رمضانيات : أم هانيء - (11) أحكام وأصول رمضانية

منذ 2018-06-04

الفرق بين زوال المانع وتجدُّد الوجوب.. وكذا الفرق بين من أفطر لعذر ومن أفطر بلا عذر.

1- الفرق بين زوال المانع وتجدُّد الوجوب.
2- وكذا الفرق بين من أفطر لعذر ومن أفطر بلا عذر.

قال الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى: "ذكرنا أثناء بحثنا في الصيام أن المرأة إذا كانت حائضًا وطهُرت في أثناء النهار: فإن العلماء اختلفوا هل يجب عليها أن تمسك بقية اليوم فلا تأكل ولا تشرب، أو يجوز لها أن تأكل وتشرب بقية اليوم، وقلنا: إن في ذلك روايتين عن الإمام أحمد رحمه الله:

إحداهما: -وهي المشهور من المذهب- أنه يجب عليها الإمساك، فلا تأكل ولا تشرب.

والثانية: أنه لا يجب عليها الإمساك، فيجوز لها أن تأكل وتشرب..

وقلنا: إن هذه الثانية هي مذهب مالك والشافعي رحمهما الله، وإن ذلك هو المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه فإنه قال: "من أكل أول النهار فليأكل آخره"..

وقلنا: إن الواجب على طالب العلم في مسائل الخلاف الواجب عليه أن ينظر في الأدلة، وأن يأخذ بما ترجح عنده منها، وأن لا يبالي بخلاف أحد ما دام أن الدليل معه؛ لأننا نحن مأمورون باتباع الرسل؛ لقوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ} [القصص:65].

وأما الاحتجاج بما صح به الحديث حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء في أثناء اليوم، فأمسك الناس بقية يومهم، نقول: لا مستند لهم في هذا الحديث؛ لأن صوم يوم عاشوراء ليس فيه زوال مانع، وإنما فيه تجدُّد وجوب، وفرق بين زوال المانع وتجدد الوجوب؛ لأن تجدُّد الوجوب معناه أن الحكم لم يثبت قبل [وجود] سببه، وأما زوال المانع فمعناه أن الحكم ثابت مع المانع لولا هذا المانع، وما دام هذا المانع موجودًا مع وجود أسباب الحكم، فمعناه أن هذا المانع لا يمكن أن يصح معه الفعل لوجوده..

ونظير هذه المسألة التي أوردها السائل نظيرها: ما لو أسلم إنسان في أثناء اليوم، فإن هذا الذي أسلم تجدَّد له الوجوب، ونظيرها أيضًا: ما لو بلغ الصبي في أثناء اليوم وهو مفطر، فإن هذا تجدَّد له الوجوب فنقول لمن أسلم في أثناء النهار: يجب عليك الإمساك، ولكن لا يجب عليك القضاء، ونقول للصبي إذا بلغ في أثناء النهار: يجب عليك الإمساك، ولا يجب عليك القضاء..

بخلاف الحائض إذا طهُرت، فإنه بإجماع أهل العلم يجب عليها القضاء، الحائض إذا طهُرت أثناء النهار أجمع العلماء على أنها إن أمسكت بقية اليوم لا ينفعها هذا الإمساك ولا يكون صومًا، وأن عليها القضاء..

وبهذا عُرِف الفرق بين تجدّد الوجوب وبين زوال المانع، فمسألة الحائض إذا طهُرت من باب زوال المانع، ومسألة الصبي إذا بلغ أو ما ذكره السائل من إيجاب صوم يوم عاشوراء قبل أن يفرض رمضان، هذا من باب تجدُّد الوجوب، والله الموفق" انتهى (مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين: [19]، السؤال رقم: [60]).

الإسلام سؤال وجواب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 

فالصبي إذا بلغ، والكافر إذا أسلم، والمجنون إذا أفاق لهم حكم واحد، وهو وجوب الإمساك ولا يجب عليهم القضاء. وأما الحائض إذا طهُرت والمسافر إذا أقام والمريض إذا شُفي فحكمهم واحد أيضًا، فلا يجب عليهم الإمساك ولا يستفيدون بإمساكهم شيئًا، ويجب عليهم القضاء.

والفرق بين المجموعة الأولى والثانية:

أن المجموعة الأولى: وُجِد فيهم شرط التكليف، وهو البلوغ والإسلام والعقل. وإذا ثبت تكليفهم وجب عليهم الإمساك، ولا يلزمهم القضاء لأنهم أمسكوا حين وجب عليهم الإمساك، أما قبل ذلك فلم يكونوا مكلفين بالصيام.

وأما المجموعة الثانية: فإنهم مخاطبون بالصيام لذا كان واجبًا في حقهم، لكن وُجد عندهم عُذرٌ يُبيح لهم الفطر، وهو الحيض والسفر والمرض فخفَّف الله عنهم وأباح لهم الفطر، فزالت حرمة اليوم في حقهم، فإذا زالت أعذارهم أثناء النهار لم يستفيدوا شيئًا من إمساكهم، ولزمهم القضاء بعد رمضان.

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

"إذا قَدِم المسافر إلى بلده وهو مُفطِر: فإنه لا يجب عليه الإمساك، فله أن يأكل ويشرب بقية يومه؛ لأن إمساكه لا يفيده شيئًا لوجوب قضاء هذا اليوم عليه، هذا هو القول الصحيح، وهو مذهب مالك والشافعي، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله لكن لا ينبغي له أن يأكل ويشرب علنًا" انتهى (مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين: [19]، السؤال رقم: [58]).

وقال أيضًا: "إذا طهُرت الحائض أو النفساء أثناء النهار لم يجب عليها الإمساك، ولها أن تأكل وتشرب، لأن إمساكها لا يفيدها شيئًا لوجوب قضاء هذا اليوم عليها، وهذا مذهب مالك والشافعي وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، ورُوي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: [من أكل أول النهار فليأكل آخره]، يعني: من جاز له الفطر أول النهار جاز له الفطر في آخره" انتهى (مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين: [19]، السؤال رقم: [59]).

وسئل الشيخ أيضًا: من أفطر في نهار رمضان لعذر شرعي فهل يجوز له أن يأكل ويشرب بقية اليوم؟

فأجاب بقوله: "يجوز له أن يأكل ويشرب؛ لأنه أفطر بعذر شرعي، وإذا أفطر بعذر شرعي فقد زالت حرمة اليوم في حقه، وصار له أن يأكل ويشرب، بخلاف الرجل الذي أفطر في نهار رمضان بدون عذر، فإنا نلزمه بالإمساك، وإن كان يلزمه القضاء، فيجب التنبُّه للفرق بين هاتين المسألتين" انتهى (مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين: [19]، السؤال رقم: [60]).

2014-07-03 00:00

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أم هانئ

  • 0
  • 0
  • 7,864
المقال السابق
(10) معانٍ من هنا وهناك
المقال التالي
(12) تبييت النية لصيام الفرض والنفل المعين

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً