ذكريات في المشفى - (13) وكنتُ عديمة الفَقه!
تقول صاحبتنا:
وشهدنا رمضان في المشفى... وكنتُ متمسِّكةً بالصوم مهما شقَّ عليَّ الأمر..
فتعجَّب الأطباء من تمسُّكي بالصيام؛ فلا أحد من مرضى هذا القسم يصوم في رمضان..
والحق لم يعزموا عليَّ لأترك الصيام؛ ناظرين ما ستُسفِر عنه الأيام..
أما أبي الحبيب.. فقد فرغ فؤاده، وراجعني كثيرًا في الصوم مُقرِّرًا عدم سداده..
فلما أكثر عليَّ الملام والعزم لأترك الصيام، أوهمته أني لا بد سأُفطِر بالتزام..
فلما أخذ مني العهد على الفطور، انصرف حفظه الله في شبه رضًا وحبور..
ولكنه راقبني في كثير من الأوقات، فألفني صائمة بإصرارٍ وعناد..
فجرت دموعه حفظه الله يا بنيتي: تغلبني شفقتي، فأنتِ حبيبة مهجتي!
فبكيتُ أستدر عطفه: دعني صائمة علِّي لا أصوم بعده...
فزاد بكاؤه حفظه الله ويأس من استجابتي لرجاه..!
وفيما بعد... فيما بعد كلَّما تذكرت: كم أجريتُ دموعه في كِبره، ولم أرحم بعنادٍ تفطّر قلبه.. ندِمتُ على ما أسلفت، وقلتُ في نفسي: ليتني برخصة الرحمن أخذت... ولات حين مندم!
ولكن هذا حال من عدم الفَقه، يُقدِّم ما يهوى على ما يجدر به والأَوْلى..!
وكلما قسا على قلبي أحد الأولاد، تذكرتُ قسوتي على أبي في صومي وشديد العناد..
يا الله! كم كنتُ قاسية جاهلة، أظن أني إلى السداد راشدة وبه عاملة!
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا...
يتبع...
- التصنيف: