة مُترهلة.. فغضُوا الطرْفَ عنها كمَا يغضُ عنِ الغِيد إذ يَمرُرن!

بسم الله الرحمن الرحيم
نتفيأُ أفيَاءَ إجَازةِ لا تربوا على الثلاثة أشهُر..
لكنها والله كفيلة بأن تحْدث في حيَاتكَ تغيُرًا جذريًَا..
كَافيَة أن تكُونَ نقطة تحَول في عمْرك، مِن بلقَعٍ يبَاب إلى مرْبع خصْب..
إذا مَا أصْلتَ على نفسِك صمْصَامَ العَزم، وسَللت عليْها حُسَامَ الهمَة..
فالنفسُ ما حمَلتها تتحمّل، وما عودتهَا تألف!


والأيَامُ تعْدوا سِراعًا، والليالي تركضُ ترجُوا لحَاقها، وكأنهمَا في مضْمار سِباق..
والصُحُف تخط، والأزمانُ تطوى، والأعمالُ ترْقم، والأعمارُ تسْلب!
وكُن عَلى بيّنة ويقين أنكَ ما تسْمُمو في الدُنى ولا الأخرَى، وأنتَ عَلى سَنَنِ هواكَ تمضي..
لا بُد أن تأطر نفسَك على ماتقليه، وترْغمُها عَلى ماتبْغضه، وتقودهَا إلى مالمْ تألفه، وأن تخلصْ تفزْ بوعد الله إذ وعَد اللذين جاهدُوا فيه أن يهديَهُم سُبله.. والله لا يخلفُ الميعاد! {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].

ولعلي أشيرُ هنُا لشذراتٍ يَشتمُ شذاها العابِر، ويبلغُ سَناها القاعِد، ويُوقظ صَداها الراقِد..
فإن تكُ هذه الكليمَات نميرًا عذبًا وصَوابًا خالصًا.. وفقَ ما يُرتجى فتلكَ عطايا الرحمنُ وما تعدُ ولا تحَد..
وإن تكُ رثة هشّة، هلهلة مُترهلة.. فغضُوا الطرْفَ عنها كمَا يغضُ عنِ الغِيد إذ يَمرُرن!

الشذرة الأولى:
صَلاتك، أعد فيها النظرَة، كرَة بُعيْد كرَة، تفقد قلبَك فيها، في أيّ فلكٍ يدورْ؟! وفكركَ في أيّ شيءٍ يسْبح؟!
حَاذرْ أن ترد القيامَة فيفجأك العِقابُ عليْها، وكنتَ ترجُوا أن تثابَ عليْها!
خفْ أن تكُون من اللذينَ يرْمونَ بها كمَا يُرمى السّربالُ الخَلق فتدعُوا عليْك صَلاتك "أن ضيعْه يالله كما ضيّعني"، أصْلحهَا قبْل أن يُبادركَ الأجَل!

الشذرَة الثانيَة:
رد حياضَ القرآن، واغرفْ من بحَارهْ، فإنَ لهُ سَكبًَا باردًا عَلى القلوبْ، وانثيَالًا عَذبًا عَلى الأرواحْ..
وإنه لمثمُرٌ، مغدقْ، وإنَ لهُ لحلاوَة، وإنَ عليْه لطلاوَة!

الشذرَة الثالثَة:
انهَل من منهِل السيرَة الزاكية.. تنعشْ جوانحك.. تبهجُ أرجَاءَك..
حتمَا تأنسُك مرابعهَا.. وتسْليكَ مغَانيهَا.. وتبْكيكَ أواخرُها.. ولتجدنّ أثرَها عليْك ما أحياكَ الله!


الشذرَة الرابعَة:
حاول أن يكون بينَك وبين الله خبيئة عمل صالح.. تفعلها كل يوم.. لا تخطر ببال أحد.. ولا تلج خيال بشر..
في موضع تخلوا فيه أنت ونفسك والله ثالثكما.. واهتم بإخفآئها أشد من اهتمامك بإخفاء فجَراتكَ عن الصالحين..
واحرصْ لا يشبها عُجب.. فتضيعُ أنت وهيَ والأجر!

الشذرَة الخَامسَة:
اسْتهلَ هذهِ الإجازة محَافظًا على الأذكَار قبْل بزوُغِ الشمْسِ، وقبْل غرُوبها لعلكَ ترضى..
لا تستهن بذكْر.. ولاتسْتصْغِر تسْبيحَة.. فمَا يُدريك؟!
لعلَ حسَنة ترجحُ الميزان فتولجُك الجنَان، وتقيكَ النيران!

الشذرَة السَادسَة:
إيَاكَ أن يَنقضي يومُك كلهُ ومَا ارتفعَ حِفظكَ مِن كتابِ الله ولازاد، ولوْ أن تحْفظ يَوميًا خمسة أسْطر..
وعوّد نفسَك أن لايُثنيَك عَن هذا القدْر إلا نزعُ الرُوح..
فإنَ هذه النفسَ لوْ قدْتهَا أيامًَا إلى الخيْر وهيَ كاهة لسَاقتكَ إليْه -بإذن الله- سِنينًا وهيَ جذلى!

الشذرَة السَابعَة
احفظ حديثًا كل يوم ولا تسْتصعبه.. فهو هين يَسيرْ.. سَاعة تكفيك وأكثر.. وإن أبتْ بك همتك الا القعود فاحفظه كلّ يوْميْن.. جَاهد نفسك.. روضها.. عوّدهَا.. أعلُ معها واسْفُل..
حتى تنقاد وتذعن.. فما عودتها والله تعتاد.. وما أوردتها عليه ترتَاد!

الشذرَة الثامنَة:
غمَار الفقه خضْها كلَ اثنيْن، وأغوَارهُ اسْبُرها كلَ خميسْ.. اجعلهُ أمرَا قسْرَا على نفسك.. ولو سَاعة في الأسْبوع دوّن أهمَ ما سْتفدت في كُتيب مُلاحَظات.. أو في هاتِفك وتعَاهدهُ بالاطلاعْ.. فإن تفعل لتجدنّ لذلك نفعًَا ما كان عنكَ يخال، ولا بكَ يُظن!

الشذرَة التاسِعة:
اسْمُ بأسْلوبك مع والديك.. ومن له حق عليْك..
عاملهم وفقَ ما تريد أن يعَاملك الله به.. وخالقْهُم بنفس النهْج الذي ترُوم أن يخآلقكَ بها بنُوك..
واحتسب.. والله لا يضيع أجرَ المحسنين!

الشذرة العاَشرَة:
اترك كلّ شهر ذنبيْن أوْ ثلاث تبتغي بذلك وجْه الله والدار الآخرة.. و حاَول أن يكون مَا ستقلعُ عنهُ محبَبَا لنفسِك..
كيما يُثبك الله ثوابًا.. يقصُر عنهُ أملك.. ولا يبلُغه ظنك.. ولا يُدانيهِ توقعُك..

وأخيرًا:
أيما كلالٍ أصَابك، أو لغوبِ تغشاك، أوْ ملل اعتراك..
فإن الله يَأجُركَ عليْهومَا ترافقِ المجْد إلا بمفارقة مضاجعِ الدعَة..
ومَا تصَاحبِ العُلا إلا بمجانبَة لـُجج الوسَن والكَرى!

هذه الشذراتْ أهْديهَا لنفسي ولمَن عَلى شاكلتِي، فإن يُوفقني اللهُ للعمَل بهَا ويقبَلها فذلكَ ذرى مايُبتغى!
وإن تحُل ذنوبي بيْني وبيْنَ العمَل بهَا -أعُوذ بالله-، فإني أطلبُ الله أن لا يَسْلبَني أجْر الدلالة على الخيْر!
وسَلوا الله لنا الهِدايَة والقبٌول والرِضا.

ميمونة محمد الهاشمي

  • 0
  • 0
  • 742

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً