عودة إلى رمضان السلف

منذ 2014-07-01

لا ريب أن عبادة الله جل وعلا هي غاية المسلم في الحياة، فعبادة الله سبحانه تشمل كل الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة التي يرضي عنها الله جل وعلا وبذلك فهي غاية مستمرة استمرار الحياة في الإنسان المسلم ولكن هذه الغاية تكون أشد ترغيباً في شهر جليلة فضائله، كثيرة فوائده، عظيمة مناقبه، فقد أنزل الله فيه القرآن وبسط فيه نفحات الغفران. وضاعف فيه الإحسان قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}.


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

وبعد:
فإن الله جل وعلا قد خص شهر رمضان بمزايا خيرة، وبفضائل نيرة، فجعله شهر الإيمان والتقوى، وشهر الفرقان والهدى، وضاعف فيه الأعمال، ورفع به درجات الصائمين في الأولى والمآل، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185].

فطوبى لمن صامه إيماناً واحتساباً، واجتنب به النار اجتناباً، فكان في نهاره من الذاكرين، وفي ليله من العابدين الشاكرين، وعلى جوعه وعطشه من المحتسبين الصابرين، قال رسول الله صلى الله عليه مسلم: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه)، فما هي أحوال السلف في رمضان؟

رمضان شهر التعبد والتوبة:
أخي الكريم؛ لا ريب أن عبادة الله جل وعلا هي غاية المسلم في الحياة، فعبادة الله سبحانه تشمل كل الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة التي يرضي عنها الله جل وعلا وبذلك فهي غاية مستمرة استمرار الحياة في الإنسان المسلم ولكن هذه الغاية تكون أشد ترغيباً في شهر جليلة فضائله، كثيرة فوائده، عظيمة مناقبه، فقد أنزل الله فيه القرآن وبسط فيه نفحات الغفران. وضاعف فيه الإحسان قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}.

وقال صلى الله عليه وسلم: «نزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان» (رواه الطبراني في الكبير).

فشهر رمضان سلوان كل مذنب، وتذكرة لكل غافل، وتعليم لكل جاهل، وترغيب لكل عامل. فيا من أسرف على نفسه وأتبعها الهوى، وجانب الصواب في أيامه وغوى، ها قد أتاك الكريم بشهر كريم تجدد فيه إيمانك وتمحو به عصيانك، وترد عنك فيه مغبة الذنوب، وتتوب فيه وتؤوب!

أخي، وتذكر أن إدراكك لهذا الشهر المبارك نعمة عظيمة، ومنة كريمة، فهي فرصة وغنيمة!
ففيه يضاعف الثواب والعبادات، وفيه تفتح أبواب الجنات، وفيه تستجاب للصائم الدعوات، ومن صامه إيماناً واحتساباً كفَّر عنه ما تقدم من ذنوب وخطيئات!

فاجعل أخي من رمضان شهر عبادة، ودليل سعادة، وخير وزيادة!
قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور من الآية:31].
فإذا كان الله جل وعلا قد دعا إلى التوبة رجاء الفلاح في سائر الأوقات، فإن أفضل أوقات التوبة وأزكاها شهر رمضان الكريم بما حباه الله من فضائل وخصائص تدل على بركته وعظيم شأنه.

قال السري السقطي: "السنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، وأنفاس العباد ثمرتها، فشهر رجب أيام توريقها وشعبان أيام تفريعها ورمضان أيام قطفها، والمؤمنون قطَّافها".

أخي؛ لو فتح لأهل القبور باب للأماني لتمنوا حياة يوم في رمضان؛ يجوعون فيه لله! يظمأون فيه لله! ويحيون نهاره بتلاوة القرآن، وزيادة الإيمان، وطلب الغفران، ويحيون ليله بالتعبد والقيام، والدعاء والبكاء، والتضرع وطلب العتق من النار.

أخي؛ فها أنت ذا تُحيى صحيحاً سليماً، وها قد أتاك رمضان، وأنت ضارب عنه صفحاً بالنسيان، أتراك نسيت فواضله؟! أم أتراك جهلت مناقبه؟! أم تراك ضمنت الغفران فلم يستنفر إيمانك مجيء رمضان؟!
تأمّل حفظك الله في هذا الشهر وأعظم به من شهر! وتذكر يوم توضع في القبر.

 

وقل ساعدي يا نفس بالصبر ساعة *** فما هي إلا ساعة ثم تنقضي
فعند القا ذا الكد يصبح زائلا *** ويصبح ذا الأحزان فرحان جاذلا


تذكر: «أن للَّه في كل يوم وليلة عتقاء من النار في شهر رمضان وأن لكل مسلم دعوة يدعو بها فيستجاب له» (رواه أحمد بسند صحيح).
تذكر: "أن في رمضان ليلة القدر خير من ألف شهر قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر:3].
تذكر: «أن من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه).

تذكر: أنه «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلّقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين» (رواه البخاري ومسلم).
وتذكر: «أن الله جل وعلا يقول: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به» (متفق عليه).

أخي؛ تأمّل فيما يفوتك في شهر الرحمة والغفران! وتذكر من صام معك رمضان الماضي، هل أدرك معك رمضان اليوم أم أهلكته المنون القواضي!

فبادر رحمك الله بالتفرغ للعبادة، والتوبة والاستغفار، والمحافظة على الأذكار، والتبتل والدعاء بالأسحار.
كان الإمام مالك رحمه الله إذا دخل رمضان نفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف.

وكان بعض السلف يختم القرآن في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، منهم قتادة، وبعضهم في كل عشر منهم أبو الرجاء العطارديّ.

وكان الأسود يقرأ القرآن في كل ليلتين في رمضان.
وكان النخعي يفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصة، وفي بقية الشهر في ثلاث. وكان قتادة يختم القرآن في كل سبعٍ دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث وفي العشر الأواخر كل ليل.

وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة وعن أبي حنيفة نحوه.
أخي؛ تذكر أن فلاح الدارين متعلق بتحقق التقوى في نفسك، ثم تذكر أن رمضان سبيل التقوى، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183].
فكيف يعبد المسلم ربه في رمضان وكيف يقضي لحظاته حتى يكون من المتقين الفائزين بفضله وثوابه؟

كيف تقضي شهر رمضان:
ولئن كان الناس يفرحون بقدوم موسم الصيام، ويجدون فيه خيراً وبركة إلا أن القليل من يقضيه على الوجه الذي يرضي الله، ويعمّره بالطاعات والقربات وأداء الواجبات، ولربما تستجد في رمضان أنواع كثيرة من المخالفات التي لم تكن في الشهور قبله، كالإسراف والتبذير وتضييع الصلوات والسهر أمام برامج القنوات، وإضاعة الأوقات في اللعب والتسكع في الطرقات كل ذلك بحجة الإجهاد والعياء والتسلية انتظاراً لساعة الفطور.

ولو تأمّلنا في حال السلف، وتتبعنا كيف كانوا يقضون أيامهم في رمضان، وكيف كانوا يعمرونها بصالح الأعمال لعلمنا بعد المفاز بين ما نحن عله وما كانوا عليه.
 

وكل خير في اتباع من سلف *** وكل شر في ابتداع من خلف

 

فكيف نعيش رمضان كما عاشه السلف:
أولاً: مراعاة أحكام الصيام:
فصيام رمضان ركن من أركان الإسلام، ولا يصح هذا الركن إلا بشرطين اثنين:
1- الإخلاص لله جل وعلا لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى» (من حديثٍ رواه البخاري).

2- الإتباع لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (رواه البخاري)، والواجب على المسلم المقبل على الصيام أن يراعي هذين الشرطين اللذين بهما يتحقق صيامه.
فأما مراعاة الإخلاص فتكون بتوجيه القلب إلى الله وحده وإرادة الثواب منه وحده. وأما مراعاة الإتباع في الصيام فتكون بالعلم بأحكام الصيام جميعها حتى يصح صيام السلم وينال به الفضل والثواب ويدفع به المغبة والعقاب.

وهل يعقل أن يحقق المسلم الإتباع لرسول الله في الصيام وهو يجهل واجبات الصيام ومبطلاته وأركانه.

أخي الكريم؛ وحتى يكون صومك على هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنصحك بتعلم أحكام الصيام والاطلاع عليها وسؤال أهل العلم والفتوى وحضور دروس التوعية والإرشاد، فإن الجهل بأحكام الصيام قد يوقع المسلم في محظور من محظورات الصيام أو مفطر من مفطراته.

ومما ينبغي الإلمام به في هذا الأمر بإيجاز:

الأول؛ أركان الصيام:
وهي أربعة أركان: النية والإمساك عن المفطرات والزمان وهو من طلوع الشمس إلى غروبها والصائم وهو المسلم البالغ العاقل القادر على الصوم الخالي من الموانع.

الثاني: مفسدات الصيام وهي:
1- الجماع في نهار رمضان.
2- إنزال المني باختياره.
3- الأكل والشرب متعمداً.
4- ما هو في حكم الأكل والشرب مثل حقنة الإبر المغذية والدم.
5- الحجامة.
6- التقيء العمد.
7- خروج دم الحيض والنفاس.


الثالث: مكروهات الصيام وهي كثيرة ومنها:
1- المبالغة في المضمضة والاستنشاق عند الوضوء.
2- الوصال في الصيام.
3- جمع الريق وابتلاعه.


الرابع: آداب الصيام الواجبة ومنها:
1- اجتناب الكذب.
2- اجتناب الغيبة.
3- اجتناب النميمة.
4- اجتناب شهادة الزور.
5- اجتناب الغش في المعاملات.


الخامس: آداب الصيام المحتسبة:
1- تأخير السحور وتعجيل الفطور.
2- كف اللسان عن اللغو وفضول الكلام.
3- إفطار الصائم.
4- التقرب إلى الله بالصدقة وصالح الأعمال.


أخي الكريم؛ وتذكر أن التوفيق لصيام رمضان بإيمان واحتساب لا يتم إلا بمراعاة أحكامه وشروطه، واتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه، فليس الصيام مجرد جوع عن طعام وشراب، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» (رواه البخاري).
أخي؛ فلا يفوتك الإلمام بأحكام الصيام فإنها أساس الصيام، ولا يفوتنك العمل بها فإن العاملين بها قليل.

ثانياً: المحافظة على الفرائض:
فالصلاة هي عمود الدين وقبول الصيام يستلزم قبولها، فكيف يستسيغ أناس التفريط في الصلوات الواجبة وتضييعها، بينما يصومون في اليوم نفسه، وهم يعلمون أن الحفاظ على الصلوات في أوقاتها أوجب وأوكد في الإسلام. قال صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بينا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم).


كان ثابت البناني رحمه الله تعالى يقول: "لا يكون عابد أبداً عابداً، وإن كان فيه كل خصلة خير حتى تكون فيه هاتان الخصلتان، الصوم والصلاة، لأنهما من لحمه ودمه".

قال مبارك بن فضالة: "دخلت على ثابت البناني في مرضه وهو في علوله، وكان لا يزال يذكر أصحابه فلما دخلنا عليه قال: يا إخوتاه لم أقدر أن أصلي البارحة كما كنت أصلي، ولم أقدر أصوم كما كنت أصوم، ولم أقدر أن أنزل إلى أصحابي فأذكر الله كما كنت أذكره معهم". ثم قال: "اللهم إذا حبستني عن ثلاث فلا تدعني في الدنيا ساعة: فمات من وقته". وكثير من الناس تستهويه الأفلام والمسلسلات، أو النوم والغفلات فيعرض عن أداء الصلوات... ويحسب أن الأمر هيّن وهو عند الله عظيم.

ثالثاً: الحفاظ على التراويح:
قال صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه».
وفي حديث السائب بن زيد قال: "كان القارئ يقرأ بالمئين -يعني بمئات الآيات- حتى كُنّا نعمد على العصي من طول القيام قال: وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر".

ومما ينبغي لك أخي الكريم مراعاته عدم الانصراف قبل الإمام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» (رواه أبو داود والترمذي).

وإن من تمام الإيمان والاحتساب في الصيام الحرص على القيام، وعدم التضجر منه أو التشاغل عنه في رمضان، لا سيما في زماننا حيث كثرت أسباب الفتنة وأصبحت قنوات عدة تتفنن في غرض البرامج المغرية والأفلام والمسلسلات بعد الإفطار مباشرة مما يجعل كثيراً من الناس عن القيام غافلين وبما يرونه من مجون ولهو معجبين.

رابعاً: الإكثار من الذكر وقراءة القرآن:
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل عليه السلام فيدارسه القرآن، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فالرسول عليه الصلاة والسلام حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة".

وقد سبق أن ذكرنا نماذج من حرص السلف على تلاوة القرآن ومدارسته في رمضان، وكيف وقد أنزل الله فيه قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة من الآية:185].

فشرَّف الله وقته بشرف القرآن، وجعل تلاوته فيه مضاعف أجرها، ووابل خيرها.
وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف.

وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن. وينبغي لك أخي الكريم تقرأه بتدبر وخشوع حتى تتذوق ثمرة التلاوة. وأن تحرص على الأذكار المأثورة فإنها مقامع الشيطان وسبيل نيل رضى الرحمن، لا سيما أذكار الصباح والمساء، والحمد والتسبيح والاستغفار، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الغداة أي الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس.

وصح عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ، وَعُمْرَةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ» (رواه الترمذي من حديث أنس بن مالك).

خامساً: الجود والصدقة: 
فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة صدقة في رمضان» (رواه الترمذي)، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة حيث قال عليه الصلاة والسلام: «إن الجنة غرفاً يرى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها!» قالوا لمن يا رسول الله؟ قال: «لمن طيّب الكلام، وأطعم الطعام وأداما لصيام، وصلى بالليل والناس نيام» (رواه الترمذي).

وجاء سائل إلى الإمام أحمد فدفع إليه رغيفين كان يعدهما لفطره ثم طوى وأصبح صائماً.
وصور الصدقة والجود متعددة منها: إطعام الطعام، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مؤمناًً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم» (رواه الترمذي).
وإفطار الصائم: فقد قال صلى الله عليه وسلم: «من فطّر صائماً كان له مثل أجره لا ينقص من أجر الصائم شيئاً» (رواه الترمذي).

وكان كثير من السلف يؤثرون بفطورهم وهم صائمون منهم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وداود الطائي ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين.

سادساً: الاعتكاف والإكثار من العبادة في العشر الأواخر:
فسنة الاعتكاف قد تركها كثير من الناس القادرين عليها مع ورودها في الكتاب والسنة، وقد كان السلف أحرص على فعلها والقيام بها لما فيها من الأجر العظيم ولمناسبتها للعشر الأواخر التي تلتمس فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.

والاعتكاف عبادة تتيسر معها سائر العبادات من قراءة للقرآن والصلاة والذكر والدعاء، فعن أبي هريرة قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً". وللاعتكاف أحكام ينبغي على الصائم المريد لهذه العبادة الجليلة أن يطلع عليها، فبها يكون اعتكافه صحيحاً على السنة.

سابعاً: تحري ليلة القدر والإكثار من الدعاء:
فإن الصوم من أسباب إجابة الدعاء، فينبغي للصائم أن يحرص عليه طيلة شهر رمضان فهو أوسع أبواب الخير وأسهل الطرق إليه، قال: أعجز الناس من عجز عن الدعاء.

ولا سيما وأن حرص المسلم على قيام رمضان يناسب وقته السحر وهو وقت مبارك تستجاب فيه الدعوات وتكفَّر فيه السيئات وتقضى فيه الحاجات، واحذر أخي الكريم أن يفوتك الخير العظيم، والفضل الكريم: ليلة القدر، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه».
فأعظم بها من ليلة تُغفر فيها سائر السيئات، وتنال بها الدرجات، وإنها لحرية بالتحري، وجديرة بالحرص عليها رجاء التوفيق لخيرها العظيم.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

  • 11
  • 0
  • 22,315

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً